فهرس المحتويات:
المنظور الشرعي لتأخير الصلاة
إن أداء الصلاة في وقتها المحدد يعتبر من الأمور الهامة التي يجب على المسلم المحافظة عليها والاهتمام بها. ومع ذلك، قد تطرأ بعض الظروف التي تقتضي تأخير الصلاة.
يجوز للمسلم تأخير الصلاة في حالات الحرب والقتال، استناداً إلى ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الأحزاب، حيث أخّر صلاتي الظهر والعصر وأداهما بعد صلاة المغرب. لكن بعض العلماء يرون أنه لا يجوز تأخيرها حتى في الحرب، بل يجب أداؤها حسب حالة المسلم وظروفه، وإذا اشتد القتال، يجوز التأخير. بشكل عام، يجوز تأخير الصلاة لعذر شرعي، أما بدون عذر، فلا يجوز.
إن تأخير الصلاة بدون عذر يعتبر أمراً محرماً، إلا في حالات الخوف الشديد أو المرض الشديد. قال تعالى:
(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).
وقد دلّ على جواز التأخير بعذر قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الأحزاب:
(شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى، صَلَاةِ العَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، ثُمَّ صَلَّاهَا بيْنَ العِشَاءَيْنِ، بيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ).
أما من أخّر الصلاة بدون عذر، فقد ارتكب إثماً عظيماً. ويُدرَك وقت الصلاة بإدراك ركعة واحدة قبل دخول وقت الصلاة التالية، فمثلاً، من أدرك ركعة قبل شروق الشمس، فقد أدرك الفجر.
ومن أخّر الصلاة حتى خرج وقتها لعذر، فيجب عليه قضاؤها، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-:
(إذا نسِيَ أحدُكم صلاةً أو نام عنها فلْيُصلِّها إذا ذكرَها).
ويجب على المسلم المسارعة إلى قضائها فور تذكرها أو انتهاء العذر. وقد اتفق العلماء على حرمة تأخير الصلاة بعد وقتها بدون عذر شرعي. وينبغي نصيحة من يؤخر الصلاة بالحكمة والموعظة الحسنة.
بيان حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها
اتفق العلماء على جواز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها المحدد، إلا إذا خشي المسلم وجود مانع يمنعه من أدائها في آخر الوقت. ويستند هذا إلى صلاة جبريل -عليه السلام- بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الوقت. وتُدرَك الصلاة بإدراك ركعة واحدة قبل دخول وقت الصلاة التالية.
إذا أدرك المصلي أقل من ركعة، يرى البعض أنه أدرك الصلاة لإدراكه جزءاً منها، بينما يرى الرأي الآخر أنه لم يدركها، لأن المعتبر في إدراك الصلاة هو إدراك ركعة. ومن فاتته الصلاة، يجب عليه قضاؤها فوراً. ويُعتبر تأخيرها إلى آخر الوقت خلاف الأولى.
حكم قضاء الصلاة لمن أخرها عن وقتها
يُعدّ تأخير الصلاة بعذر من الأمور التي توجب قضاء الصلاة. أما إذا كان التأخير بدون عذر، فقد ارتكب الإنسان فعلاً من الموبقات. ويرى الأئمة الأربعة وجوب القضاء حتى وإن تركها بدون عذر، لكنه يكون قد ارتكب إثماً كبيراً. وتأخيرها لما بعد وقتها بعذر يوجب القضاء فور انتهاء العذر.
وجاء عن الشافعية أن تأخير الصلاة بسبب النسيان يُعدّ عذراً إذا لم يكن سببه التقصير، فلا يُعتبر المسلم آثماً بتأخيره حينئذٍ.