فهرس المحتويات
مقدمة في الكيمياء النووية
تهتم الكيمياء الإشعاعية والنووية بدراسة الخصائص الكيميائية والفيزيائية للعناصر المتأثرة بالتغيرات التي تطرأ على تركيب نواة الذرة. كما تهتم بالطاقة الناتجة من التفاعلات النووية وكيفية استغلالها. يختص هذا المجال بتكوين العناصر في الكون وتصميم طرق علاجية إشعاعية للاستخدامات الطبية المتنوعة، بالإضافة إلى العديد من التطبيقات الأخرى.[1]
في القرن التاسع عشر، كانت النظرية الذرية السائدة تفترض أن نواة الذرة تتمتع بتركيب ثابت وغير قابل للتغيير. ولكن في عام 1896، اكتشف العالم الفرنسي هنري بيكريل ظاهرة غير متوقعة. لاحظ أن مركبًا يحتوي على اليورانيوم، وُضع بالقرب من لوحة تصوير فوتوغرافي، تسبب في ظهور صورة على اللوحة على الرغم من وجوده داخل غلاف أسود. استنتج بيكريل من ذلك أن اليورانيوم يطلق نوعًا من الإشعاع القادر على اختراق المواد. لاحقًا، أظهرت التحقيقات أن هذا الإشعاع يتكون من جسيمات وأشعة كهرومغناطيسية تنبعث من نواة الذرة.[2]
أُطلق على هذه الانبعاثات اسم “النشاط الإشعاعي” (radioactivity)، وقد صاغت هذا المصطلح العالمة ماري كوري. بعد اكتشاف بيكريل، تواصلت الأبحاث والاكتشافات في هذا المجال، واهتم بها علماء مثل ماري كوري وإرنست رذرفورد، الذي أجرى تجربة شهيرة باستخدام صفيحة الذهب، وتمكن من خلالها من تحديد ثلاثة أنواع رئيسية من الإشعاع الكيميائي.[2]
عملية التفكك الإشعاعي
التفكك أو التحلل الإشعاعي الطبيعي هو عملية تغيير تلقائي يحدث للنويدات غير المستقرة. النويدة هي ذرة تحتوي على عدد معين من البروتونات والنيوترونات في نواتها. يطلق على النويدة الأصلية اسم “النويدة الأم”، وينتج عن تحللها نويدة أخرى تسمى “النويدة الوليدة”. تصاحب هذه العملية انبعاث جسيمات نووية مثل جسيمات ألفا وبيتا والبوزيترونات وأشعة جاما.[3] قد تكون النويدة الوليدة مستقرة أو غير مستقرة، وفي الحالة الأخيرة، فإنها ستتحلل بدورها لتنتج نويدة وليدة أخرى أكثر استقرارًا.[2]
مثال: نواة ذرة اليورانيوم-238 (النويدة الأم) هي نواة غير مستقرة. عندما تنبعث منها جسيمات ألفا، فإنها تتحول إلى ذرة الثوريوم-234 (النويدة الوليدة). جسيم ألفا هو جسيم نووي يتكون من بروتونين ونيوترونين.[2]
أشكال الإصدارات النووية الأساسية
توجد خمسة أنواع رئيسية من الإشعاعات والجسيمات التي تنبعث أو تتفاعل في التفاعلات النووية:
جسيم ألفا
جسيم ألفا (α) هو نفسه نواة ذرة الهيليوم (He)، ويتكون من بروتونين ونيوترونين. مثال على التحلل النووي الذي ينتج عنه جسيم ألفا هو تحلل نواة ذرة اليورانيوم-238 إلى ذرة الثوريوم-234، مع انبعاث جسيم ألفا.[3]
جسيم بيتا
جسيم بيتا (β) هو جسيم يشبه الإلكترون، ولكنه يمتلك طاقة عالية. مثال على ذلك هو انبعاث جسيم بيتا سالب أثناء تحلل نواة ذرة الراديوم-228 إلى ذرة الأكتينيوم-228.[3]
