جدول المحتويات
مقدمة عن المشاعر الإنسانية
تعتبر العواطف الإنسانية من أروع وأسمى التجارب التي يختبرها الإنسان في حياته. إنها أساس العلاقات الاجتماعية القوية، ومحفز للعديد من الأفعال النبيلة. هي تلك القوة التي تجمع بين الأم وأبنائها، وتوحد بين الزوجين، وتقرب بين الأصدقاء على الرغم من بعد المسافات. بل إنها الدافع الأكبر للعبد لكي يعبد ربه بأحسن وجه، وهي أساس رحمة الله تعالى بعباده. فبدونها، يتفكك المجتمع، وتتلاشى الروابط، ويسود الكره والبغضاء.
ما هي ماهية العاطفة؟
العاطفة هي شعور عميق يربط بين شخصين أو أكثر، وهي تفضيل الآخر على النفس، وتمني الخير له كما تتمناه لنفسك، دون انتظار أي مقابل أو مصلحة شخصية. هي الأساس الذي تقوم عليه العديد من العلاقات الأخرى، مثل الصداقة والزواج والأمومة والأبوة والأخوة والقرابة. إنها جوهر الإنسانية وسر استمرارها.
مراحل العشق وأبعاده
للعاطفة درجات ومنازل متعددة، تبدأ بالتعلق البسيط وتنتهي بالذوبان الكامل في المحبوب. من بين هذه المنازل:
- العلاقة: وهي بداية التعلق بالمحبوب والشعور بالانجذاب إليه.
- الصبابة: وهي مرحلة أعمق، حيث يمتلك المحبوب قلب المحب ويستحوذ على تفكيره.
- الإرادة: وهي الرغبة الشديدة في وصل المحبوب والتقرب إليه.
- الغرام: وهو الحب الدائم الذي لا يفارق صاحبه ويلازمه في كل لحظة.
- الوداد: وهي أصفى وأنقى درجات المحبة، حيث يتبادل الطرفان أصدق المشاعر وأرقاها.
- الشغف: وهو وصول المحبة إلى أعماق القلب واستقرارها في شغافه.
- العشق: وهو الحب المفرط الذي يخرج عن السيطرة ويتحول إلى جنون.
- التتيم: وهو الحب الذي يكسر المحب ويجعله ضعيفًا أمام محبوبه.
- التعبد: وهي محبة المحبوب لدرجة التقديس، حيث يصبح المحب عبدًا لمحبوبه.
- الخلة: وهي أعلى درجات العاطفة، حيث يمتلئ القلب بالمحبوب ولا يبقى فيه متسع لغيره.
أسمى مراتب الغرام
أجلّ أنواع العاطفة هي محبة العبد لربه دون طلب حاجة أو مصلحة. فإذا ذاق العبد حلاوة محبة الله، كفاه الله كل شيء ولم يضره شيء في هذه الدنيا. فالعاطفة في الله طريق إلى الجنة، وعون للإنسان في دنياه، وسعادة لقلبه. أما العاطفة لمصلحة أو في غير الله، فهي هلاك لصاحبها، ولا يجني منها سوى الخسارة والألم. فمن أحب الله وبادله الحب، عرف الله ونال رضاه وحصل على كل خير، وكُتبت له الجنة.
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (آل عمران: 31).
الحذر والوقاية في العلاقات العاطفية
يجب على الإنسان أن يكون حذرًا في علاقاته العاطفية، وأن يحافظ على قلبه بعيدًا عمن يريد به الأذى. فالعاطفة نعمة من الله، يجب أن تستخدم في الخير ولا تتحول إلى نقمة. لذلك، يجب الإكثار من الدعاء لله تعالى حتى لا يتعلق القلب بمن سواه، وبمن لا يستحق هذه العاطفة النبيلة. يا رب آتنا من العاطفة خيرها، وأبعد عنا شرها، وارزقنا حب من أحببت، وازرع لنا العاطفة في قلوب عبادك.
نسأل الله ألا يمتحننا في قلوبنا، وألا يحملنا ما لا طاقة لنا به، وألا يعلق قلوبنا بمن أراد بنا شرًا، وأن يبعده عنا كما باعد بين المشرق والمغرب، وألا يعلق قلوبنا بمن سواه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» (صحيح البخاري).