العلم الأردني: رمزية ودلالات

مقدمة: العلم الأردني.. هوية وانتماء

إن الراية التي ترفرف في سماء كل دولة هي تجسيد لسيادتها ورمز لكيانها. إنها العلامة المميزة التي تعكس تاريخها وقيمها، وتميزها عن سائر الأمم. علم المملكة الأردنية الهاشمية ليس مجرد قطعة قماش ملونة، بل هو عنوان للفخر والاعتزاز لكل أردني وأردنية.

استعراض: العلم الأردني.. قصة ألوان ودلالات

منذ فجر التاريخ، اختارت كل أمة وحضارة علماً خاصاً بها، يحمل رمزية معينة يعبر عنها ويميزها عن غيرها. في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، اتخذ المسلمون راية خضراء لتمييز جيوشهم، ومن ثم تبنت كل دولة إسلامية رايتها الخاصة. علم الأردن يوقظ مشاعر الفخر والاعتزاز بما يختزنه من رموز ودلالات تستمد من التاريخ الإسلامي والعربي الزاهر.

إن ألوان العلم ليست اعتباطية، بل تحمل معاني عميقة، بعضها تاريخي، وبعضها قومي، وبعضها ديني. تتجسد هذه الدلالات في الألوان والأشكال والنجمة السباعية، وكلها مرتبطة ببعضها البعض بتناسق بديع. علم المملكة الأردنية الهاشمية يجمع ألواناً ذات دلالات تاريخية عريقة ومعانٍ قومية راسخة، ويتألف من أربعة ألوان: الأسود والأبيض والأخضر والأحمر، مرتبة في ثلاثة مستطيلات أفقية ومثلث جانبي.

اللون الأخضر يمثل الدولة الأموية والخلافة الراشدة، وهما من أعظم الدول في التاريخ الإسلامي. أما اللون الأسود، فيشير إلى الدولة العباسية التي تلت الدولة الأموية وكانت أيضاً من بين الدول العظيمة. اللون الأبيض يرمز إلى الدولة الفاطمية التي حكمت مصر والمغرب والشام والحجاز بالتزامن مع الدولة العباسية. في حين يمثل اللون الأحمر الأسرة الهاشمية، حيث يجمع المثلث الأحمر أجزاء من تاريخ الأسرة الهاشمية في الدول الإسلامية الثلاث التي مرت عبر التاريخ الإسلامي.

النجمة البيضاء السباعية الموجودة في منتصف المثلث الأحمر تحمل دلالة دينية هامة، حيث تشير إلى السبع المثاني في القرآن الكريم، وهي سورة الفاتحة. هذا يدل على الأهمية الدينية التي يرمز إليها العلم، والتي تنبع من الإشارة إلى الدول الإسلامية العظمى، وإلى السبع المثاني وقيمتها الدينية العظيمة. قال تعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}.

وفي الحديث الذي ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورد تأكيد على عظمة السبع المثاني عند الله تعالى، فقد روى أبو سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له:”لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ”.

تم تحديد مقاييس العلم بدقة لضمان مظهره الأنيق. فقد تم الاتفاق على أن يكون طول العلم ضعف عرضه، وأن يقسم إلى ثلاثة مستطيلات أفقية: الأسود في الأعلى، والأبيض في المنتصف، والأخضر في الأسفل. يقع المثلث الأحمر على الجانب الأيسر من العلم بقاعدة تساوي عرض العلم وارتفاع يساوي نصف طوله. ويأتي الطرف المدبب للمثلث في منتصف العلم، وتحتوي المثلث على نجمة بيضاء سباعية. اعتمد العلم الوطني للمملكة الأردنية الهاشمية في عام 1922، وهو مستوحى من علم الثورة العربية الكبرى.

انطلقت الثورة العربية الكبرى من مكة المكرمة بقيادة الشريف حسين بن علي، الجد الثاني لجلالة الملك عبد الله الثاني. إن علم الأردن، بالإضافة إلى جماله وتناسقه الذي يجعله لوحة فنية ترفرف عبر العصور، يحمل معاني ودلالات واسعة.

خلاصة: العلم الأردني.. تجسيد لإرث الثورة العربية

في الختام، العلم الحالي للمملكة الأردنية الهاشمية يشبه إلى حد كبير علم الثورة العربية الكبرى، مع بعض التعديلات والإضافات التي زادت من جماله. علم الأردن هو العلم الوحيد بين أعلام الدول العربية الذي يرمز بقوة إلى الثورة العربية الكبرى، والتي يفخر بها العرب على مر العصور.

المصادر

  1. سورة الحجر، آية: 87
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد بن المعلى ، الصفحة أو الرقم: 4703.
Exit mobile version