أشعة جاما
أشعة جاما (γ) هي إشعاع كهرومغناطيسي، مشابه لأشعة إكس، ولكنها تمتلك طاقة أعلى بكثير. غالبًا ما تنبعث أشعة جاما مع أنواع أخرى من الجسيمات النووية. في مثال اليورانيوم-238، بالإضافة إلى انبعاث جسيم ألفا، تنبعث أيضًا طاقة على شكل أشعة جاما، وهي عديمة الكتلة والشحنة.[3]
جسيم البوزيترون
البوزيترون هو الجسيم المضاد للإلكترون، ويحمل شحنة موجبة. مثال على ذلك هو تحلل نواة ذرة الفسفور المشع-30، حيث ينبعث بوزيترون، مما يؤدي إلى تكوين نواة السيليكون-30.[3]
جسيم الإلكترون
يمكن للإلكترون أن يندمج مع بعض أنوية الذرات، مما يؤدي إلى تكوين نواة جديدة. على سبيل المثال، قد تتفاعل نواة ذرة الروثينيوم-92 مع إلكترون سالب، مما يؤدي إلى تكوين ذرة التكنيشيوم-92.[3]
الثبات النووي
الثبات النووي هو مفهوم يستخدم لتحديد مدى استقرار النظائر. يمكن تحديد استقرار النظير من خلال حساب نسبة النيوترونات إلى البروتونات (N/Z).[4]
تتكون النواة الذرية من بروتونات ونيوترونات تنجذب إلى بعضها البعض من خلال القوة النووية القوية. في المقابل، تتنافر البروتونات فيما بينها بسبب القوة الكهربائية الناتجة عن شحناتها الموجبة المتماثلة. ينتج عن هذا التنافس بين القوتين النووية والكهربائية أن تكون بعض الأنوية مستقرة وبعضها الآخر غير مستقر.[4]
كلما ازداد العدد الذري، زادت حاجة الذرة إلى عدد أكبر من النيوترونات لتحقيق الاستقرار النووي، وذلك لزيادة قوة الربط بين مكونات النواة، وبالتالي تزداد نسبة النيوترونات إلى البروتونات.[5] الأنوية التي تحتوي على أكثر من 82 بروتونًا تكون غير مستقرة بسبب العدد الكبير من النيوكليوتيدات الموجودة فيها. تتحول هذه الأنوية إلى أنوية أكثر استقرارًا من خلال عملية التحلل الإشعاعي.[4] تخضع العديد من العناصر الثقيلة لسلسلة من التحللات الإشعاعية المتتالية لتكوين نواة أكثر استقرارًا في نهاية المطاف.
الفترة الزمنية اللازمة للتحلل النصفي
تمتلك العناصر المشعة ما يسمى بـ “عمر النصف” (half-life)، وهو الفترة الزمنية التي يستغرقها نصف عدد نويدات عينة مشعة للتحلل إلى نويدات وليدة. بمعنى آخر، خلال هذه الفترة، تتحلل أنوية نصف الذرات الموجودة في العينة. عمر النصف هو قيمة ثابتة تعتمد على نوع النظير المشع.[5]
على سبيل المثال، عمر النصف للنظير المشع الذهب-198 هو 2.7 يوم. هذا يعني أنه إذا كانت لدينا عينة من الذهب-198، فإن عدد الذرات التي ستتحلل بعد 2.7 يوم سيكون نصف عدد الذرات الموجودة في العينة الأصلية.[5]
استخدامات النظائر المشعة
تستخدم النظائر المشعة في العديد من التطبيقات والمجالات، منها:[5]
- في محطات الطاقة النووية.
- في التشخيص والعلاج الطبي.
- في تحديد عمر المواد التاريخية.
- في إنتاج عناصر جديدة.
- في تعقيم الأغذية عن طريق تعريضها للإشعاع لقتل الطفيليات والميكروبات.
- في صناعة الأسلحة النووية.