مقدمة
لطالما أثار سؤال الحياة على الأرض، وإمكانية وجودها في أماكن أخرى من الكون، فضول العلماء والمفكرين. في عام 2000، نشر عالم الحفريات بيتر د. وارد والفلكي براونلي كتابًا بعنوان “الأرض النادرة: لماذا الحياة المعقدة غير شائعة في الكون”، استعرضا فيه الأسباب التي جعلت الأرض فريدة بما يكفي لدعم الحياة، بينما تفتقر إليها الكواكب الأخرى. وقد طرحا ما يعرف بـ “فرضية الأرض النادرة”، التي تركز على الخصائص الضرورية لوجود حياة معقدة. فيما يلي، نستعرض أهم هذه العوامل التي جعلت من الأرض كوكبًا نابضًا بالحياة.
الغلاف الخارجي للأرض
يشبه الغلاف الخارجي للأرض قشرة البيضة، فهو رقيق نسبيًا مقارنة بما يكمن في الداخل. يتكون هذا الغلاف من عناصر خفيفة مثل السيليكا والألومنيوم والأكسجين. تختلف سماكته، فقد تصل إلى 5 كيلومترات تحت المحيطات، بينما تتراوح بين 30 و70 كيلومترًا تحت القارات. يتألف الغلاف الخارجي من صفائح تكتونية تشمل أيضًا الجزء العلوي من الوشاح. تتحرك هذه الصفائح ببطء شديد، بمعدل 3-5 سنتيمترات سنويًا، مما يؤدي إلى الزلازل والبراكين نتيجة اصطدامها ببعضها البعض.
الأهمية الحرارية
يعتقد العلماء أن الكائنات الحية يمكنها البقاء على قيد الحياة في نطاق درجة حرارة يتراوح بين -15 درجة مئوية و 115 درجة مئوية. فدرجات الحرارة المنخفضة تبطئ التفاعلات الكيميائية الضرورية للحياة وتجمد المياه، مما يجعل الأمر صعبًا على الكائنات الحية. أما درجات الحرارة التي تتجاوز 125 درجة مئوية، فتؤدي إلى تفكك جزيئات البروتين والكربوهيدرات والمواد الوراثية مثل الحمض النووي، بالإضافة إلى تبخر المياه، مما يجعل البقاء مستحيلاً.
تأثير القمر
يلعب القمر دورًا حاسمًا في استقرار دوران الأرض، مما يمنع الحركة الجذرية للأقطاب. هذه الحركة مسؤولة عن التغيرات الكبيرة في الطقس والمناخ. يعتقد العلماء أنه لولا وجود القمر ودوره في الحفاظ على الاستقرار المناخي، لما نشأت أو تطورت الحياة على الأرض. كما يساهم القمر في حدوث ظاهرتي المد والجزر اللتين كانتا مسؤولتين عن نقل الحياة المبكرة من المحيط إلى اليابسة.
دور الشمس
تعتبر الشمس المصدر الرئيسي للطاقة على الأرض، وهي ضرورية للحياة. ضوء الشمس الذي يسقط على النباتات يساعد في عملية البناء الضوئي، وهي عملية حيوية لإنتاج الغذاء والأكسجين. تعتمد معظم الكائنات الحية بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الغذاء والمواد الناتجة عن هذه العملية. ومع ذلك، توجد العديد من الكائنات الحية التي تعيش على مصادر أخرى للطاقة، خاصة تلك التي تعيش في المياه العميقة.
نواة الأرض
تتميز نواة الأرض بشكلها الكروي ودرجة حرارتها المرتفعة. تنقسم النواة إلى جزأين: النواة الخارجية، التي يبلغ سمكها 2,200 كيلومتر، وتتكون أساسًا من النيكل والحديد السائل، وتتراوح درجة حرارتها بين 4,500 درجة مئوية و 5,500 درجة مئوية. تتميز معادن هذه النواة بلزوجة منخفضة، مما يعني أنها سهلة التشكل. هذه النواة مسؤولة عن الحفاظ على المجال المغناطيسي للأرض.
أما النواة الداخلية، فهي كرة ساخنة جدًا من الحديد، يبلغ نصف قطرها 1,220 كيلومتر، ودرجة حرارتها 5,200 درجة مئوية، وضغطها يقارب 3.6 مليون ضغط جوي. على الرغم من أن درجة حرارة النواة الداخلية أعلى بكثير من درجة انصهار الحديد، إلا أن الضغط الداخلي يمنع الحديد من الذوبان، لذا يفضل بعض الجيوفيزيائيين تشبيهها بالبلازما السائلة.
تلعب النواة دورًا مهمًا في الحياة على سطح الأرض من خلال توليد المجال المغناطيسي الذي يحمي الكائنات الحية من أشعة الشمس الضارة.
الموقع في المجموعة الشمسية
تقع الأرض بين كوكبي المريخ والزهرة، وهي ثالث كواكب المجموعة الشمسية بعدًا عن الشمس، مما يمنحها ميزات فريدة. تقع الأرض ضمن المنطقة المأهولة في النظام الشمسي، وهي المنطقة التي تسمح بوجود الماء السائل وبالتالي الحياة. كما تتمتع الأرض بكوكب حامٍ، وهو كوكب المشتري، الذي يحميها من القصف النجمي المستمر. لولا المشتري، لما استطاعت الأرض البقاء على حالها في هذه المجموعة الشمسية. بالإضافة إلى ذلك، يقع النظام الشمسي بأكمله في منطقة آمنة داخل المجرة، ضمن أذرع المجرة وفي مدار دائري يسمح بتجنب المناطق الداخلية المكتظة. كما أن عدد النجوم القريبة من الشمس قليل، مما يقلل من انبعاثات أشعة غاما الضارة.
الخلاصة
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في جعل كوكب الأرض كوكبًا صالحًا للحياة. من أهم هذه العوامل: وجود الغلاف الخارجي، والنواة، ودرجة الحرارة المناسبة، بالإضافة إلى الشمس والقمر اللذين لهما أهمية كبيرة في دعم الحياة. كما يلعب موقع الأرض في النظام الشمسي دورًا حيويًا في حمايتها من القصف النجمي المستمر.
المراجع
- Robert Lamb,”What is it about Earth that makes it just right for life?”,How Stuff Works, Retrieved 26/6/2021. Edited.
- Beth Geiger (11/11/2019),”Explainer: Earth — layer by layer”,Science News for Students, Retrieved 26/6/2021. Edited.
- Lunar and Planetary Institute,What Makes a World Habitable, Page 1. Edited.
- Clara Moskowitz (8/7/2008),”What Makes Earth Special Compared to Other Planets”,Space.com, Retrieved 26/6/2021. Edited.
- Charles Q. Choi (18/10/2012),”What Makes Earth So Perfect for Life?”,.Livescience, Retrieved 26/6/2021. Edited.
- “Core”,National Geographic Society, Retrieved 8/7/2021. Edited.
- MANUEL CANALES, MATTHEW W. CHWASTYK, AND EVE CONANT,”6 THINGS THAT MAKE LIFE ON EARTH POSSIBLE”,National Geographic Society, Retrieved 26/6/2021. Edited.