الحياة قبل نزول الوحي
قبل ظهور الإسلام، عانت المجتمعات من أنظمة طبقية ظالمة. فمثلاً، في الإمبراطورية الرومانية، كان المجتمع مقسماً إلى أحرار وغير أحرار، ممنوعاً على الفئة الثانية التمتع بالحقوق والحريات الأساسية. وفي الجزيرة العربية، ساد نظام الرقّ بشكل واسع في مختلف جوانب الحياة؛ الاجتماعية، السياسية، والاقتصادية، نتيجة الحروب والاعتداءات المتكررة.
أُسس المساواة في الشريعة الإسلامية
جاء الإسلام ليُنهي هذه الممارسات الظالمة، مُعلناً مبدأ المساواة بين جميع البشر. وقد أكدت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ من خلال العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. ففي القرآن الكريم، نجد قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).[٤][٣]
وفي آية أخرى:
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).[٥][٦]
كما جاء في السنة النبوية الشريفة:
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(إنَّ اللَّهَ قد أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وتعاظمَها بآبائِها فالنَّاسُ رجلانِ: برٌّ تقيٌّ كريمٌ على اللَّهِ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على اللَّهِ، والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ)،[٢]
وحديث آخر يؤكد على المساواة:
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى).[٩][٣]
صورٌ من المساواة في الإسلام
تتجلى المساواة في الإسلام في جوانب عديدة من الحياة، من أبرزها: المساواة بين الرجل والمرأة في المسؤولية أمام الله، وفي الجزاء والثواب، والمساواة بين الزوجات في الحقوق الزوجية، والمساواة بين الناس بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو أصلهم في الحقوق الأساسية، والمساواة في الكرامة الإنسانية، والمساواة أمام القضاء، والمساواة في حق التعبير عن الرأي، وحق حفظ النفس والمال والعرض، والمساواة في العقاب على انتهاك حرمات الله، وأخيراً المساواة في حق حضور الشعائر الدينية وممارسة العبادات.
قصة سرقة امرأة من بني مخزوم تُبرز هذا المبدأ بوضوح. فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).[٨][٧]
المراجع
[1] منهج جامعة المدينة العالمية، السياسة الشرعية، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 742. بتصرف.
[2] رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3270، صححه الألباني.
[3] عبد القادر عودة (1981)، الإسلام وأوضاعنا السياسية، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 264. بتصرف.
[4] سورة الحجرات، آية: 13
[5] سورة النساء، آية: 64
[6] مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2799، جزء 7. بتصرف.
[7] عبد الكريم زيدان (2001)، أصول الدعوة (الطبعة 9)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 62.
[8] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3475، صحيح.
[9] رواه أحمد، في تخريج المسند، عن رجل من الصحابة، الصفحة أو الرقم: 23489، صحيح.
[10] مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2796، جزء 7. بتصرف.