فهرس المحتويات
مقدمة
يعتبر كل من “صحيح البخاري” و “الأدب المفرد” من أهم المصادر الحديثية في التراث الإسلامي. كلاهما من تأليف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، رحمه الله، لكنهما يختلفان في عدة جوانب. يهدف هذا المقال إلى استعراض أبرز هذه الفروقات، مع التركيز على طبيعة المحتوى، ومستوى الصحة، ومنهجية الإمام البخاري في كل كتاب.
نطاق الكتاب
يشمل صحيح البخاري أحاديث نبوية وآثارًا تغطي جميع جوانب الدين الإسلامي من عقيدة، وعبادات، ومعاملات، وآداب. يعتبر كتاب “الأدب” جزءًا من صحيح البخاري وهو الكتاب الثامن والسبعون منه. بينما “الأدب المفرد” هو مصنف مستقل بذاته، خصصه الإمام البخاري لجمع الأحاديث والآثار المتعلقة بالأخلاق والآداب الإسلامية بشكل خاص.
يحتوي “الأدب المفرد” على مجموعة من الأحاديث التي قد لا توجد في “الصحيح”، بالإضافة إلى بعض الآثار الموقوفة. يعتبر هذا الكتاب مرجعًا قيمًا للمسلمين، حيث يتضمن آدابًا تتعلق بالعقيدة، وأصول الدين، وآداب العلم، وحقوق الناس، والزهد، والرقائق، ودلائل النبوة، ومكارم الأخلاق.
معايير الصحة
اشترط الإمام البخاري في صحيحه أعلى معايير الصحة والدقة في الأحاديث التي أوردها. كان حريصًا على التحقق من عدالة الرواة وضبطهم، وغيرها من شروط الحديث الصحيح. وهذا ما يميز “صحيح البخاري” ويجعله في أعلى درجات المصداقية.
أما في “الأدب المفرد”، فكان شرط الإمام البخاري أقل صرامة من “الصحيح”. لهذا السبب، قد نجد في “الأدب المفرد” أحاديث حسنة، وحتى بعض الأحاديث الضعيفة، وفقًا لآراء بعض الباحثين. يعود هذا التخفيف إلى طبيعة الكتاب الذي يركز على الآداب وفضائل الأعمال، وليس على الأحكام والحقوق التي تتطلب أعلى درجات التوثيق.
عدد الأحاديث
يحتوي صحيح البخاري على (7563) حديثًا، وبعد حذف المكرر يصبح العدد حوالي (4000) حديث. أما الأحاديث الموجودة في كتاب “الأدب” ضمن صحيح البخاري فعددها (256) حديثًا. في المقابل، يشتمل كتاب “الأدب المفرد” على (1322) حديثًا.
كيفية نسبة الحديث
عند الإشارة إلى حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، يكفي القول: “أخرجه البخاري”، دون الحاجة إلى إضافة أي تفاصيل أخرى. أما إذا كان الحديث معلقًا في الصحيح، فيشار إلى ذلك بالقول: “أخرجه البخاري معلقًا”.
أما إذا كان الحديث موجودًا في كتاب “الأدب المفرد”، فيجب التوضيح والإشارة إلى ذلك بالقول: “أخرجه البخاري في الأدب المفرد”. هذا التحديد ضروري للتمييز بين الأحاديث الموجودة في “الأدب المفرد” وتلك الموجودة في “الجامع الصحيح”.
أسماء المصنفات
“صحيح البخاري” هو الاسم المختصر والشائع للكتاب، ولكن الاسم الكامل الذي أطلقه الإمام البخاري على كتابه هو: “الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه”.
أما كتاب “الأدب المفرد”، فقد صنفه الإمام البخاري كمصنف مستقل عن “الجامع الصحيح”، وسماه “كتاب الأدب”. لكن العلماء أضافوا كلمة “المفرد” لتمييزه عن كتاب “الأدب” الموجود داخل صحيح البخاري. فالصحيح يحتوي على كتب فرعية وأبواب متعددة، مثل كتاب التوحيد، وكتاب الإيمان، وكتاب الصلاة، وكتاب الأدب. ولتجنب الخلط بين كتاب “الأدب” الذي هو جزء من الصحيح، وكتاب “الأدب” المستقل، أضاف العلماء كلمة “المفرد” للدلالة على أنه كتاب منفصل ومستقل عن الجامع الصحيح.
خلاصة
في الختام، يعتبر كل من “صحيح البخاري” و”الأدب المفرد” كنزين من كنوز السنة النبوية. بينما يمثل “صحيح البخاري” موسوعة شاملة للشريعة الإسلامية بأعلى معايير التوثيق، يركز “الأدب المفرد” على جانب هام من جوانب الدين وهو الأخلاق والآداب، مع معايير توثيق أقل صرامة. كلاهما يحمل قيمة عظيمة للمسلمين ويساهم في فهم أعمق للإسلام.