جدول المحتويات
- الفرق بين الوقت الاختياري والضروري للصلاة
- الدليل على أول وآخر وقت لكلّ صلاة
- أوقات الصلاة من حيث المثوبة
- الأوقات التي تحرم فيها الصّلاة
- المراجع
الفرق بين وقت الصلاة المختار ووقت الضرورة
يمكن تعريف وقت الصلاة المختار بأنه أول وقت للصلاة، بينما يُعرف وقت الضرورة، أو وقت الاضطرار، بأنه الفترة الزمنية التي تبدأ من انتهاء وقت الاختيار وحتى انتهاء وقت الصلاة. [١]
وقت الصلاة المختار هو الوقت الذي لم يُنهِ الشّرع عن تأخير الصلاة إليه، بينما يُصبح وقت الضرورة عند تأخير الصلاة إلى الوقت الذي نهاه الشارع عن تأخير الصلاة إليه.
من المهم أن ندرك أن الصلاة تُعتبر أداءً وخلال الوقت سواء أُدّيت في وقت الاختيار أو وقت الضرورة، ولا تُعتبر قضاء. [٢]
اختلف الفقهاء حول تحديد وقت الاختيار ووقت الضرورة لكل صلاة، وسنناقش هذه الآراء في الفقرات التالية: [٣]
رأي المالكية
يعتقد المالكية أنّ وقت الضرورة لا يُمكن تأخير الصلاة إليه إلّا لأصحاب الضرورات. فعلى من يُؤخر الصلاة إلى وقت الضرورة دون عذر يعتبر غير مُؤدٍّ لها ويقع عليه الإثم.
يُعرّف وقت الضرورة عند المالكية بأنه الوقت الذي يلي وقت الاختيار.
رأي الحنابلة
يُؤمن الحنابلة بوجود وقت ضرورة فقط في صلاتي العصر والعشاء. فوقت الضرورة في صلاة العصر يكون عند اصفرار الشمس، بينما يكون وقت الضرورة في صلاة العشاء بعد ثلث أو نصف الليل.
لا يجوز أداؤهما في وقت الضرورة إلّا لأصحاب الأعذار، ويُعتبر تأخيرها إلى وقت الضرورة إثماً لمن لم يكن صاحب عذر.
رأي الشافعية
لا يوجد مفهوم وقت ضرورة عند الشافعية، لكنّهم يُؤكّدون على كراهة تأخير صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، ويُجيزون تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل طلوع الفجر.
ويُشدّدون على أنّ تأخير الصلاة يُفقدها فضيلتها.
رأي الحنفية
يُؤكد الحنفية على جواز أداء الصلاة في وقتها دون إثم، ولكنّهم يُكرهون تأخير صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، وتأخير صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل. كما يُكرهون تأخير صلاة المغرب.
أوقات الصلاة ودخولها وخروجها
يمكن فهم هذه المفاهيم بشكل أفضل من خلال معرفة أوقات الصلاة من بداية دخولها وحتى انتهائها: [٤]
وقت دخول وخروج كل صلاة
صلاة الفجر
يبدأ وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق، والذي يُعرف أيضًا بالفجر الثاني. يُسمّى بالصادق لأنه يُظهر الصّبح، وعلامته بياضٌ ينتشر في الأفق بشكلٍ عرضي.
ينتهي وقت الفجر مع طلوع الشمس، وعند ظهور النّهار، وهو وقت الاختيار لها.
بعد طلوع الشمس، يصبح وقت الضرورة لأصحاب الأعذار، كالحائض التي تطهر بعد طلوع الشمس، والنائم، والمريض. يُجوز لهم الصلاة في هذا الوقت دون كراهة، وذلك بناءً على قول الإمام مالك وأحمد، استناداً إلى قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:
(وإنَّ أوَّلَ وَقتِ الفَجرِ حينَ يَطلُعُ الفَجرُ، وإنَّ آخِرَ وَقتِها حينَ تَطلُعُ الشَّمسُ). [٥]
صلاة الظهر
تبدأ صلاة الظهر من زوال الشمس عن مُنتصفِ السّماء باتّجاه الغرب. لا يَصحّ صلاتها قبل الزوال، ويُعرف الزوال بانتقال ظلّ الشيء من جهة الغرب إلى جهة الشرق، حيث يبدأ الظّل بالزِّيادة.
ينتهي وقت صلاة الظهر عند الجمهور عندما يصير ظلّ الشيء مثله. بينما يرى أبو حنيفة أنّ وقتها يمتد إلى بُلوغ ظلّ الشيء مثليه.
