جدول المحتويات
الموضوع | الرابط |
---|---|
تأثير الطبيعة على الشعر الرومنطيقي | تأثير الطبيعة على الشعر الرومنطيقي |
نظرة الرومانسيين للطبيعة | نظرة الرومانسيين للطبيعة |
أثر الطبيعة على الروح الرومانسية | أثر الطبيعة على الروح الرومانسية |
أمثلة شعرية تعكس علاقة الشاعر بالطبيعة | أمثلة شعرية تعكس علاقة الشاعر بالطبيعة |
ظهور مدرسة الشعر الرومنطيقي وتأثير الطبيعة
شهدت الحركة الأدبية العربية بروز تيار رومنطيقي جديد، تبناه شعراء عرب كثيرون، انطلاقاً من رغبتهم في التحرر من القوالب التقليدية السائدة. وقد استلهم هؤلاء الشعراء هذا التيار من الأدب الأوروبي، متميزاً بعواطفه الجياشة وبساطته بعيداً عن التعقيد. وتُعتبر الطبيعة عنصراً أساسياً في هذا التيار، فبينما كانت الطبيعة حاضرة في الشعر قبل الرومانسية، إلا أنها اكتسبت أهمية خاصة في هذا العصر.
رؤية الشعراء الرومانسيين للطبيعة: جوانبها المتعددة
برزت رؤية فريدة للطبيعة في شعر الرومانسيين العرب، من أهم سماتها: التمازج بين الشاعر وبيئته الطبيعية. كان هذا التمازج بمثابة ملاذ للشعراء هرباً من قسوة الحياة اليومية. يُعدّ كامل الصيرفي مثالاً بارزاً على هذا التناغم، كما يتجلى ذلك في قصيدته “أنا أنتِ”:
أنا أنتِ لكن خبريني:
أترى أعود إلى ربيعيترويك أمطار الشتاء ارتويت من الدموع
أنا أنت منتشـر الغصون
مددت ظلي في الحياة
لكن أهواء الخريــف كأنها حكم الطغاة
عصفت بأوراقي فلا ظليمد علي هُواتي
لكن يعود لك الربيع
فهل يعود إذاً ربيعي
أنا أنت..منفرد يحيــط بي السكون بلا سمير
لكن تحيط بك الطـــيــــور كعهدك الماضي الزهيروتحط فوقك تطلب الذكرى وتهجرني طيوري
ولسوف يرتد الربيــــــع فخبريني عن ربيعي
كما عبر شعراء آخرون عن السعادة التي تجلبها الطبيعة، مؤكدين على أن العودة إلى أحضانها هي السبيل الوحيد لتحقيق السعادة الحقيقية. نجي العلي، مثلاً، يُجسّد هذا الشعور في قصيدته “بي نزوع إلى الدواعي”:
كل شيء حيّ هنا ونبات القبرينمو في غير هذا المكان
طلع البدر يرتقي ذروة الأفقويجتاز حالك الأسداد
يا أمير الظلام إنك تبدوحائر الرأي واضح الترداد
ثم تمضي مجاوزاً حجب الليلوترمي بنورك الوقَّاد
كلّما شارف الثرى فيض نورمرسل من جبينك الوضّاح
وإذ الأرض قد تضوع منهاعن ثراها النديّ عطر الصباح
استثارت عطر القديم من الحبدفين العبير في الأرواح
أيهذا الوادي المحبب ما زرتكحتى سألت عن أوصابي
أين راحت لواعجي أين آلامياللواتي أهرمنني في الشبابعاودتني طفولتي فيك حتى
خلت أني ما اجتزتُ يوم عذاب
يا خفاف السنين يا صولة الدهرقوياً مثل الجبابر عاتية
تأثير الطبيعة على الروح الشعرية
لعبت الطبيعة دوراً محورياً في تشكيل الشعر الرومنطيقي، من أهم تأثيراتها: التشخيص، حيث أضفى الشعراء صفات إنسانية على الطبيعة، وكأنهم يخاطبون كائناً حياً. كما ظهرت فلسفة وجودية عميقة في كثير من القصائد، تعكس رؤية الشاعر للحياة والوجود.
أمثلة من الشعر الرومانسي العربي
تُجسّد العديد من القصائد هذا الترابط الوثيق بين الشاعر والطبيعة. منها قصيدة أبي القاسم الشابي “غنَّاه الأمس وأطربه”، التي يعبر فيها الشاعر عن علاقته العميقة بالطبيعة:
مُذْ كانَ له مَلَكٌ في الكونِجَميلُ الطَّلعَةِ يَعْبُدُهُ
في جوفِ اللَّيْلِ يُناجيهِوأَمامَ الفَجْرِ يُمَجِّدُهُ
وعلى الهَضَباتِ يُغنِّيهِآياتِ الحُبِّ ويُنْشِدُهُ
لولاهُ لما عَذُبَتْ فيالكونِ مَصَادِرُهُ ومَوارِدُهُ
ولَما فاضَتْ بالشِّعْرِ الحيِّ مَشَاعِرهُ وقَصَائِدُهُ
تمشي في الغابِ فتَتْبَعهأَفراحُ الحُبِّ وتَنْشُدُهُ
ويرى الآفاقَ فيُبْصِرُهازُمَراً في النُّورِ تُراصِدُهُ
ويرى الأَطْيارَ فيَحْسَبُهاأَحلامَ الحُبِّ تُغَرِّدُهُ
ويرى الأَزهارَ فيَحْسَبُهابَسماتِ الحُبِّ تُوارِدُهُ
فَيَخَالُ الكونَ يُناجيهِوجَمالَ العالَمِ يُسْعِدُهُ
ونُجومَ اللَّيلِ تُضاحِكُهُونَسيمَ الغابِ يُطَارِدُهُ
ويَخالُ الوَرْدَ يداعِبُهُفرحاً فتعابثه يَدُهُ
ويرى اليُنْبوعَ ونَظْرَتَهُونَسيمُ الصُّبْحِ يُجَعِّدُهُ
وخريرُ الماءِ لهُ نَغَمٌنَسَماتُ الغابِ تُرَدِّدُهُ
كما نجد في قصيدة عباس محمود العقاد “غرب البدر أم دفين بقبري” شكوى للطبيعة، ولجوء الشاعر إليها هرباً من قسوة الحياة:
غرب البدر أم دفينٌ بقبروهوى النجم أم أوى خلف سترِ
ضلَّ هادي العيون واحلولك الـليل فلا فرق بين أعمى وهرِم
اج حتى كأنما يصدم الـبحرُ بموج من بحره مسبكرِ
وترى البحر تحسب الماء حبراًوكأنَّ السماء أعماق بحرِ
ظلمات تحيط بالطرف أنىَّ امـتد لم يعد مده قيد شبرِ
ولهذا الظلام خيرٌ من النوراذا كنت لا ترى وجه حرِها
هنا أطلق العنان لأشـجاني وأبكي نفسي وأنشد شعري