مقدمة حول الرابطة الأخوية
تعتبر الأخوة من أسمى العلاقات الإنسانية التي تجمع أفراد العائلة الواحدة، وتمثل أساسًا قويًا للترابط والتكاتف. هذه العلاقة الفريدة مبنية على الدم الذي يجري في العروق، ولا يمكن إيجاد مثيل لها في أي مكان آخر. فعندما يواجه الإنسان صعوبات أو تحديات، غالبًا ما يكون الأشقاء أول من يفكر بهم ويسعى لطلب دعمهم ومساندتهم. وكما قال الله تعالى على لسان موسى:(وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي){سورة طه:29-30}، حيث طلب موسى أخاه هارون ليكون سندا وعونا له. وعندما تكون العلاقات الأخوية قوية ومتينة، فإن الأسرة تستطيع أن تؤدي دورها في المجتمع على أكمل وجه، وتساهم في بناء جيل قوي ومتماسك.
تمييز أنواع الأخوة
يوجد نوعان رئيسيان من الأخوة: الأخ الشقيق والأخ غير الشقيق. الأخوة الأشقاء هم الذين يشتركون في نفس الأب والأم، بينما الأخوة غير الأشقاء هم الذين يشتركون إما في الأم فقط أو في الأب فقط.
هذا التمييز بين الأخ الشقيق وغير الشقيق له اعتبارات في الشريعة الإسلامية، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الميراث بعد وفاة الوالدين. فقد حدد الشرع حصة كل واحد منهم. فالأخ غير الشقيق من الأم له حق محدد في الميراث، ولكنه لا يعتبر من العصبة، بينما الأخ غير الشقيق من الأب يعتبر من العصبة ويحل محل الأخ الشقيق في حالة عدم وجوده.
دور الأخوة في بناء الأسرة
قد تنشأ بعض الخلافات بين الأشقاء، سواء كانوا أشقاء أو غير أشقاء، وهذا أمر طبيعي ناتج عن اختلاف وجهات النظر والتفكير. فالاختلاف سنة كونية أوجدها الله لتحقيق التكامل والتعايش الأمثل. ومع ذلك، يجب ألا تكون هذه الخلافات ذريعة لإيذاء الآخرين، وخاصة الأشقاء. للأسف، نسمع عن قصص مؤسفة حيث يقوم الأخ بإيذاء أخيه أو محاولة قتله في لحظات غضب، أو قطع العلاقات والابتعاد عن بعضهم البعض بسبب هذه الخلافات.
يجب على الوالدين العمل على تعزيز العلاقات الطيبة بين الأبناء وتجنب التمييز بينهم على أي أساس. العدل هو أساس التعامل، فالتمييز بين الأبناء قد يؤدي إلى إثارة الحقد والغيرة بينهم. يجب أيضًا ترسيخ مفهوم الأخوة في قلوبهم وتوعيتهم بضرورة الوقوف معًا في السراء والضراء، والحفاظ على صلة الرحم، والاطمئنان على بعضهم البعض، وعدم السماح لأي طرف خارجي بالتأثير سلبًا على علاقاتهم.
إن تعزيز هذه القيم الحميدة يسهم في بناء أسرة قوية ومتماسكة، قادرة على مواجهة التحديات والصعاب. كما ورد في السنة النبوية المطهرة عن أهمية صلة الرحم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت” [متفق عليه].