الصلع واستعادة الشعر: حلول وتقنيات حديثة

مقدمة حول مشكلة تساقط الشعر

تساقط الشعر يمثل تحدياً يواجهه الكثيرون، وقد يؤثر على الثقة بالنفس والمظهر العام. تتعدد الأساليب العلاجية المتاحة، ولكن القليل منها فقط يعتمد على أسس علمية قوية. سنسلط الضوء في هذا المقال على أبرز هذه الطرق، مع التركيز بشكل خاص على تقنية زراعة الشعر وتفاصيلها.

خيارات متنوعة للتصدي للصلع

تتوفر عدة خيارات لمواجهة مشكلة الصلع وتساقط الشعر، تتراوح بين العلاجات الدوائية الموضعية والفموية، وصولاً إلى التدخلات الجراحية كزراعة الشعر. اختيار الأسلوب الأمثل يعتمد على حالة المريض، ودرجة التساقط، وتوقعاته من العلاج.

العلاج الموضعي: حلول مباشرة

يعتبر استخدام عقار المينوكسيديل موضعياً أحد الخيارات الشائعة. يتوفر هذا العقار على شكل سائل أو بخاخ، ويوضع مباشرة على المنطقة المصابة لتحفيز نمو الشعر. يجب الاستمرار في استخدامه يومياً لمدة لا تقل عن ستة أشهر للحصول على نتائج ملحوظة. يعمل المينوكسيديل بشكل أساسي على منع المزيد من التساقط وتشجيع نمو الشعر الموجود. ومع ذلك، فإن نتائجه مؤقتة، حيث يعود الشعر إلى التساقط بعد التوقف عن استخدامه لعدة أشهر. من الأعراض الجانبية المحتملة لهذا العلاج تهيج وحكة في فروة الرأس، خاصة عند استخدام التركيزات العالية من الدواء.

ملاحظة هامة: قبل البدء في استخدام المينوكسيديل، يجب استشارة الطبيب لتحديد التركيز المناسب والتحقق من عدم وجود موانع للاستخدام.

الأدوية عن طريق الفم: علاج شامل

يتضمن هذا الخيار استخدام عقار فيناسترايد، وهو نفس الدواء المستخدم لعلاج تضخم البروستات لدى الرجال، ولكن بجرعة أقل. يمنع إعطاء هذا الدواء للنساء المعرضات للحمل لأنه قد يسبب آثاراً جانبية على الجنين. يؤخذ الفيناسترايد عن طريق الفم على شكل حبوب يومياً لمدة لا تقل عن ستة أشهر. يساعد هذا الدواء في نمو الشعر وإيقاف التساقط. من الأعراض الجانبية المحتملة، وإن كانت نادرة، تأثيره على العلاقة الزوجية لدى الرجال. كما هو الحال مع المينوكسيديل، فإن فعالية الفيناسترايد مؤقتة، وتزول بعد التوقف عن استخدامه بعدة أشهر.

تحذير: يجب استشارة الطبيب قبل استخدام الفيناسترايد لتقييم المخاطر المحتملة والتأكد من ملاءمته للحالة الصحية للمريض.

زراعة الشعر: الحل الجراحي الدائم

تعتبر زراعة الشعر الخيار الوحيد الذي يوفر نتائج دائمة للتخلص من الصلع. تعتمد هذه الطريقة على نقل بصيلات الشعر من المنطقة الخلفية للرأس إلى منطقة الصلع في المقدمة. بعد نجاح العملية ونمو الشعر في المنطقة المزروعة، ينمو الشعر بشكل طبيعي ويمكن قصه وحلاقته دون أن يتأثر. أثبتت الأبحاث العلمية أن الشعر الموجود في مؤخرة الرأس غير معرض للصلع، وعند نقله إلى مقدمة الرأس، فإنه يحتفظ بهذه الخاصية ولا يتساقط. هذه الطريقة مستخدمة منذ عدة عقود، وقد مرت بمراحل تطور ونقلات نوعية.

تطور تقنيات زراعة الشعر: بدأت زراعة الشعر في السبعينات الميلادية بتقنية الخزعات الدائرية الكبيرة، حيث يتم نقل قطع دائرية من مؤخرة الرأس بحجم 3 أو 4 مليمتر. ومع ذلك، كانت نتائج هذه الطريقة غير مرضية بسبب ظهور ندبات دائرية في المنطقة المانحة وظهور الشعر المزروع بشكل تكتلات.

