فهرس المحتويات
المفهوم العام للمجتمع
يشتق لفظ المجتمع لغوياً من الفعل “جَمَعَ”، وهو نقيض التفرقة والشتات. ويشير المصطلح إلى حيز الاجتماع والتلاقي، ويعبر عن مجموعة من الأفراد. العلم الذي يختص بدراسة المجتمع من مختلف الجوانب يطلق عليه علم الاجتماع. وكما ورد في معجم المعاني الجامع، فإن المجتمع يمثل فئة من الناس يشكلون كياناً مترابطاً، يعيشون معاً، تجمعهم مصالح مشتركة، وتحكمهم تقاليد وقوانين موحدة.
توجد تعريفات متنوعة للمجتمع من وجهات نظر مختلفة، سواء كانت سياسية، اجتماعية أو نفسية. ويمكن تعريفه اصطلاحاً بأنه تجمع كبير من الأفراد المستقرين الذين تربطهم علاقات اجتماعية ومصالح مشتركة، تحكمهم أنظمة تهدف إلى تنظيم سلوكهم، ويكونون تحت سلطة حاكمة. المجتمع هو تجمع لأفراد أحياء، وليس مجرد مجموعة من الأفكار. هؤلاء الأفراد يعتمدون على بعضهم البعض لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستمرار، ويتنوعون بين الذكور والإناث. وقد وصف علماء الاجتماع المجتمع بأنه أكبر مجموعة يمكن للأفراد الانتماء إليها، ويتمتع بالقدرة على التكيف والاستمرار إلى ما لا نهاية. من الصعب تحديد حدود ثابتة لأي مجتمع، حيث تتغير هذه الحدود وتختلف حسب الظروف والغرض من تحديدها.
الاستخدامات المتعددة لكلمة المجتمع
بفضل وسائل الاتصال الحديثة، أصبح من الممكن التعرف على مختلف المجتمعات والتواصل معها. لا يقتصر مفهوم المجتمع على حجمه، فهناك مجتمعات صغيرة لكنها مستقلة وقادرة على الاستمرار لأجيال. التعريف الذي ذكرناه للمجتمع هو التعريف المتداول والمعتمد في الكتابات السوسيولوجية الحديثة. ومع ذلك، يمكن استخدام كلمة المجتمع للإشارة إلى معانٍ أخرى. على سبيل المثال، في اللغة الإنجليزية، يمكن استخدامها للدلالة على الطبقة العليا والراقية في المدن. في حالات أخرى، يمكن استخدام كلمة المجتمع للإشارة إلى العلاقات الاجتماعية، أو للحديث عن سلوكيات معينة يقرها أو يرفضها الناس.
قد يشير مصطلح المجتمع إلى مجموعة تتبع ديانة معينة، أو دولة قومية، أو مجموعة ثقافية واسعة. كما يمكن أن يطلق على جماعة من الناس تربطهم أهداف دينية، أو سياسية، أو ثقافية، أو خيرية. تسعى المجتمعات جاهدة للحفاظ على سلامة أفرادها وتحقيق السلام والانسجام بينهم لإقامة عالم يسوده الازدهار.
الجذور التاريخية للمصطلح
ظهرت كلمة مجتمع في القرن الخامس عشر، وهي ذات أصل لاتيني. يعتبر امتلاك اهتمام أو ثقافة مشتركة إحدى السمات الرئيسية التي تميز المجتمع. ووفقاً لعالم الاجتماع ريتشارد جنكينز، هناك عدد من القضايا التي يعالجها مصطلح المجتمع وتواجه الناس:
- كيفية تفكير الناس والطرق التي يتبادلون بها المعلومات فيما بينهم.
- الظروف التي تتحكم في سلوك الفرد، والتي تحتاج إلى دراسة المجموعة لا دراسة الأفراد.
- الحالة الإنسانية، والتي يجب أن تتجاوز دليل الحواس الشخصية؛ لأن جوانب حياة الفرد مرتبطة بجوانب المجتمع الذي يعيش فيه.
المكونات الأساسية للمجتمع
لكي يتشكل المجتمع، يجب أن تتوفر فيه مجموعة من العناصر الأساسية:
- إدراك جميع الأفراد المنتمين إلى مجتمع ما بضرورة العيش كوحدة واحدة.
- توفير منطقة أو مساحة جغرافية تجمع الأفراد معاً.
- وجود نظام أو منصة تمكن الأفراد داخل المجتمع من التفاعل والتعبير عن آرائهم.
- امتلاك الأفراد سلوكيات اجتماعية تساعدهم على التعايش مع بعضهم البعض، مثل التعاون والتكافل.
- توافر بناء ونظام اجتماعي معين.
- قدرة المجتمع على توفير الاحتياجات الأساسية لأفراده.
السمات المميزة للمجتمعات
على الرغم من تنوع المجتمعات واختلافها، إلا أن هناك مجموعة من السمات والخصائص المشتركة التي تقوم عليها:
- التشابه: يساعد الشعور بالتشابه بين أفراد المجتمع على ترابطهم وتفاهمهم، ويمكنهم من تطوير الصداقات.
- الاختلافات البيولوجية: مثل اختلاف الاهتمامات، والآراء، والقدرات. يعتمد المجتمع على هذه الاختلافات بنفس القدر الذي يعتمد فيه على التشابه، حيث تجعل تقسيم الأدوار في المجتمع ممكناً وتكمل العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
- الترابط: ينبع من عدم قدرة الأفراد في المجتمع الواحد على الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن بعضهم البعض، خاصة في الغذاء، والمأوى، والأمان.
