الغايات من إيجاد الشيطان
ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- فوائد عظيمة لوجود إبليس، ومنها:
إكمال مقامات العبودية للأنبياء والأصفياء: لقد أراد الله سبحانه وتعالى بخلق إبليس تحقيق الكمال في عبودية خيرة خلقه، وذلك من خلال جهادهم للشيطان، ومعصيتهم لأوامره، والتضرع إلى الله تعالى للحماية من شروره ووساوسه. ولا ريب أن هذا المقصد لا يتحقق إلا بوجود ما يقتضيه؛ وهو إيجاد إبليس.
زيادة خشية العباد لله سبحانه: بعد أن شاهدت الملائكة تحول إبليس من الطاعة إلى معصية أوامر الله، ازدادت خشيتهم لربهم، وكذلك المؤمنون تزداد عبادتهم لله وتتعاظم خشيتهم له عندما يدركون المصير الذي آل إليه إبليس من اللعنة والغضب، وفي هذا عبرة وعظة لكل من خالف أوامر الله واستكبر عن طاعته.
الحكمة الربانية في خلق الشيطان لتمييز الخبيث من الطيب: و ليكون اختبارًا للعباد، فقد خلق الله تعالى البشر من عناصر متنوعة فيها السهل والصعب، والخبيث والطيب، فكان من الضروري وجود محفز يظهر معادنهم الحقيقية.
إظهار القدرة الإلهية الكاملة في خلق المتضادات: لقد خلق الله الظلام مع النور، وخلق الملائكة مع الشياطين، والسماء مع الأرض، وهذا يدل على عظمة قدرته سبحانه، كما أن في خلق الأضداد المتناقضة إبرازًا لمزايا الضد، فالجمال لا يظهر حسنه إلا بوجود القبح.
إبراز دلائل العبودية لله عز وجل: من شكر وصبر ورضا وتوكل ورجاء وإنابة.
ظهور الآيات والمعجزات الإلهية: فالحكمة تقتضي وجود من يعارض رسل الله ويكذبهم، وهذا يكمل آياته ولطائف صنعه، ومن هذه المعجزات الطوفان وانشقاق البحر وعصا موسى.
إظهار قدرة الله في إيجاد النار: لقد خلق الله تعالى النار، وفي ذلك دليل على قدرته تعالى في خلقه؛ لأن النار تجمع بين صفات النور والإشراق، وصفات العلو والاستكبار.
أصل خلق الشيطان من نار
لا يمكن الجزم بالسبب الإلهي وراء خلق الشيطان من النار كما أشار إلى ذلك الشيخ ابن باز -رحمه الله-، فقد قضت حكمة الله أن يخلق الشيطان من النار كما خلق الملائكة من النور، وخلق آدم من الطين. ولقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى:
“وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ” [الحجر: 26-27].
كيفية مجابهة نزغات الشيطان
تتم مواجهة نزغات الشيطان بأمور عدة، منها:
- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بأن يصرف عن العبد مكائد الشيطان.
- الإقبال على الأعمال الصالحة والذكر وتلاوة القرآن الكريم.
- ترك الغرور بالنفس والنظر إلى من هو أعلى منزلة في العبادة والاجتهاد؛ لكي لا يكون ذلك الغرور مدخلًا للكبر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم”. رواه البخاري
وقال تعالى:
“وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” [الأعراف: 200].
المراجع
- عمر سليمان الأشقر (1984)، عالم الجن والشياطين (الطبعة 4)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 169-172. بتصرّف.
- “مم خلق الله الملائكة وإبليس”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-23. بتصرّف.
- “وساوس شيطانية ، أسبابها ، وطرق علاجها”، www.islamqa.info، 2010-6-24، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-23. بتصرّف.