فهرس المحتويات
أساليب العناية بالحيوان
تتداخل حياة الإنسان بشكل كبير مع حياة الحيوانات المتنوعة من حولنا. يشمل هذا التداخل الحيوانات المستأنسة التي نربيها في المنازل أو المزارع، وكذلك الحيوانات البرية التي تعيش بالقرب من مناطق سكن الإنسان. من واجبنا أن نحرص على سلامة هذه الكائنات الحية وأن نعاملها بلطف ورحمة. يمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع مجموعة من الإرشادات والتوجيهات التي تضمن رفاهيتها.
أساليب العناية بالحيوانات الأليفة
إن امتلاك حيوان أليف يمكن أن يكون تجربة ممتعة ومثرية، ولكنه في الوقت نفسه يمثل مسؤولية كبيرة. يجب على كل من يقرر اقتناء حيوان أليف أن يكون على دراية كاملة بمتطلبات هذه المسؤولية وأن يكون مستعدًا لتوفير الرعاية اللازمة له طوال حياته. يتطلب ذلك توفير الوقت والمال الكافيين، بالإضافة إلى القدرة على تقديم الرعاية والعطف.
- الحفاظ على صحة الحيوان: يجب الاهتمام بنظافة الحيوان ومراجعة الطبيب البيطري بشكل منتظم للتأكد من خلوه من الأمراض. من الضروري أيضًا تطعيم الحيوان لحمايته من الأمراض المختلفة، بما في ذلك داء الكلب.
- توفير المسكن المناسب: تحتاج الحيوانات التي تعيش خارج المنزل إلى مأوى يحميها من تقلبات الطقس ويوفر لها مساحة كافية للعب والنوم. أما الحيوانات التي تعيش داخل المنزل، مثل القطط والكلاب، فتحتاج إلى مكان مريح خاص بها. يجب الحرص على نظافة المسكن وتوفير مكان مخصص للنوم، مثل كومة من القش أو صندوق بداخله بطانية.
- توفير الغذاء المناسب: تحتاج الحيوانات الأليفة إلى وعاء من الماء النظيف يوميًا وإلى كمية مناسبة من الطعام. تعتمد كمية ونوعية الطعام على نوع الحيوان، لذا يُفضل استشارة الطبيب البيطري أو متاجر الحيوانات الأليفة للحصول على المشورة المناسبة. يُنصح بتجنب إعطاء الحيوانات الأطعمة المخصصة للبشر لأنها قد تضر بصحتها.
- التفاعل مع الحيوان في الأوقات المناسبة: تحب الحيوانات الأليفة اللعب والتفاعل مع البشر، ولكن يجب اختيار الوقت المناسب لذلك. يجب تجنب اللعب مع الحيوان أثناء نومه أو تناوله الطعام أو تنظيفه لنفسه.
- إظهار المحبة للحيوان: تحتاج الحيوانات إلى الملاطفة والمداعبة بلطف لبناء علاقة محبة وثقة بينها وبين المربي. يجب على المربي أن يتعامل مع الحيوان بصبر وأن يتجنب الصراخ عليه أو ضربه، لأن ذلك قد يؤدي إلى شعوره بالخوف.
- تجنب إيذاء الحيوان: يجب تجنب عصر الحيوان أو شد ذيله أو حمله من أرجله أو رأسه. يجب أيضًا تجنب مطاردة الحيوان، لأن ذلك قد يؤدي إلى شعوره بالخوف أو الإجهاد.
- الإبلاغ عن الإساءة إلى الحيوان: هناك العديد من أشكال الإساءة إلى الحيوانات التي يجب الإبلاغ عنها إلى السلطات، مثل تقييد الحيوانات بالسلاسل وتركها دون طعام أو ماء أو ركلها وضربها.
أساليب العناية بالحيوانات البرية
يجب على الأشخاص الذين يفضلون قضاء الوقت في الطبيعة بالقرب من الحيوانات البرية، مثل الثعالب والتماسيح والراكون، أن يتعلموا كيفية التعامل معها بلطف. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
- تجنب إزعاج الحيوانات أو مطاردتها أو الإمساك بها. يجب الابتعاد عنها في فترات التزاوج وتجنب إزعاج صغارها.
- تجنب إطعام الحيوانات البرية، لأن ذلك قد يؤدي إلى الإضرار بصحتها أو تغيير سلوكها الطبيعي أو تعريضها للحيوانات المفترسة.
- تجنب استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب لحماية الحيوانات البرية والأليفة على حد سواء.
- قيادة السيارات بحذر في المناطق القريبة من موائل الحيوانات البرية لتجنب الاصطدام بها.
- استخدام أدوات الصيد مثل المسدسات والأقواس بحذر وكفاءة عند صيد الحيوانات للحصول على لحومها لضمان موتها بسرعة وتجنيبها الألم والمعاناة.
- دعم الجمعيات المحلية والدولية التي تهتم برعاية الحيوانات المهددة بالانقراض وجمعيات الحفاظ على البيئة.
نظام حقوق الحيوان
تختلف وجهات النظر حول الحيوانات والطرق المثلى للتعامل معها (من الناحية القانونية والأخلاقية) بشكل كبير. تطورت هذه النظرة بشكل كبير بمرور الوقت، بناءً على المناقشات الفلسفية والتعديلات القانونية والتغيرات في الفهم العلمي. ومع ذلك، لا تزال هذه القضية تثير الجدل، ولا يوجد اتفاق عام حول ما إذا كانت الكائنات غير البشرية تمتلك حقوقًا أم لا.