صلاة العصر
يبدأ وقت صلاة العصر عند زيادة الظّل على المثل.
عند أبي حنيفة يبدأ وقتها بزيادة الظلّ على المثلين، ويمتدُّ وقتها إلى ما قبل مغيب الشمس.
ينتهي وقت الاختيار لصلاة العصر عند الحنابلة مع بداية اصفرار الشّمس، أي حين يصير ظلّ الشيء مثليه، بينما يرى المالكية أنّ وقتها ينتهي قبل بداية اصفرار الشمس.
يُحدد الشافعية وقت الاختيار لصلاة العصر إلى أن يصبح ظلّ الشّيء مثليه.
صلاة المغرب
اتّفق الفقهاء على أنّ وقت صلاة المغرب يبدأ من غُروب الشّمس.
يُحدد الحنفية آخر وقتها عند مغيب الشفق، بينما يرى الحنابلة والشافعية أنّ وقتها يستمر إلى ما قبل غيب الشفق.
يُذكر أن المالكيّة يرون أنّ صلاة المغرب لا تمتد، بل يُقدّر وقتها بقدر ثلاث ركعات.
صلاة العشاء
يبدأ وقت صلاة العشاء من مغيب الشّفق، وهو البياض الّذي يظهر في السّماء بعد غياب الحُمرة الّتي تَعقب غياب الشّمس.
يُستمر وقتها إلى حين طُلوع الفجر الصادق.
دليل تحديد وقت دخول وخروج كل صلاة
تُستند هذه الأوقات إلى الحديث الذي صلى فيه جبريل-عليه السّلام- بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أوّل الوقت وآخره:
(أَمَّنِي جبريلُ عليه السلامُ عندَ البيتِ مرتينِ، فصلَّى الظهرَ في الأولَى منهما حينَ كان الفَيْءُ مثلَ الشراكِ، ثُمَّ صلَّى العصرَ حينَ كان كُلُّ شيْءٍ مثلَ ظلِّهِ، ثُمَّ صلَّى المغرِبَ حينَ وجَبَتِ الشمسُ وأفطرَ الصائِمُ، ثُمَّ صلَّى العشاءَ حينَ غابَ الشفَقُ، ثُمَّ صلَّى الفجرَ حينَ بَرَقَ الفجرُ وحُرِّمَ الطعامُ علَى الصائِمِ. وصلَّى المرَّةَ الثانِيَةَ الظهرَ حينَ كانَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَهُ، لوقتِ العصرِ بالأمسِ، ثُمَّ صلَّى العصرَ حينَ كانَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَيْهِ، ثُمَّ صلَّى المغرِبَ لوقتِهِ الأوَّلِ، ثُمَّ صلَّى العشاءَ الآخرِةَ حينَ ذهبَ ثُلُثُ الليلِ، ثُمَّ صلى الصبحَ حينَ أسفرَتِ الأرضُ . ثُمَّ التفَتَ إلَيَّ جبريلُ فقال: يا محمدُ، هذا وقتُ الأنبياءِ مِنْ قبلِكَ، والوقتُ فيما بينَ هذينِ الوقتينِ).[٦][٤]
أفضل أوقات الصلاة من حيث المثوبة
لكل صلاة وقت أفضلية ووقت يُكره أو يُحرم تأخير الصلاة إليه دون ضرورة، وسنذكر ذلك فيما يأتي: [٧][٨]
صلاة الفجر
يُعتبر أفضل وقت لأداء صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
تُجوز صلاتها قبل الإسفار، وقبل طلوع الشمس.
يُحرّم تأخيرها إلى آخر الوقت بحيث لا يبقى مُتسعٌ منه.
صلاة الظهر
أفضل أوقات صلاة الظهر يكون في أوّل الوقت، أي بعد الأخذ بأسباب الصلاة من الوضوء والطهارة.
وقت الاختيار لها يكون من وقت الأفضليّة إلى بقاء مُتّسعٍ لأدائها، وهو أيضًا وقت جواز أدائها دون كراهة.
يُحرّم تأخيرها إلى آخر الوقت، بحيث لا يبقى مع الإنسان مُتسعٌ من الوقت لأدائها.
يبدأ وقت الضرورة فيها في آخر الوقت بقدر تكبيرةٍ فأكثر.
صلاة العصر
الأفضل هو أداء صلاة العصر في أوّل الوقت، إلى أن يصير ظلّ الشيء مثله.
