العوامل الناسخة في اللغة العربية

مقدمة حول العوامل الناسخة

في علم النحو، تلعب العوامل الناسخة دورًا حيويًا في تغيير بنية الجملة الاسمية. يُقصد بالعوامل الناسخة الكلمات التي تدخل على الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ والخبر، فتحدث تغييرًا في حالتهما الإعرابية. سميت بهذا الاسم لأنها “تنسخ” أو تغير الحكم الأصلي للجملة، سواء من حيث اللفظ أو المعنى. هذه العوامل تتنوع بين حروف وأفعال، ولكل منها تأثيره الخاص على الجملة.

العوامل الناسخة الحرفية

تتألف العوامل الناسخة الحرفية من مجموعة أحرف تدخل على الجملة الاسمية، فتقوم بتغيير الحالة الإعرابية للمبتدأ والخبر. تقوم هذه الأحرف بنصب المبتدأ ورفع الخبر.

إن وأخواتها وتأثيرها

تعتبر “إن وأخواتها” من أهم العوامل الناسخة الحرفية. تتكون هذه المجموعة من ستة أحرف هي: إنّ، وأنّ، وكأنّ، ولكنّ، وليت، ولعلّ. جميعها تدخل على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها، وترفع الخبر ويسمى خبرها.

• إنّ وأنّ: تستخدمان لتوكيد الجملة. الفرق بينهما هو أن “إن” المكسورة الهمزة تستخدم في بداية الجملة، بينما “أنّ” المفتوحة الهمزة تستخدم في وسط الجملة.

مثال: إنّ الحق واضح.

الإعراب:

إنّ: حرف توكيد ونصب مبني على الفتح.

الحق: اسم إنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

واضح: خبر إنّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

مثال: علمت أنّ الصدق منجاة.

الإعراب:

علمت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

أنّ: حرف توكيد ونصب مبني على الفتح.

الصدق: اسم أنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

منجاة: خبر أنّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

• كأنّ: تستخدم للتشبيه، وقد تفيد التحقيق أو الشك أو التقريب حسب السياق. تنصب المبتدأ وترفع الخبر.

مثال: كأنّ الجندي أسد.

الإعراب:

كأنّ: حرف تشبيه ونصب مبني على الفتح.

الجندي: اسم كأن منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

أسد: خبر كأن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

• لكنّ: حرف استدراك وتوكيد، ينصب المبتدأ ويرفع الخبر.

مثال: الشمس ساطعة لكن الجو بارد.

الإعراب:

الشمس: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

ساطعة: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

لكن: حرف توكيد واستدراك مبني على الفتح.

الجو: اسم لكن منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

بارد: خبر لكن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

• لعلّ: تفيد الرجاء والتوقع، تنصب المبتدأ وترفع الخبر.

مثال: لعلّ الفرج قريب.

الإعراب:

لعل: حرف رجاء مبني على الفتح.

الفرج: اسم لعل منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

قريب: خبر لعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

• ليت: تفيد التمني، تنصب المبتدأ وترفع الخبر.

مثال: ليت الشباب يعود يومًا.

الإعراب:

ليت: حرف تمني مبني على الفتح.

الشباب: اسم ليت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

يعود: فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره “هو”، والجملة الفعلية في محل رفع خبر ليت.

لا النافية للجنس وأحكامها

تستخدم “لا” النافية للجنس لنفي الخبر عن جميع أفراد جنس الاسم. تعمل عمل “إن وأخواتها” فتنصب الاسم وترفع الخبر، ولكن بشروط:

• أن يكون الاسم والخبر نكرتين.
• ألا يفصل بينها وبين الاسم فاصل.
• ألا تسبق بحرف جر.

مثال: لا إله إلا الله. (لا معبود بحق إلا الله)

قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ﴾ [البقرة: 256].

الإعراب:

لا: لا النافية للجنس مبني على السكون.

إكراه: اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب.

في الدين: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لا النافية للجنس.

العوامل الناسخة الفعلية

العوامل الناسخة الفعلية هي أفعال تدخل على الجملة الاسمية، فتغير حالتها الإعرابية. هذه الأفعال لا تكتفي بالاسم المرفوع بعدها، بل تحتاج إلى اسم منصوب لتكوين جملة مفيدة. تشمل هذه العوامل: كان وأخواتها، وأفعال المقاربة والرجاء والشروع، وأفعال القلوب والتحويل.

كان وأخواتها ودورها

تعتبر “كان وأخواتها” من أهم الأفعال الناسخة. تدخل هذه الأفعال على المبتدأ والخبر، فترفع المبتدأ ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويسمى خبرها. من هذه الأفعال: كان، صار، أصبح، أضحى، أمسى، بات، ظل، ليس، ما زال، ما انفك، ما فتئ، ما برح، ما دام.

• كان: تدل على اتصاف المبتدأ بالخبر في الزمن الماضي.
• صار: تدل على تحول المبتدأ من حالة إلى أخرى.
• أصبح: تدل على حدوث الخبر في وقت الصباح.
• أضحى: تدل على حدوث الخبر في وقت الضحى.
• أمسى: تدل على حدوث الخبر في وقت المساء.
• بات: تدل على حدوث الخبر في وقت الليل.
• ظل: تفيد الاستمرار.

مثال: كان الجو معتدلًا.

الإعراب:

كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

الجو: اسم كان مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

معتدلًا: خبر كان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

أفعال الدنو والترجي

أفعال الدنو والترجي (أو المقاربة والرجاء) هي مجموعة من الأفعال التي تعمل عمل “كان وأخواتها”، فترفع المبتدأ ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويسمى خبرها. يشترط في خبر هذه الأفعال أن يكون جملة فعلية فعلها مضارع.

• أفعال المقاربة: تدل على قرب وقوع الخبر، مثل: كاد، أوشك، كرب.
• أفعال الرجاء: تدل على تمني وقوع الخبر، مثل: عسى، حرى، اخلولق.

مثال: عسى الله أن يوفقنا.

الإعراب:

عسى: فعل ماض ناقص جامد للرجاء مبني على الفتح المقدر.

الله: اسم عسى مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

أن: حرف مصدري ونصب.

يوفقنا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره “هو”، و”نا” ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من “أن يوفقنا” في محل نصب خبر عسى.

أفعال القلوب والتحويل

أفعال القلوب والتحويل هي أفعال ناسخة تدخل على الجملة الاسمية فتنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.

• أفعال القلوب: تدل على اليقين أو الشك. من أفعال اليقين: رأى، علم، درى، وجد، تعلم. ومن أفعال الرجحان: ظن، خال، زعم، حسب، جعل، عد، حجا، هب.
• أفعال التحويل: تدل على تحويل الشيء من حالة إلى أخرى، مثل: صار، جعل، اتخذ، ترك.

مثال: علمت العلم نورًا.

الإعراب:

علمت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

العلم: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

نورًا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

تمارين تطبيقية على إعراب العوامل الناسخة

فيما يلي بعض التدريبات على إعراب الجمل التي تحتوي على عوامل ناسخة:

• أصبح الجو حارًا.
• ليت الامتحان سهل.
• لا كسلان ناجح.
• ظننت الأمر يسيرًا.