أهمية اللغة العربية
تتميز لغتنا العربية بجاذبيتها الفريدة، وغزارة مفرداتها، وقوة تعبيرها، ودقتها المتناهية. تحمل بين طياتها معجزات بيانية تتجلى في كل حرف. تتضمن اللغة كلمات تبدو متشابهة ظاهريًا، إلا أنها تحمل معاني ودلالات مختلفة، مما يثري العقل والفكر. وفخرها الأكبر يكمن في كونها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، بأرقى وأصفى تعابيرها، مظهراً جمال لغة الضاد وقدرتها على احتواء المعاني المتنوعة.
نظرة شاملة إلى العام والسنة
تعتبر كلمتا “العام” و”السنة” من المصطلحات الزمنية التي تشير إلى فترة مكونة من اثني عشر شهرًا. ومع ذلك، فإن “العام” أخص من “السنة”، بمعنى أن كل عام هو سنة، ولكن ليس كل سنة هي عام. تاريخيًا، ترتبط كلمة “السنة” بالأرقام، مثل “سنة 2023 ميلادية”. بينما تستخدم كلمة “العام” في سياقات مثل “عام الفيل” أو “عام الرمادة”، ولا يصح عكس ذلك.
يرى علماء اللغة العربية أن كلمة “العام” تستخدم للدلالة على فصل الشتاء أو الصيف. أما كلمة “السنة” فتستخدم للإشارة إلى الفترة الزمنية التي تبدأ من أي يوم وتحسب حتى اليوم نفسه في العام التالي. أما بالنسبة لمفسري القرآن الكريم، فإنهم يرون فرقًا في استخدام الكلمتين يعكس طبيعة الأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة الزمنية.
فهم دلالات لفظة “السنة”
عند استقراء الآيات القرآنية التي استخدمت لفظ “السنة” و”السنين”، يتضح لنا أن استخدامها يكون للدلالة على المشقة والتعب، سواء كانت هذه المشقة ناتجة عن شر أو عن خير. ومن الأمثلة على ذلك:
- قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: 26]. تشير هذه الآية إلى معاناة بني إسرائيل في التيه الذي استمر أربعين سنة.
- قوله تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: 42]. تدل هذه الآية على معاناة سيدنا يوسف عليه السلام في السجن، وما تحمله من اتهام باطل.
- قوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: 25]. تصف هذه الآية حال أهل الكهف الذين كانوا يعانون من تقلبات النوم الطويلة داخل الكهف.
معنى مصطلح “العام”
يُستدل بلفظ “العام” على الرخاء والخير، سواء كان ذلك ظاهرًا أو باطنًا. وتوضح الآيات القرآنية التالية هذا المعنى:
- قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف: 49]. ذكر العام هنا مقرونًا بالغيث، وما يحمله الغيث من بشائر وفرح ورخاء.
- قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 14]. تشير الآية الكريمة إلى معاناة سيدنا نوح عليه السلام في دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، حيث كانت تلك الخمسين عامًا فترة رخاء عليه.
- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 28]. تشير الآية إلى انتهاء الفترة التي يجاور فيها المشركون المسجد الحرام، وبالتالي انتهاء أعوام الرخاء لهم.