مقدمة
شهدت النماذج والدراسات المتعلقة بالتواصل ومكوناته تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة. في البداية، ركز النموذج الخطي أو المباشر على دراسة ثلاثة عناصر أساسية فقط: المُرسِل، الرسالة، والمُستقبِل، بمعزل عن العوامل الأخرى التي ندرك أهميتها اليوم. ومع ذلك، بحلول الأربعينيات من القرن الماضي، كشفت الدراسات عن أوجه القصور في هذا النموذج الخطي وعدم شموليته في تحديد دور المكونات الرئيسية لعملية الاتصال. أدت هذه الدراسات إلى ظهور فرضية جديدة تؤكد على أن عملية التواصل لا يمكن أن تكتمل إلا بوجود ستة عناصر أساسية.
الطرف المُرسِل
يُعتبر المُرسِل هو المصدر الأساسي للرسالة. قد يكون فرداً، مجموعة من الأفراد، مؤسسة، أو شركة. في معظم الحالات، نشير بالمُرسِل إلى المصدر والفئة التي تقوم بالتواصل. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أنه ليس بالضرورة أن يكون المُرسِل هو الشخص الذي يقوم بالتواصل في جميع الحالات. على سبيل المثال، قد يحصل مراسل تلفزيوني على خبر من موقع إخباري أو من الأحداث مباشرةً، ثم يقوم المحرر بصياغة هذا الخبر وتقديمه إلى قارئ النشرة لنشره أمام الجمهور. في هذه الحالة، يُعتبر كل من المراسل والمحرر وقارئ النشرة مشاركين في عملية التواصل، أي مُرسِلين. ومع ذلك، يرى غالبية الباحثين أن قارئ النشرة هو المُرسِل الرئيسي، وليس المراسل أو المحرر.
محتوى الرسالة
الرسالة هي الفكرة أو المحتوى الذي يتم نقله من المُرسِل إلى المُستقبِل. تتضمن معاني وأفكار وآراء متنوعة تتعلق بمختلف جوانب الحياة. يتم التعبير عن هذه الرسالة باللغة المنطوقة أو غير المنطوقة. تعتبر اللغة من العوامل الحاسمة التي تحدد مدى نجاح التواصل وفعاليته. على سبيل المثال، المصطلحات العلمية والمعادلات الرياضية الخاصة بالمواد العلمية مثل الكيمياء الحيوية تكون مفهومة بشكل كبير بين أستاذ الكيمياء وطلابه. ولكن، إذا تحدث أستاذ الكيمياء بنفس اللغة مع طلاب اللغة العربية في إحدى الجامعات، ستظهر فجوة في الفهم بينه وبين الطلاب، مما يعيق التواصل الفعال.
وسيلة نقل الرسالة
القناة هي الوسيلة أو الأداة التي يتم من خلالها نقل الرسالة من المُرسِل إلى المُستقبِل. بشكل عام، تختلف هذه الوسيلة باختلاف مستوى التواصل. في التواصل الجماهيري، قد تكون الصحيفة، الإذاعة، أو التلفزيون هي الأداة المستخدمة. أما في التواصل الجمعي، فقد تكون المحاضرة، خطبة الجمعة، أو المؤتمرات هي الوسائل المناسبة. بينما في التواصل المباشر، يكون التواصل وجهاً لوجه هو الطريقة المعتادة.
الطرف المُستقبِل
المُستقبِل هو الجهة التي تتلقى الرسالة الاتصالية أو الإعلامية. يعتبر المُستقبِل الهدف المقصود في عملية التواصل، ولا يمكن إنجاح هذه العملية إلا من خلاله.
التغذية الراجعة
يأخذ مفهوم رد الفعل أو التغذية الراجعة منحى عكسياً في عملية التواصل، حيث يبدأ من المُستقبِل ويتم إرساله إلى المُرسِل للتعبير عن الأفكار والمواقف التي استقبلها المُستقبِل من الرسالة. من خلال التغذية الراجعة، يعبر المُستقبِل عن مدى رفضه أو استجابته أو استيعابه لمضمون الرسالة وهدفها.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]
وفي الحديث النبوي الشريف: “بلغوا عني ولو آية”
