فهرس المحتويات
من هو يحيى السهروردي؟
يعتبر أبو الفتوح يحيى بن حبش الحكيم، المعروف بـ شهاب الدين السهروردي، وشيخ الإشراق، واحداً من أبرز فلاسفة الإسلام. ولد عام 549 هـ، الموافق 1154 م.
ينتمي إلى أصول فارسية. وقد اختلف المؤرخون في تحديد اسمه الكامل، فذكر البعض أنه يحيى بن حبش بن أميرك، بينما أشار آخرون إلى أنه أحمد. إلا أن الرأي الراجح يرجح اسمه يحيى بن حبش الحكيم. وقد أُطلق عليه ألقاب عديدة تعكس مكانته العلمية والفكرية، مثل المؤيد بالملكوت، والشهيد، والشيخ المقتول، وخالق البرايا.
مسيرته العلمية وتكوينه الفكري
برز السهروردي كواحد من أبرز علماء القرن الثاني عشر الميلادي. تلقى تعليمه في أصول الفقه والحكمة على يد الشيخ مجد الدين الجيلي في مدينة مراغة بأذربيجان، حيث تفوق ونبغ في هذه العلوم. وكان الشيخ مجد الدين الجيلي شيخ فخر الدين الرازي. وذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه طبقات الأطباء أن أبا الفتوح السهروردي كان من ألمع علماء عصره في العلوم الحكمية والفلسفة، بالإضافة إلى براعته في أصول الفقه وفصاحته.
دلالة لقب “المقتول”
يرجع لقب السهروردي إلى بلدته سهرورد، وهي بلدة قريبة من مدينة زنجان في بلاد فارس.
أما لقب “المقتول” فقد أُضيف لتمييزه عن شخصيتين صوفيتين بارزتين هما: الإمام شهاب الدين عمر السهروردي، صاحب كتاب عوارف المعارف والطريقة السهروردية، وعمّه أبو النجيب السهروردي.
شيوخه الذين نهل من علمهم
لم تتوفر معلومات مفصلة عن جميع أساتذة السهروردي، ولكن المعروف أنه درس في مدينة مراغة، وفيما يلي ذكر لأبرزهم:
- مجد الدين الجيلي: تلقى السهروردي علومه على يد الحكيم والمتكلم والفقيه مجد الدين الجيلي، أستاذ فخر الدين الرازي.
- ابن سهلان الساوي: بعد انتقاله إلى أصفهان، تتلمذ السهروردي على يد ابن سهلان الساوي، مؤلف كتاب البصائر النصيرية.
- الشريف افتخار الدين: بعد ترحاله في البلدان، وصل السهروردي إلى حلب، حيث تتلمذ على يد الشريف افتخار الدين، الذي كان يحظى بمكانة كبيرة لديه، ممّا أثار حفيظة فقهاء حلب.
أشهر طلابه وأتباعه
بسبب تنقل السهروردي المستمر وقتله في شبابه، لم يتمكن من تكوين قاعدة واسعة من التلاميذ، إلا أنه حظي بتقدير ومحبة الكثيرين. من أبرز تلاميذه الفيلسوف والمفكر شمس الدين محمد الشهرزوري، الذي قام بتأليف كتاب شرح حكمة الإشراق للسهروردي.
الأسس الفلسفية لمذهب السهروردي
كان السهروردي على دراية واسعة بالفلسفة الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة والمشائية، بالإضافة إلى الحكمة الفارسية ومذاهب الصابئة والفلسفة الهرمسية. كان يذكر هرمس في كتاباته ويعتبره من كبار الإشراقيين. يرى كوبان أن ثلاثة اتجاهات رئيسية شكلت فلسفة السهروردي الإشراقية: هرمس، أفلاطون، وزرادشت. تظهر فلسفة السهروردي في مؤلفاته كفلسفة متكاملة تجمع بين الله والكون والإنسان.
كما طور السهروردي نظرية خاصة في الوجود يعبر عنها بلغته الرمزية، تعتمد على نظرية الفيض، ولكنها تختلف عن نظرية وحدة الوجود الصوفية. في هذه النظرية، يعدد العوالم الفائضة عن الله تعالى، أو ما يسميه نور الأنوار، الذي يشبه الشمس ولا يفقد من نوره شيئًا رغم إشعاعه. هذه العوالم، حسب اعتقاده، هي: عالم النفوس، عالم العقول، وعالم الأجساد.
أعماله ومؤلفاته
ترك السهروردي العديد من المؤلفات التي عبر فيها عن فلسفته وأفكاره، ومن أهمها:
حكمة الإشراق
يُعتبر هذا الكتاب، الذي نُشر في عام 1186م، من أهم أعمال السهروردي. سعى فيه إلى وضع منهج بديل للواقع، وشكك في الميتافيزيقيا ونظرية ابن سينا التي نشأ عليها. تصور أنه بالاعتماد على البصيرة يمكن إدراك عالم آخر منفصل عن الصور، حيوي بإشعاعات متعددة، وأشار إلى أن النفس البشرية هي مادة مضيئة. يُعد اكتشاف هذا العلم من أهم إسهامات السهروردي في تاريخ الفكر الإسلامي.
هياكل النور
يقسم السهروردي هذا الكتاب إلى عدة هياكل، منها ما يتحدث عن الجسم، ويشير إلى أن كل ما يُشار إليه بالحس هو جسم. يتناول فيه مشكلة وجود النفس وقوتها وتحررها، ويرى أن الإنسان لا يمكن أن يغفل عن ذاته، ولكنه قد يغفل عن جسمه أو جزء من أجزائه.
التلويحات اللوحية والعرشية
يجمع هذا الكتاب بين الكشف الروحاني الصوفي والحكمة العقلية، ويحتوي على مزيج من مواضيع الميتافيزيقا والتصوف الفارسي، بالإضافة إلى العديد من المبادئ المتعلقة بالعلوم الفلسفية.
التنقيحات في أصول الفقه
يتناول هذا الكتاب مواضيع فقهية متنوعة.
ملابسات وفاته
أثار السهروردي حفيظة فقهاء حلب خلال فترة حكم صلاح الدين الأيوبي، وكان ابنه الظاهر واليًا على حلب. على الرغم من أن السهروردي كان يحظى بتقدير الظاهر في البداية، إلا أن الفقهاء اتهموه بالزندقة والانحلال، وأصدروا فتوى بقتله، وأرسلوها إلى صلاح الدين ليوقع عليها، خوفًا من تأثيره على ابنه. فأمر صلاح الدين الظاهر بقتله. ويقال إن الظاهر خيره في طريقة الموت، فاختار أن يموت جوعًا، فسُجن ومُنع عن الطعام حتى مات في حلب عام 587 هـ، الموافق 1192 م.
المراجع
- ابن خلكان، وفيات الأعيان.