المدرسة الكلاسيكية: نشأتها، أسسها، ونظرياتها

استكشف المدرسة الكلاسيكية في الإدارة والاقتصاد: نشأتها، أسسها، سماتها المميزة، وأبرز نظرياتها مثل الإدارة العلمية ومبادئ الإدارة.

مدخل إلى المدرسة الكلاسيكية

تعتبر المدرسة الكلاسيكية أحد الأساليب الفكرية الهامة التي أثرت بشكل كبير في مجالي العلوم الإدارية والاقتصاد، حيث ساهمت في تحقيق الكفاءة المثلى التي تساعد على تحقيق الأهداف والمصالح المرجوة، بالإضافة إلى تعزيز القدرة على تحقيق الأرباح في ظل المنافسة الشديدة بين مختلف قطاعات الأعمال.

كما يمكن تعريف المدرسة الكلاسيكية على أنها ذلك التيار الفكري الذي اعتمد على مجموعة من الأفكار النظرية لدراسة الاقتصاد والإدارة. وقد كان لها دور فعال في تطوير الفكر الاقتصادي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.

بداية ظهور المدرسة الكلاسيكية وتطورها

تعود جذور المدرسة الكلاسيكية إلى أواخر القرن الثامن عشر، ويُنسب الفضل في وضع الأسس الأولى لهذه المدرسة إلى المفكر والفيلسوف والاقتصادي الشهير آدم سميث. وقد شهدت المدرسة الكلاسيكية تطوراً ملحوظاً بفضل دراسات المفكرين جون ميل وديفيد ريكاردو، مما أدى إلى بناء نظريات متينة أثرت بشكل كبير في الفكر الاقتصادي الذي كان سائداً في بريطانيا في تلك الفترة.

قام آدم سميث بعرض أفكار المدرسة الكلاسيكية في كتابه الشهير “ثروة الأمم” الذي نُشر في عام 1776، إلا أنه لم يتمكن من تطبيق أفكاره الاقتصادية الكلاسيكية بشكل كامل بسبب عدم تقبل قطاع الاقتصاد والسياسة العامة السائدة في المجتمع الإنجليزي لتلك الأفكار. وقد سعى سميث جاهداً لإقناع الحكومة البريطانية بتبني أفكاره، مؤكداً أن تطبيقها سيساهم في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاعتماد على التجارة الحرة والاقتصاد الحر، مما يؤدي بدوره إلى زيادة الإنتاج وتحقيق أرباح أكبر.

وفي عام 1817، عمل المفكر ريكاردو على تطبيق أفكار المدرسة الكلاسيكية بالاستناد إلى نظريات آدم سميث، وحرص على تطوير العديد من النظريات الكلاسيكية، خاصة تلك التي تربط بين زيادة العمل والمنافسة. وأشار إلى أن السلع التي يتم إنتاجها في ظروف تنافسية تتناسب مع التكاليف المخصصة للعمل أثناء الإنتاج، وأن السعر يعتمد بشكل عام على حجم العرض والطلب في السوق. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الأفكار تشكل القاعدة الأساسية للمدرسة الكلاسيكية.

شهد القرن التاسع عشر الميلادي التطبيق الفعلي لأفكار المدرسة الكلاسيكية، خاصة في قطاع التجارة الدولية. وقد أصبح من الواضح أن أفكار سميث وريكاردو ساهمت في تطوير القطاعات الاقتصادية الدولية، وخاصة تلك التي تعتمد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الاقتصاد الذي يرتبط بدور قطاع الإنتاج في تعزيز نمو الصادرات التجارية بين الدول، مما أدى لاحقاً إلى ظهور نظرية التجارة الدولية التي قام بصياغتها المفكر ريكاردو.

الأسس التي تقوم عليها المدرسة الكلاسيكية

تستند المدرسة الكلاسيكية إلى مجموعة من الأسس والمبادئ الهامة، ومن أبرزها:

  • تعزيز التعاون بين إدارة الشركة والموظفين، مما يسهم في بناء بيئة عمل تتميز بالجودة والفاعلية.
  • الاهتمام بجميع العناصر الإنتاجية، سواء كانت بشرية أو مادية أو إدارية، والتي تساهم في تحقيق الأهداف الخاصة بالعمل.
  • متابعة العوامل والمؤثرات الاجتماعية التي تؤثر على قطاع الاقتصاد، حيث تعتبر هذه العوامل من المحركات الرئيسية للوضع المالي الخاص بالمنشأة.
  • فهم السلوك البشري من خلال توفير مجموعة من المشروعات التي تتطابق مع أفكار وآراء الناس في المجتمع.
  • تقسيم العمل على مجموعة من المستويات، مما يساهم في توفير الجهد والوقت اللازمين للوصول إلى النتائج المطلوبة.