هناك آراء مختلفة في هذا الشأن، فمنهم من يرى أن الحيوانات كائنات بسيطة الإدراك تشبه الآلات المعقدة. بينما يرى البعض الآخر أن الحيوانات مسخرة لخدمة البشر وتلبية احتياجاتهم، وهو رأي تدعمه بعض الأديان. هناك أيضًا وجهات نظر دينية ترى أن الحيوانات كائنات عديمة الروح. في المقابل، يعتقد بعض المفكرين أن الحيوانات لا تتعامل مع بعضها البعض وفقًا لمنظومة أخلاقية، مما يجعل البشر في غنى عن الحاجة إلى التعامل معها بأخلاقية.
لمحة تاريخية حول نقاشات حقوق الحيوان
تعود مناقشة حقوق الحيوان إلى عصور قديمة، حيث ناقش الفلاسفة اليونانيون والرومان الأسلوب الأخلاقي الأمثل للتعامل مع الكائنات الحية غير البشرية. اعتقد أتباع فيثاغورس بضرورة احترام الكائنات الحية الأخرى بسبب إيمانهم بانتقال أرواح البشر إلى الحيوانات (أو العكس) بعد الموت. من ناحية أخرى، رأى أرسطو أن للحيوانات هدفًا خاصًا بها غير خدمة البشر، واعتبر أن هناك عددًا لا نهائيًا من الحيوانات يمكن ترتيبها هرميًا حسب إدراكها ورقيها العقلي، بحيث يكون البشر في القمة، مما يمنحهم الحق في تسخير الحيوانات الأدنى.
آمن الرواقيون، وهم فئة من الفلاسفة اليونانيين، بأن الحيوانات تفتقر إلى الإدراك والعقل، وبالتالي رأوا أنه يجوز معاملتها بدون منحها أي حقوق. ترسخت معتقدات هذه الجماعة الفلسفية في الفكر الأوروبي والمسيحي لقرون، وشكلت وجهة نظر دينية حول حقوق الحيوانات سادت أوروبا وتبناها القانون الروماني، ثم انتقلت إلى القانون الإنجليزي والأمريكي بعد فترة طويلة دون تغيير كبير. ظلت هذه الفكرة سائدة في معظم أنحاء العالم حتى نهاية القرن العشرين، عندما بدأت بعض المنظمات في تحديها.
تتنوع وجهات النظر حول الرفق بالحيوان في الوقت الحاضر. إحدى الحركات البارزة في هذا المجال هي حركة “تحرير الحيوان”، التي ترى أن الحيوانات كائنات لها حقوق أخلاقية، وبالتالي لا يجب معاملتها كأشياء غير عاقلة يجوز للناس امتلاكها أو استغلالها. ترى الحركة أن استخدام الإنسان للحيوان لأي سبب (مثل الاحتفاظ به كحيوان أليف أو استغلاله للتجارب أو الرياضة) غير مقبول أخلاقيًا.
أما حركة حماية الحيوان، فهي ترى أن للحيوانات حقوقًا أخلاقية أيضًا، لكنها تبيح استغلال الحيوان لصالح البشر تحت ظروف معينة وعند الخضوع لأنظمة وتشريعات محددة.
تختلف وجهات النظر الدينية أيضًا، فالمسيحية ترى الحيوانات كائنات أدنى من البشر، واليهودية لا تجد مانعًا من الاستفادة من الحيوانات واستغلالها (كطعام مثلاً)، إلا أنها تحرم الإيذاء غير الهادف للحيوان. أما الإسلام، فيرى أن الحيوانات مخلوقات مميزة يجب الرفق بها وإبداء الرحمة تجاهها. تتشابه الديانتان الهندوسية والبوذية مع الإسلام في معاملة الكائنات الحية، إلا أنهما أكثر تشددًا في تحريم إيذاء أي كائن حي أو قتله.
مظاهر الرحمة بالحيوان في الشريعة الإسلامية
تؤكد الشريعة الإسلامية على معنى الرفق بالحيوان في مواطن كثيرة، ابتداءً من تأكيد أنّ الحيوانات ما هي إلا أمةٌ من الأمم، حيث قال تعالى:
(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) { الأنعام: 38 }.
كما يذكر الإسلام معنى الرّفق في الأمر كلّه.
وقد حثّ النبي مُحمَّد على حسن التّعامل مع الحيوان والرّفق به، فقد نهى عن اتخاذ ظهور الدّواب مقاعد، كما نهى عن اتخاذ الحيوانات هدفاً أو صيدها عبثاً من دون غاية أو هدف، كما نهى عن التّحريش بين الحيوانات أو وسمها على وجوهها بزعم تمييزها، وكذلك نهى عن لعن الدّواب عند ركوبها أو سبّها.
كما أنَّ الإسلام يحثُّ على حقوق الحيوان وتقديم الطّعام المناسب والكافي له، فقد دخل النّبي مُحمَّد يوماً إلى بستان أنصاري، فوجد جملاً يذرف دمعاً ويشكو له؛ ممّا يلاقيه من صاحبه من تجويع وسوء معاملة، فكان توجيهه لصاحبه أن يتّقي الله فيه، وأن يحسن معاملته.
كما ذكر في حديث آخر كيف دخلت امرأة النّار بسبب هرّة حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، والإحسان مع الحيوان أمرٌ أساسيٌّ في تعاليم الإسلام، حتّى عند قتله بهدف الانتفاع من لحمه، حيث قال مُحمَّد:
(إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلةَ وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحةَ وليُحدَّ أحدُكم شَفرتَه وليُرحْ ذبيحتَه ).