مقدمة
تعتبر الجزائر، الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والمطلة على البحر الأبيض المتوسط وعاصمتها هي مدينة الجزائر، موطنًا لما يقرب من 41.6 مليون نسمة (وفقًا لتقديرات عام 2019). يتكون التركيب السكاني بشكل أساسي من العرب والبربر، اللذين يشكلون حوالي 99٪ من إجمالي السكان. وتمثل الأقلية الأوروبية نسبة 1% المتبقية، بالإضافة إلى أعداد قليلة من الأمازيغ الذين يعيشون في المناطق الجبلية الشرقية المخصصة للقبائل. فيما يلي عرض لأهم السمات التي تميز الشعب الجزائري.
أهم الخصائص المميزة للمجتمع الجزائري
اللغتان العربية والأمازيغية هما اللغتان الرسميتان في الجزائر. يتحدث حوالي 75% من السكان العربية الجزائرية، بينما يتحدث 25% منهم الأمازيغية. نتيجة للاستعمار الفرنسي الذي بدأ عام 1830، يتحدث جزء من السكان اللغة الفرنسية، وخاصة في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية.
الإسلام هو الدين الرسمي للدولة. على الرغم من أن غالبية سكان الجزائر كانوا يعتنقون المسيحية في العصر الروماني، إلا أنهم اعتنقوا الإسلام في بداية القرن الثامن عشر.
تحتل الأسرة مكانة مركزية في المجتمع الجزائري، حيث تحدد العلاقات الاجتماعية. غالبًا ما يكون الفرد تابعًا للنظام الأسري.
يعتبر الشرف من الركائز الأساسية في هذا المجتمع. يرتبط الشرف ارتباطًا وثيقًا بسمعة العائلة، وينظر إلى سلوك الأفراد على أنه مسؤولية مباشرة تقع على عاتق الأسرة. يفقد الشرف عندما يُرفض تقديم المساعدة لصديق، أو عند إهانة الآخرين وانتقادهم.
يتميز المجتمع الجزائري بالاحترام المتبادل بين أفراده، حيث يتبادلون التحية بالمصافحة الطويلة والسؤال عن الأسرة والعمل والمنزل.
يستخدم الأفراد الألقاب فيما بينهم بسبب الطبيعة الهرمية للمجتمع. يفضل مخاطبة الشخص بلقبه الشرفي أو المهني أو الأكاديمي. من بين الألقاب الشائعة لقب “الشيخ” الذي يطلق على علماء الدين، و”الدكتور”، و”الأستاذ”، و”المحامي”.
خلفية تاريخية عن المجتمع الجزائري
بدأ التحرير السياسي والاقتصادي في الجزائر مع تحرك الحركة الاجتماعية في منطقة القبائل عام 1980، عندما احتج الأمازيغ على القمع الثقافي. مهد هذا الاحتجاج الطريق للاحتجاج على القمع السياسي من قبل نظام الحزب الواحد في الجزائر وبداية الأزمة الاقتصادية. كان الدافع الرئيسي لهذه الاحتجاجات هو الانخفاض الكبير في عائدات النفط عام 1980، مما أدى إلى انخفاض الواردات وزيادة البطالة بين الشباب.
الجزائر في فترة ما قبل الاستقلال
قبل وصول الفرنسيين عام 1830، كانت الجزائر تعرف بالساحل البربري، واشتهرت بوجود القراصنة الذين كانوا يستهدفون السفن المسيحية. استمر القراصنة في نشاطهم حتى تم القضاء عليهم من قبل البحرية الأمريكية عندما غزت أسطولاً بحريًا على الساحل الجزائري، ثم تم القضاء عليهم نهائيًا عند دخول الفرنسيين الجزائر.
- كان المجتمع الجزائري يعيش في الخيام ويعمل في الرعي.
- غزا المسلمون السواحل البربرية عام 1820 وعينوا قادة وجنود عرب، وانضمت إليهم القبائل البربرية بعد أن شعرت بأن الإسلام يوفر لهم هوية وانتماء.
- قمع الغزو الفرنسي (1830-1962) الهوية الثقافية للجزائريين، وتم تحويل المساجد إلى كنائس، والقضاء على الثقافة المحلية، وهدم المدن القديمة وتحويلها إلى شوارع رئيسية.
- استولى الغزو على المؤسسات الدينية وخصص مبالغ قليلة للمدارس والمساجد، وعين مدرسين أوروبيين في المدارس الإسلامية، وقرر تدريس المناهج باللغة الفرنسية، وتم إلغاء اللغة العربية من المدارس.
