اعتزازنا بلغتنا العربية
ذات مرة، أخبرني أحد الأساتذة الأجانب عن مدى حبهم للغتهم الأم، لدرجة قد لا نتصورها. العديد منهم يتقنون لغات أخرى، إلا أنهم يصرون على التحدث بلغتهم الأصلية في جميع الأوقات. عندها بدأت بالتفكير في لغتنا العربية وكيفية تعاملنا معها. الأجدر بنا أن نفخر ونعتز بلغتنا لما تحمله من عراقة وأصالة. إنها مستودع فكري هائل، وغنية بالمعاني والمفردات المعبرة، وتعتبر من بين أغنى اللغات في العالم.
اللغة العربية وحضارة الأمة
إن تراجع مكانة اللغة العربية يعود جزئيًا إلى تأثير وسائل الإعلام، والأفلام، والأغاني التي أصبحت في كثير من الأحيان دون المستوى المطلوب. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تواجه نظام التعليم. يجب علينا أن نفكر مليًا في الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، وما إذا كنا قد سمحنا لأنفسنا بالتأثر بالثقافات الأخرى على حساب لغتنا الأم.
يجب علينا أن نسعى جاهدين لاستخدام لغتنا العربية الفصيحة، لغة ديننا وقرآننا الكريم، وأن نعمل على إثرائها من خلال وسائل الإعلام الحديثة، وخاصة الإنترنت، الذي يعتبر أداة مهمة للتواصل والتسويق. اللغة العربية هي مجد حضارتنا، وتاريخنا، وحاضرنا، وهي منبر ثقافتنا. لقد اختارها الله لتكون لغة آخر الرسالات السماوية، وهي إرث يمتد عبر العصور الإسلامية الزاهرة. قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا}.
الإرث الأدبي والثقافي للغة العربية
الأدب هو دعامة اللغة العربية وحافظ ثقافتها. لطالما اعتبر الشعر ديوان العرب، لما له من مكانة وقيمة في نفوسهم منذ القدم. تم نقل العديد من الأعمال الأدبية التي تؤرخ لفترات زمنية معينة، وتعبر عن مشاعر ووجدان العربي. اللغة العربية فريدة في طريقة التعبير، وهي لغة الضاد التي فاقت جميع اللغات الأخرى في النظم والجمال. يقول حافظ إبراهيم:
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَة
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وتنســيقِ أَسْــمَاءٍ لمُخْــتَرَعَاتِ
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
اللغة هي هوية الأمة، وهي وسيلة التواصل الأساسية، والمورد الثقافي الذي يجمع بين الثقافة والأصالة والجمال والعظمة. بالإضافة إلى الفصاحة التي تتميز بها اللغة العربية، وغناها بالمفردات، فإن العلوم التي انبثقت منها، مثل علم الأصوات والنحو والصرف، تؤكد على أهميتها وقيمتها.
اللغة العربية صلة وصل بيننا
في الختام، اللغة العربية هي الرابط الذي يجمع العرب والمسلمين، ويوثق أواصر المحبة والإخاء. إنها لغة غنية ودقيقة، تثبت العقل وتغذي الفكر والروح والوجدان.
المصادر
- سورة طه، آية: 113
- “رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي”، ديوان.