الفرق بين الطباق والمقابلة
فهم مفهوم الطباق والمقابلة
يُعتبر الطباق والمقابلة من فنون البلاغة العربية التي تُضفي رونقًا على اللغة، وتُعزز من قوة تأثيرها. في حين أن كلاهما يعتمدان على تضاد المعاني، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما.
يشير “الطباق” إلى ذكر لفظ وعكسه، أي الجمع بين الشيء ونقيضه. يمكن أن يظهر الطباق في أشكال متنوعة داخل الجمل، مثل:
- طباق بين اسمين: “هو الأول والآخر” – سورة الحديد، آية 3
- طباق بين فعلين: “هو أضحك وأبكى” – سورة النجم، آية 43
- طباق بين حرفين: “يوم لك، ويوم عليك” – أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 303.
أما “المقابلة” فهي ذكر كلمتين أو أكثر تتوافقان في المعنى، ثم الإتيان بكلمتين أو أكثر تُظهِران عكس المعنى. تُعد المقابلة أوسع نطاقًا من الطباق، حيث يمكن أن تشمل مجموعة من الكلمات وليس لفظة واحدة فقط. مثال على ذلك:
- “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”
- “ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث” – سورة الأعراف، آية 157
الاختلافات في التطبيق
ينعكس الفرق بين الطباق والمقابلة في استخداماتهما في الكتابة. تُستخدم تقنية الطباق لذكر مفردة ونقيضتها، بينما تُوظّف المقابلة في مقارنة مجموعتين من الكلمات ذات معانٍ متضادة.
أنواع الطباق
يُصنّف الطباق إلى عدة أنواع بناءً على كيفية استخدامه:
- طباق إيجاب: يكتفى في هذا النوع بذكر كلمة ضد كلمة، دون استخدام أسلوب النفي. مثال: جميل وقبيح، عالِم جاهل.
- طباق سلب: يستخدم أسلوب النفي لذكر الشيء ونقيضه، بدون ذكر العكس صراحةً. مثال: “يسافر، لا يسافر”، أو كما في قول امرئ القيس:
جزعتولم أجزعمن البين مجزعا
وعزيت قلبي بالكواهب مولعا - إيهام التضاد: يتم ذكر نقيض الشيء بطريقة غير مباشرة، حيث لا تعني الكلمة الضد بل تُقارب صورة عكسية للمعنى الأول. مثال:
يُبدي وشاحا أبيضا من سيبِه
والجَ وقد لبِس الوشاح الأغبرا
كلمة “الأغبرا” لا تُعدّ نقيضةً لكلمة “أبيضًا” ولكنها تُحقق التوهم بذلك.
أنواع المقابلة
تُقسم المقابلة إلى عدة أنواع بناءً على عدد الكلمات في الجملة:
- مقابلة كلمتين بكلمتين:
“فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا” – سورة التوبة، آية 82
(فليضحكوا، وليبكوا)، و(قليلا، كثيرا) - مقابلة ثلاثة كلمات بثلاثة:
“ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجال” - مقابلة أربعة بأربعة:
“يا أمة كان قبح الجور يسخطها
دهرا فأصبح حُسن العدل يرضيها.” - مقابلة خمسة بخمسة:
“بواطئ فوق خَد الصبح مشتهر
وطائر تحت ذيل الليل مكتتم” - مقابلة ستة بستة:
“على رأس عبد تاج عو يزينه
وفي رجل حر قيد ذل يشينه.”
الخلاصة
يُمكن تلخيص الفارق الأساسي بين الطباق والمقابلة في عدد الكلمات المطابقة في الجملة الواحدة. الطباق يقل في عدد الكلمات، حيث يذكر كلمة واحدة ونقيضها. أما المقابلة فهي مجموعة من مفردات الطباق، أي ذكر الشيء وعكسه، لكن مع تضمين مجموعة أكبر من الكلمات.
المراجع
- سورة الحديد، آية 3
- سورة النجم، آية 43
- أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 303.
- جلال الدين محمد القزويني، التلخيص في علوم البلاغة، صفحة 352.
- سورة الأعراف، آية 157
- عبد العزيز عتيق، علم البديع، صفحة 79.
- سورة الفرقان، آية 70
- “جزعت ولم أجزع من البين مجزع”، الديوان.
- عبد العزيز عتيق، علم البديع، صفحة 87-88.
- سورة التوبة، آية 82
- “ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا”، الديوان.
- “شبكة شعر”، شبكة شعر.
- “أرأيت رب التاج في”، الديوان.