تقنية زراعة وحدات الشعر (FUT): تطورت الأمور في التسعينات، وبدأ يصغر حجم الخزعات حتى ظهرت طريقة زراعة وحدات الشعر FUT. في هذه الطريقة، يتم نقل وحدات الشعر بتوزيعها الطبيعي، حيث تحتوي الوحدة على شعرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو نادراً أربع أو خمس شعرات. تعتبر هذه الطريقة الأكثر نجاحاً والتي يمارسها معظم المتخصصين في زراعة الشعر حول العالم، وتعطي نتائج طبيعية المظهر. تتضمن هذه الطريقة الخطوات التالية:

  1. تقييم حالة المريض والتأكد من ملاءمتها للزراعة وخلوه من موانع الجراحة.
  2. شرح تفاصيل العملية للمريض وأخذ موافقته.
  3. تخدير منطقة مؤخرة الرأس (المنطقة المانحة) تخديراً موضعياً.
  4. أخذ شريحة من الجلد لا يتجاوز عرضها سنتيميتراً واحداً.
  5. قفل المنطقة المانحة بخيوط خاصة تزال بعد أسبوع من العملية.
  6. نقل الشريحة الجلدية إلى سائل مبرد وتقطيعها إلى قطع رقيقة.
  7. فصل كل وحدة شعر لوحدها.
  8. تخدير المنطقة المستقبلة (المقدمة) تخديراً موضعياً.
  9. عمل فتحات لإدخال الشعرات داخلها باتجاهات ومسافات معينة.
  10. إدخال البصيلات في الفتحات المخصصة.
  11. وضع ضماد مع دهان مضاد للجراثيم على المنطقتين (المانحة والمستقبلة).

بعد العملية، يجب على المريض عمل غسيل بالشامبو بطريقة خاصة لتجنب تساقط الشعر حديث الزراعة، وأخذ قسط كاف من الراحة وتجنب بذل مجهود كبير في الأسبوع الأول بعد الزراعة.

زراعة الشعر بهذه الطريقة تعتبر الأسلوب الشائع على مستوى العالم، ولكنها تستهلك الكثير من الجهد والوقت والمال. عادةً ما يتكون فريق الزراعة من الطبيب إضافة إلى أربعة إلى خمسة فنيين مدربين لفصل الشعرات عن بعضها وإدخالها في الفتحات المخصصة.

تعتبر زراعة الشعر من أكثر العمليّات التجميلية نجاحاً، علماً بأن لها مضاعفات بسيطة ونادرة الحدوث ويمكن معالجتها بسهولة. ومن أهم المضاعفات حصول بعض الألم بعد العمليّة ويمكن التغلب عليه بالأدوية المهدئة خصوصاً في اليوم الأول و في حالات نادرة قد يحدث التهاب في مكان العملية ولكن يمكن منع ذلك أو تخفيفه بالمضادات الحيوية المناسبة.

اقتطاف الوحدات الشعرية: تقنية متطورة

هناك طريقة جديدة ظهرت قبل بضع سنوات فقط وتسمى طريقة حصد او خلع وحدات الشعر FUE. تعتمد هذه الطريقة على أخذ كل وحدة شعر على حدة من المنطقة المانحة بواسطة مشرط دائري صغير جداً (1 مليميتر تقريباً) ثم نقلها إلى المنطقة المستقبلة. تتميز هذه الطريقة بعدم وجود خياطة جراحيّة في المنطقة المانحة، كما يمكن الحصول على الشعر من أماكن أخرى غير مؤخرة الرأس مثل الشعر الزائد بالصدر مثلاً. ولكن عيبها الأكبر هو زيادة الكلفة المادية وزيادة الوقت المستغرق في العملية مع الحصول على عدد محدود فقط من الشعرات المتوفرة للزراعة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”. (صحيح البخاري)

الخلاصة

في الختام، يبقى الاختيار بين هذه الطرق لتحفيز أو تعويض الشعر قراراً مشتركاً بين المريض والطبيب بعد إعطاء شرح وافٍ عن حيثيات الحالة والطرق العلاجية المتاحة.

Exit mobile version