السمات المميزة للرسائل في الحقبة الأموية

استكشاف الخصائص الرئيسية للرسائل في العصر الأموي، تحليل أسباب ازدهار هذا الفن، وأهميته في تلك الفترة.

أبرز الميزات في الرسائل الأموية

تتميّز الرسائل في العصر الأموي بعدة سمات واضحة، منها:

  • وجود مقدمة وخاتمة: احتواء الرسالة على افتتاحية واختتامية تتضمن حمدًا وثناءً، وتختلف باختلاف منزلة المرسِل والمُرسَل إليه.
  • استخدام أساليب بلاغية: الاعتماد على تعابير وجمل ذات طابع فني وبلاغي رفيع.
  • الإكثار من السجع: تضمين السجع في مختلف أنواع الرسائل، والتعمد في استخدامه أحيانًا. مثال على ذلك رسالة عبدالله بن مُعاوية بن عبد الله بن جعفر إلى بعض إخوانه يُعاتبه فيقول فيها: “أمّا بعدُ، فقد عاقَني الشك في أَمْرِك عن عزيمة الرّأي فيك، وذلك أنك ابتدَأتَني بِلُطْفٍ عن غير خِبْرَة؛ ثم أعقَبْتَني جفاء عن غير جَرِيرة؛ فأَطْمَعَني أوّلُك في إخائك، وأَيأَسَنِي آخِرُك عن وفَائِكَ؛ فلا أنا في غير الرجاء مجمعٌ لك اطِّراحاً، ولا أنا في غد وانتظاره منك على ثقةٍ؛ فسبحان من لو شاء كشف بإيضاح الشكِّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك؛ فاجتَمَعْنَا على ائتلاف، أو افترقنا على اختلاف، والسلام.”
  • العناية باللفظ: الاهتمام باختيار الكلمات بعناية فائقة، مع مراعاة الرسائل الضمنية والإيحاءات التي تحملها.
  • الميل إلى التصوير الفني: استخدام الصور الفنية والألفاظ النادرة، مما يعكس مستوى البلاغة والرصانة الذي وصل إليه الأدب في تلك الفترة.
  • إظهار التنغيم والإيقاع: حرص الكثير من الكُتّاب على إبراز التنغيم والإيقاع الصوتي في رسائلهم، لإحداث تأثير إيجابي في المتلقي.
  • الإطناب والتكرار: استخدام أسلوب الإطناب، وتكرار المعنى الواحد في جمل متعددة، بهدف توضيح الفكرة وتفصيل أبعادها.
  • الدقة والتنظيم: الاهتمام بالدقة في عرض الأفكار وتنظيمها وتسلسلها المنطقي.
  • صدق العاطفة: كان لصدق المشاعر والأحاسيس دور كبير في انتشار الرسائل، خاصة بين أصحاب الفِرق والأحزاب الذين سعوا لنشر أفكارهم ومبادئهم.
  • الإبداع في التشبيه والوصف: تفنن الكُتّاب في وصف المشاهد وتحليلها، وجذب الانتباه إليها من خلال تصويرها بأشكال مختلفة.
  • الابتعاد عن البساطة: الابتعاد عن الأسلوب البسيط والعفوي الذي كان يميز الرسائل في العصور السابقة، مع وضوح التكلف والمبالغة في الألفاظ.

مكانة الرسائل في العصر الأموي

لم يقتصر استخدام الرسائل على عامة الناس، بل امتد ليشمل الخلفاء الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير كوسيلة للتواصل مع الولاة والعمال، وكذلك ملوك الدول الأخرى، مما أدى إلى إنشاء ديوان خاص يسمى “ديوان الرسائل”. حافظت الكتابة على أسسها التي كانت موجودة في بداية الإسلام من حيث البساطة والإيجاز.

ومع اتساع الدولة الإسلامية ودخول غير العرب في الإسلام وتعلمهم اللغة العربية وفنونها الأدبية، حدث تداخل ثقافي أدى إلى تغيير بعض خصائص فن الكتابة، حيث تأثر غير العرب بطرق الكتابة في لغاتهم الأصلية، وهو ما انعكس على كتاباتهم في الفنون الأدبية العربية.

دوافع ازدهار فن الرسائل في العصر الأموي

بعد نهاية عصر الخلافة الراشدة وبداية العصر الأموي، ظهرت عدة عوامل سياسية واجتماعية ساهمت بشكل كبير في تطور وانتشار الفنون النثرية. كانت الصراعات الحزبية والخلافات بين التيارات الفكرية مصدر إلهام لأدب الرسائل، مما جعل هذا الفن أداة مهمة في خضم هذا الصراع. ومع بدء حركة التدوين، وتوسع الدولة، أصبحت الأخبار والشعر والسير يتم تداولها، وتناولت الرسائل موضوعات متنوعة.

فقد كانت الرسائل وسيلة للتعبير عن الآراء السياسية والدينية، ونشر الأفكار، والتواصل بين الأفراد والجماعات المختلفة. كما لعبت دورًا هامًا في توثيق الأحداث التاريخية والاجتماعية، ونقل المعرفة والثقافة.

ويمكن القول إن ازدهار فن الرسائل في العصر الأموي كان نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية، مما جعلها وسيلة هامة للتعبير والتواصل والتأثير في ذلك العصر.

المصادر

  • محمد إسحاق، منجد بهجت، القيمة الفنية للرسائل في العصر الأموي، صفحة 3-15. بتصرّف.
  • أبتصربينة قرمة، فن الترسل عند عبد الحمير الكاتب، صفحة 24-26. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

مميزات الخطابات الرسمية القديمة

المقال التالي

سمات الخطاب المكتوب

مقالات مشابهة