أهم السمات المميزة للمدرسة الكلاسيكية

تتميز المدرسة الكلاسيكية بعدة سمات وخصائص أساسية، ومن أهمها:

  • التسلسل الهرمي في المناصب الإدارية، والذي يعتمد على ضرورة سيطرة الإدارة العليا على الإدارات والأقسام الإدارية والفرعية الأخرى التي تساهم في تحقيق هذا التسلسل بطريقة صحيحة.
  • الاهتمام بتطبيق وتنفيذ القوانين، وخاصة تلك التي تعتمد على متابعة العمليات التشغيلية، مما يساهم في توفير التنسيق المناسب الذي يؤدي إلى نجاح العمل.
  • الاختصاص في دراسة القرارات، أي الاعتماد على التحليل والتدقيق المناسب لكل قرار اقتصادي أو إداري قبل البدء في تنفيذه، وذلك من خلال الاستعانة بآراء المتخصصين في المجالات الاقتصادية والإدارية المتنوعة.

أهم النظريات المرتبطة بالمدرسة الكلاسيكية

ترتبط صياغة الأفكار الخاصة بالمدرسة الكلاسيكية بمجموعة من النظريات العلمية والفكرية، ومن أبرزها:

نظرية الإدارة العلمية

نظرية الإدارة العلمية هي النظرية التي تعتمد على استخدام المديرين لمجموعة من الأسس والدراسات العلمية التي تساعدهم في الوصول إلى حلول للمشكلات والقضايا التي تواجههم أثناء العمل، كما تساعد في اتخاذ القرارات الإدارية والاقتصادية بناءً على تطبيق المناهج الفكرية الكلاسيكية، والتي تساهم بدورها في تحسين أداء الإنتاج. يُعتبر المفكر والعالم فردريك تايلر أول عالم اقتصاد وإدارةٍ فَكّرَ في صياغة الأساسيّات الأولى لهذه النظريّة، والتي يعتمد تطبيقها على توفير العوامل الآتية:

  • تطوير المعرفة في كافّة الأدوات التي تُساعد على نجاح العمل.
  • ضمان تعيين كلّ شخص في التخصّص الوظيفيّ المُناسب له.
  • تطوير أداء الموظّفين من خلال مُشاركتهم في الدّورات وورشات العمل التدريبيّة.
  • تطبيق التخطيط المناسب لكافّة الأعمال وخصوصاً الضروريّة منها.
  • وضع المعايير الصّحيحة، والتوقيت المُناسب، ممّا يُساهم في نجاح كل نشاط ومَهمّة في بيئة العمل.

نظرية الأسس الإدارية

نظريّة المبادئ الإداريّة هي النظريّة التي اهتمّ المُهندس الفرنسيّ هنري فايول بتطبيقها في قطاع الأعمال الفرنسيّ؛ لذلك كان يسعى دائماً إلى تطبيق المبادئ المُتعلّقة بالإدارة، وتحديداً الخاصّة في مُتابعة شؤون الموظّفين، وساهمت أفكاره في تشكيل القاعدة الأساسيّة لنظريّة المبادئ الإداريّة التي اعتمدت بشكل مُباشر على فكرة تقسيم العمل وفقاً لمجموعة من الأقسام والعمليات التي يتمُّ إنجازها بناءً على التخصّصات الخاصّة في كل قسم. تحتوي هذه النظريّة على مجموعة من المبادئ، منها:

  • مبدأ النّظام: هو المبدأ الذي يعتمد على احترام القوانين والتشريعات الوظيفيّة في بيئة العمل.
  • مبدأ وحدة الأمر: هو المبدأ الذي ينصّ على ضرورة حصول كلّ مُوظّف على تعليمات عمله من المدير المسؤول عنه بشكل مُباشر.
  • مبدأ التّوجيه: هو المبدأ الذي يرتبط بفكرة وحدة الأمر، لكنّه يعتمد على ضرورة وجود رئيس واحد لكلّ مجموعة عمل.
  • مبدأ المصلحة العامّة: هو المبدأ الذي يهتمّ بضرورة تعزيز وجود المصلحة العامّة على حساب المصلحة الشخصيّة.
  • مبدأ تسلسل السُّلطة: هو المبدأ الذي يُشير إلى أهميّة تقسيم الإدارة لمجموعة من المُستويات الإداريّة.
  • مبدأ المُساواة: هو المبدأ الذي يسعى إلى تحقيق المساواة والعدالة بين كافّة المُوظّفين في المنشأة.
Total
0
Shares
المقال السابق

شرح المزيج المتجانس وخصائصه

المقال التالي

نظرة على كتاب ألف ليلة وليلة الشهير

مقالات مشابهة