جدول المحتويات
المرتكزات الأساسية في الواقعية الفنية
تقوم المدرسة الواقعية على تفضيل العالم الحقيقي على أي تصور خيالي. الواقعية تعني تقييم الأمور استنادًا إلى تطابقها مع الحقائق الملموسة. ترفض هذه المدرسة أيضًا فكرة ارتباط الإنسان الوثيق بالطبيعة المحيطة به.
تستند المدرسة الواقعية بشكل أساسي إلى الواقع بكل تفاصيله. الفنان الواقعي يستوحي أفكاره وشخصياته وأحداثه من الواقع نفسه، دون النظر إلى ما إذا كانت هذه العناصر مثالية أو خيالية. إنها تركز على الأمور التي يعيشها الناس ويشاهدونها في حياتهم اليومية. الإنسان الذي يعاني ويكافح في الحياة هو النقطة المحورية في المدرسة الواقعية.
تختلف الواقعية عن المدرسة الكلاسيكية التي ركزت على الإنسان المثالي، والمدرسة الرومانسية التي اهتمت بالإنسان الهارب والمنعزل. في الواقعية، يمثل الفرد نموذجًا يضم جميع الأفراد المشابهين له، مثل التاجر أو الإقطاعي أو البرجوازي. تجنب الواقعيون استخدام الأساطير والأشباح والأوهام والأحلام في أعمالهم، حيث كان الإنسان محور اهتمامهم الوحيد.
قال تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ” (البلد: 4).
التدقيق في الجزئيات
تولي المدرسة الواقعية اهتمامًا كبيرًا بالتفاصيل الدقيقة جدًا، حتى تلك التي تبدو ثانوية. يشمل ذلك العديد من الجوانب مثل الملامح، الملابس، الأصوات، الحركات، الألوان، وغيرها من العناصر التي تحيط بالصورة بشكل عام. هذا الاهتمام بالتفاصيل يعطي تصويرًا أكثر شمولًا للواقع، مما يجعل العمل الفني يبدو وكأنه نسخة حقيقية من الحياة.
روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا” (صحيح مسلم).
معالجة الجوانب المظلمة
تهتم المدرسة الواقعية بالجوانب السلبية في المجتمع، مثل الفساد الأخلاقي، والظلم المنتشر، والجرائم، والاستغلال بكافة أشكاله. لهذا السبب، يطلق عليها أحيانًا اسم “الواقعية المتشائمة”، على الرغم من أن هذا المنظور ينبع من الرغبة في رصد المشاكل ومعالجتها، وليس مجرد إبراز التشاؤم.
قال تعالى: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (الروم: 41).
النزاهة والموضوعية
تركز الواقعية على النزاهة والموضوعية في التحليل والعرض، وذلك وفقًا للواقع، وليس وفقًا لمعتقدات الفنان أو مواقفه الخاصة. الفنان هنا هو مجرد شاهد على الحدث أو الصورة، ولكن هذه النزاهة لا تعني اللامبالاة، بل تشير إلى عدم فرض أي رأي أو فكرة شخصية على الواقع الحر. الواقعية تهدف إلى الحفاظ على الواقع كما هو.
تكمن مهارة الفنان في المدرسة الواقعية في قدرته على التأثير في القارئ أو المشاهد ودفعه إلى اتخاذ موقف أو رد فعل معين، دون أن يملي عليه آراءه أو أفكاره بشكل مباشر. بل يضعه في موقف يثير الرفض أو الإعجاب، مما يولد لديه نوعًا من التعاطف حسب العمل ومدى جودة تقديمه.
تفعيل التفكير النقدي
تتميز المدرسة الواقعية بأنها تعمل على تحفيز الفكر وتقوية الشخصية وصقل الإرادة. إنها لا تتعامل مع القارئ على أنه مجرد متلقٍ، بل تثير فيه قدرات التفكير والإحساس، وتجعله مسؤولًا عن مصير المجتمع ومصيره الشخصي، وشريكًا للفنان في بناء العمل من خلال البحث والتساؤلات والتحليل والدوافع وإيجاد الحلول.
قال تعالى: “إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ” (ق: 37).
المراجع
- “realism”,britannica
- عبد الرزاق الأصفر،كتاب المذاهب الادبية لدى الغرب، صفحة 138-144.
- راقي نجم الدين،مدونات في الفن والتصميم، صفحة 91.