العافية الشاملة في الإسلام

تعريف العافية في الإسلام

إن العافية في الإسلام لا تقتصر على السلامة الجسدية واستعراض القوة البدنية، بل هي استثمار للطاقة في المسار الصحيح. إنها مفهوم شامل يتضمن جوانب متعددة، تشمل العافية الإيمانية والعقائدية، والقدرة البدنية، والالتزام بالطاعة وفعل الخير، والإرادة القوية، وكل ذلك يصب في مصلحة المسلمين ويؤدي إلى النصر على الأعداء وتحقيق الخير لهم. العافية هي القدرة على مواجهة تحديات الحياة بثبات ويقين.

جوانب العافية في الإسلام

تتجسد العافية في الإسلام في عدة مظاهر، منها:

• ثبات الإيمان وصحة الاعتقاد: المسلم القوي يتمسك بتعاليم دينه بإحكام وثبات، ولا يتهاون أو يتراجع عنها. كلامه يتسم بالثقة، وأفعاله بالرسوخ، دون تردد أو ضعف.
• الاستقامة والثبات: المسلم يتجنب الباطل وأهله، ويدافع عن الحق ويسانده، ملتزماً بالبصيرة في جميع شؤونه.
• المجاهرة بالحق ورفض المداهنة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مدفوعاً بالاستمساك بالحق والرضا به.
• التحكم في الذات: ضبط النفس والسيطرة على الإرادة، وهي صفات تدل على سمو الأخلاق وكمال الصفات.
• الاستعداد العسكري: الدفاع عن الأمة الإسلامية وحمايتها من الأعداء.

دوافع ازدهار المسلمين وعلو شأنهم

هناك عدة أسباب وعوامل تؤدي إلى تكوين أسباب العافية وعزة المسلمين، منها:

• التمسك بكتاب الله وسنة نبيه: والتحاكم إلى الشريعة الإسلامية في كافة مناحي الحياة.
• محاربة البدع: والابتعاد عن الانحرافات التي تسيء إلى الدين.
• التفاف المسلمين حول العلماء: لأنهم الأقدر على فهم قضايا الأمة وتقديم الحلول المناسبة.
• التأمل في التاريخ الإسلامي: واستخلاص العبر من أمجاد الأمة، مما يشحذ الهمم ويبعث العزيمة.
• حسن الظن بالمستقبل: والإيمان بأن النصر حليف هذا الدين مهما طال الزمن، فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن أمر هذا الدين:
  “لا يبقَى علَى ظَهْرِ الأرضِ بيتُ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلَّا أدخلَهُ اللَّهُ كلمةَ الإسلامِ بعِزِّ عزيزٍ أو ذلِّ ذليلٍ إمَّا يعزُّهمُ اللَّهُ – عزَّ وجلَّ – فيجعلُهُم من أَهْلِها، أو يذلُّهم فيدينونَ لَها“.
• تحمل المسؤولية: والبدء بإصلاح الذات ثم المجتمع.
• الابتعاد عن المعاصي: وعدم الاغترار بالعدد والعدة، والانتباه لمكائد الأعداء وعدم تضخيمهم.

أنواع العافية في الإسلام

هناك نوعان أساسيان للعافية في الإسلام، وهما:

1. العافية العلمية:

   تقوم هذه العافية على العلم الذي يضيء القلب بالبصيرة. وأهم ما يجب على المسلم تعلمه ليصبح مؤمناً قوياً:

   • تعلم الإيمان والإسلام والإحسان: وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه العافية العلمية.
   • تعلم الوضوء وواجبات الصلاة ومبطلاتها: فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وعمود الدين.
   • تعلم أركان الإسلام: فعلى صاحب المال أن يتعلم فقه الزكاة، وعلى المستطيع تعلم فقه الحج والعمرة، بالإضافة إلى فقه الصيام، وغيرها من الأركان الأساسية.
   • تعلم أحكام الشريعة والمعاملات وأمور الدين: مثل المعاملات التجارية للتاجر، وفقه الزواج، وأحكام الميراث، وغيرها من العلوم الشرعية الهامة.
2. العافية العملية:

   اكتساب المرء للعافية العلمية له تأثير كبير على قوته العملية. فمن تعلم فقه الصلاة وواجباتها وأركانها وأداها كما أمر الله، فإن صلاته ستنهاه عن الفحشاء والمنكر كما جاء في القرآن الكريم. وكذلك في الزكاة وغيرها من العبادات. وأداء العبادات والنوافل على أكمل وجه له تأثير عظيم في حياة المسلم وفي تحسين نفسه باستمرار، وله تأثير إيجابي على المجتمع أيضاً.

3. العافية الأخلاقية:

   الأخلاق الحسنة والسلوك القويم لهما تأثير كبير على الفرد والمجتمع. فلو حرص كل فرد على الالتزام بالأخلاق الحميدة، وتجنب الغيبة، وغض البصر، والابتعاد عن الغش والظلم والكذب وأكل حقوق الناس، لعمّ الأمان في المجتمع واختفت الضغائن والأحقاد.

4. الوحدة والتآلف:

   الترابط والتآلف بين المؤمنين قوة عظيمة. يجب أن يكون المؤمنون رحماء فيما بينهم، حريصين على مصلحة بعضهم البعض، كالجسد الواحد، وأشدّاء على أعدائهم.

5. الدعوة إلى الله:

   يجب على المسلم أن يكون حريصاً على هداية إخوانه، ينصحهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ولا يتركهم فريسة لشهوات الدنيا.

أثر العافية في الإسلام

فضل النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤمن القوي على المؤمن الضعيف، مع وجود الخير في كليهما، وذلك لأن المؤمن القوي أكثر نفعاً للمسلمين، فهو بما يمتلك من قوة إيمانية وبدنية وعملية، قادر أكثر من غيره على الجهاد في سبيل الله ودحر الأعداء، وقادر على تحقيق مصالح المسلمين والدفاع عن الدين.

الملخص: العافية في الإسلام مفهوم شامل يغطي الجوانب البدنية والعقدية والأخلاقية، بالإضافة إلى العلمية والعملية. تتجلى في الثبات على الحق والمبادئ، والتحكم بالنفس، والصدق في الإيمان. وأهم أسباب قوة المؤمنين وعزتهم: تجنب الذنوب والمعاصي، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله.

المراجع

1. سليمان بن حمد العودة (2013)،شعاع من المحراب(الطبعة 2)، الرياض – السعودية:دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 56، جزء 9.
2. صالح بن فوزان،مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان، صفحة 198، جزء 1. بتصرّف.
3. فهد بن عبد الله الصالح (2018-4-17)،”القوة في الإسلام “،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-29. بتصرّف.
4. “من أسباب عزة المسلمين “،www.islamway.net، 2009-1-9، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-29. بتصرّف.
5. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن المقداد بن عمرو بن الأسود، الصفحة أو الرقم:1159، صحيح.
6. ياسر برهامي،دروس للشيخ ياسر برهامي، صفحة 4-18، جزء 25. بتصرّف.
7. “شرح حديث ( المؤمن القوي … ) وبيان معنى القوة فيه”،www.islamqa.info، 2011-8-3، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-29. بتصرّف.