- دمج الاحتلال التعليم الإسلامي والفرنسي في المدارس الابتدائية والثانوية المختلطة.
ثورة الجزائر والتحرر
نالت الجزائر استقلالها عام 1962 بعد حرب استمرت أكثر من ثماني سنوات متتالية. تم انتخاب مجلس وطني للدولة وإعلان الجمهورية، وبعد ثلاث سنوات أسقط المجلس العسكري الحكومة وسيطر على الجمهورية لمدة عشر سنوات. كانت جبهة التحرير الوطني هي الحزب السياسي الوحيد في الجزائر، وكان حزبًا اشتراكيًا علمانيًا. تم استبدال اللغة الفرنسية بالعربية، مما أدى إلى صراع مع الأمازيغ الذين كانوا يرون أن الفرنسية طريق للتقدم في المجتمع الجزائري.
- تم إنشاء حركة إحياء إسلامية قاعدية تهدف إلى إقامة دولة إسلامية في الجزائر.
- جعل التعليم مجانيًا وإلزاميًا للجميع.
- تمت زيادة الإنفاق العام في بداية التسعينيات للنهوض بالتعليم والرعاية الصحية.
- سعى الإسلاميون الجزائريون لإعادة الهوية الجزائرية لتصبح عربية.
- شكك الإسلاميون في شرعية النظام الحاكم، ورأوا أنه علماني غربي أكثر مما ينبغي، لذا تم تحويله إلى نظام متعدد الأحزاب.
- تحسنت الأوضاع الاقتصادية للبلاد عام 1999، وارتفعت أسعار النفط وبدأ الوضع السياسي يستقر.
- أصبحت الجزائر جمهورية ديمقراطية وشعبية عام 1999، وهي دولة اشتراكية متعددة الأحزاب تقوم على القانون الإسلامي والفرنسي.
خلاصة
يتحدث سكان الجزائر اللغتين العربية والأمازيغية، ويدين معظمهم بالإسلام ثم المسيحية. يتميز المجتمع الجزائري باحتوائه على العديد من الثقافات والقيم المستمدة من الثقافة الشعبية والدين الإسلامي. يحترم الأفراد بعضهم البعض ويستخدمون الألقاب الشرفية أو المهنية عند التحدث فيما بينهم. لا يزال المجتمع يحتفظ بهذه القيم حتى بعد الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
جوانب اجتماعية في المجتمع الجزائري
عانى المجتمع الجزائري في التسعينيات من حروب أهلية بين الحكومة والمتمردين الإسلاميين، حيث كان الجيش يحارب عصابات متمردة، وكان الشعب يعاني من انقسام كبير. تميز المجتمع الجزائري بمظاهر متعددة، من أهمها:
التنوع الديني
ينص الدستور الجزائري لعام 2016 على حرية ممارسة الأديان، لكنه يقر بأن الإسلام هو دين الدولة، ويمنع مؤسسات الدولة من التصرف بطرق تخالف الدين الإسلامي، مع منح القانون حرية ممارسة الشعائر الدينية وعدم الإهانة أو الإساءة بأي شكل من الأشكال للأديان الأخرى. غالبية السكان يعتنقون الدين الإسلامي، ثم المسيحية، ثم اليهودية.
الأصالة والتراث العريق
تتمتع الجزائر بالأصالة والتراث العريق، حيث شكلت الثقافة الإسلامية نظامًا شاملاً لجميع جوانب الفكر والسلوك، مع التركيز على الجوانب الروحية والجسدية. عمل السكان في صناعة الفخار، والمصنوعات الجلدية، والأواني النحاسية، وصناعة المجوهرات، وصناعة البسط ونسج السجاد.
انتشار الثقافة الأمازيغية
الأمازيغ، المعروفون أيضًا بالبربر، ناضلوا لسنوات عديدة من أجل الاعتراف الثقافي بهم في المناطق ذات الأغلبية العربية من السكان. انخرط النشطاء في معارك ضد السياسات القمعية للحفاظ على الهوية الأمازيغية. بدأت حركة إحياء الثقافة الأمازيغية كمجهود شعبي في البداية، ثم بدأت تكتسب نفوذها السياسي تدريجيًا، مع استمرارها في جذب الانتباه الوطني والدولي.
تعدّ الجزائر موطنًا للعديد من الأديان، أكثر شيوعًا الديانة الإسلامية، ثمّ المسيحية ثمّ اليهودية، وتتمتّع بحضارة عريقة استمدتها من الثقافة الإسلامية، كما تبرز فيها الثقافة الأمازيغية التي ناضلت من أجل الاعتراف بها.