- التعاون في الأزمات: يساعد تعاون وتكاتف أفراد المجتمع في أوقات الأزمات والكوارث على تقوية العلاقات والروابط بينهم.
- العلاقات الاجتماعية: تقوم على الوعي المتبادل واعتراف كل فرد في المجتمع بالآخر كجزء وعضو رئيسي ومهم.
- الشعور بالانتماء: شعور كل فرد بالانتماء إلى المجتمع الذي يعيش فيه، والحاجة العاطفية لهذا المجتمع. يختلف هذا الشعور في أشكاله، مثل الانتماء إلى العائلة، أو الأصدقاء، أو الزملاء في العمل، ويوفر علاقة وثيقة وآمنة بين الأفراد ويساعد المجتمع على الاستمرار.
- ديناميكية المجتمع: بمعنى أنه غير ثابت بسبب تفاعل الأفراد وعلاقاتهم المتجددة.
- امتلاك ثقافة خاصة: تميز المجتمع عن غيره وتعبر عن طريقة حياة أفراده، ومعتقداتهم وأخلاقهم، وتنتقل من جيل إلى آخر.
- تقسيم العمل بحسب الكفاءات: ضروري لتقدم المجتمع اقتصادياً، ويتيح للأفراد فرصة تجربة طرق جديدة واكتساب مهارات مختلفة.
أنواع المجتمعات المختلفة
تتنوع أنواع المجتمعات، ومن بينها:
- مجتمعات ما قبل الصناعة: المجتمعات الريفية التي كانت موجودة قبل الثورة الصناعية واستخدام الآلات. اعتمدت هذه المجتمعات على مواردها المحلية، واقتصر إنتاجها على العمالة المتاحة، ولم يكن لديها سوى عدد قليل من المهن. وتشمل:
- المجتمعات التي اعتمدت على الصيد وجمع الثمار من أجل البقاء، وتتميز بأنها قبائل رحل تتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الغذاء.
- المجتمعات الرعوية، التي اعتمدت بشكل رئيسي على تدجين الحيوانات وتربيتها لتأمين الغذاء والملابس والتنقل.
- المجتمعات البستانية، التي استقرت في الأماكن التي يكثر فيها هطول الأمطار وتوفر فيها ظروف زراعة المحاصيل.
- المجتمعات الزراعية، التي تميزت عن المجتمعات البستانية باستخدام أدوات زراعية متطورة، وظهرت بعد الثورة الزراعية، مما جعل الزراعة مريحة ووفر طرقاً جديدة للمزارعين مثل توفير محاصيلهم واستخدام الأسمدة، مما أدى إلى إنتاج محاصيل أكثر وفائض أكبر في الغذاء، وبالتالي ازدياد التجمعات السكانية وأصبحت مراكز للتجارة والتجار.
- المجتمعات الإقطاعية، التي تميزت بظهور النبلاء واللوردات الذين استملكوا الأراضي الزراعية التي عرفت بالإقطاعات، والتي كانت تزرع من قبل الطبقات الدنيا في المجتمع، وورثت هذه الأراضي أجيالاً بعد أجيال، ولكن هذا النظام فشل وحل محله النظام الرأسمالي والصناعة في العصر الصناعي.
- المجتمع الصناعي: ظهر بعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، وشهد العديد من الاختراعات التي أثرت في حياة الناس. بدلاً من الاعتماد على الإنسان والحيوان والأدوات البدائية في الإنتاج، أصبح الاعتماد على الآلات. كما ظهرت العديد من الاختراعات التي سهلت حياة الناس، مما أدى إلى تحسين نوعية التعليم والصحة وتطورت الحياة الليلية للمدن بظهور أضواء الغاز، فازداد توافد العمال إلى هذه المجتمعات وأصبحت تتنوع وتتغير بسرعة.
- المجتمعات الرقمية: تميزت بإنتاج الخدمات والمعلومات، وأصبحت هذه المجتمعات تقاد بإنتاج المعرفة وليس السلع المادية، مما أدى إلى انقسام طبقات هذا النوع من المجتمعات حسب درجة المعرفة والتعليم التي يمتلكها أفرادها.
مصادر ومراجع
- حسن عبد الرازق منصور (2013)،بناء الإنسان(الطبعة الثانية )، عمان- الأدرن: أمواج للنشر والتوزيع، صفحة 187. بتصرّف.
- “تعريف و معنى مجتمع في معجم المعاني الجامع”،www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-5. بتصرّف.
- د. محمد بن علي اليولو الجزولي (1-12-2014)،”الشَّمَائِلُ النَّبَويَّةُ وأَثَرُهَا فِي إِصْلاَحِ الفَرْدِ وَالمُجْتَمَع- الجزء الثالث”،www.arrabita.ma، اطّلع عليه بتاريخ 2-3-2021. بتصرّف.
- أبد. محمد الجوهري،المدخل إلى علم الاجتماع، صفحة 32-33. بتصرّف.
- “Society”,www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 2018-3-5. Edited.
- “مفاهيم تنظيم المجتمع”،www.fao.org، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-5. بتصرّف.
- “The 10 Most Important Characteristics of Society”,www.lifepersona.com,2017-5-11، Retrieved 2018-3-5. Edited.
- “Types of Societies”,www.courses.lumenlearning.com, Retrieved 2018-3-5. Edited.