يبدأ وقت الاختيار من وقت الفضيلة إلى أن يُصبح ظل الشيء مثليه.
يبدأ وقت الجواز لأدائها دون كراهة من وقت الفضيلة إلى اصفرار الشمس.
يُكره تأخيرها إلى اصفرار الشّمس، لكنّ الصّلاة في هذا الوقت جائزة.
يُحرّم تأخيرها إلى آخر الوقت بحيث لا يَتّسع الوقت لأدائها.
وقت الضرورة هو وقت زوال المانع بحيث يَبقى من الوقت ما يَسع تكبيرة فأكثر.
صلاة المغرب
تُؤدّى صلاة المغرب عند غياب الشمس إلى غياب الشّفق الأحمر، وهو أفضل وقت لأدائها.
يُحرّم تأخيرها إلى ما بعد ذلك إلّا للضّرورة.
يبدأ وقتُ جوازها مع الكراهة من انتهاء الأوقات السابقة، ويمتد إلى أن يَبقى من الوقت ما يَسعها.
صلاة العِشاء
يبدأ وقتها من غياب الشفق الأحمر، وهو وقت الأفضلية، إلى طُلوع الفجر الصّادق.
يُجوز الصّلاة خلال هذا الوقت دون كراهة أو تحريم.
يُكره أداؤها بعد ظُهور الفجر الكاذب.
يُحرّم تأخيرها إلى آخر وقتها بحيث لا يبقى مُتسعٌ لأدائها.
الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة
يوجد العديد من الأوقات التي جاء الشرع بتحريم صلاة التّطوع فيها، باستثناء قضاء سُنّة الفجر بعد الصّلاة، أو سُنّة الظّهر بعد العصر، أو قضاء الصّلوات الفائتة، أو باقي الصّلوات ذات السّبب؛ كصلاة الجنازة، أو الخُسوف، وغيرها.
تُعدّ هذه الأوقات الخمسة أوقات تحريم: [٩][١٠]
بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
(لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ).[١١]
بعد طلوع الشمس إلى ارتفاعها قدر رُمح في رأي العين
يُقدّر ذلك بحوالي متر، أو بربع أو ثُلث ساعة.
(صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ، فإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ).[١٢]
قيام الشمس حتى زوالها باتّجاه الغرب ودُخول وقت الظهر
(ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ).[١٣]
بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس
(لا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، ولَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ).[١٤]
عند شُروعها بالغروب إلى غيابها
ورد ذكر هذه الأوقات في الحديثين التاليين:
(ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ)،[١٥]
(سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، ولَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ).[١٤]
تُحرم صلاة النافلة في هذه الأوقات عند الحنابلة، وعند المالكيّة والشافعيّة في الأوقات الثلاث الواردة في الحديث الأول.
يُكره تنزيهاً في الوقتين الآخريين.
يُكره تحريماً الصّلاة في الأوقات الخمسة عند الحنفية.
يُجوز، مع الكراهة التنزيهيّة، أداء سجدة التّلاوة في أوقات النّهي، أو الصّلاة المنذورة.
يُحدد المالكيّة حُرمة التّنفّل في الأوقات الثلاث الأولى، ويُجوز قضاء الفرائض الفائتة فيها.
يُستثني الشافعية من الكراهة صلاة الجُمعة، والصّلاة في الحرم المكيّ، وأيضاً الصلوات ذات السّبب غير المُتأخر؛ كصلاة الكُسوف، وتحية المسجد. [١٠]
المراجع
- خالد بن علي بن محمد بن حمود بن علي المشيقح، المختصر في فقه العبادات، السعودية: موقع وزارة الأوقاف السعودية، صفحة 31. بتصرّف.
- شمس الدين المعروف بالحطاب الرُّعيني (1992)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 382، جزء 1. بتصرّف.
- “وقت الاختيار ووقت الضرورة، وما ينبني عليهما من أحكام”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2021. بتصرّف.
- أبوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 171-176، جزء 7. بتصرّف.
- رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7172، إسناده صحيح.
- رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 149، حسن صحيح.
- درية العيطة، فقه العبادات على المذهب الشافعي، صفحة 233-237، جزء 1. بتصرّف.
- إبراهيم بن محمد بن احمد الباجوري (2016)، حاشية الباجوري على شرح العلامة ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 502-523، جزء 1. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين (1424 هـ)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 66-68. بتصرّف.
- أبوَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 676-685، جزء 1. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 827، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم: 832، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 831، صحيح.
- أبرواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 586، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 831، صحيح.