مقدمة
في أي أمة، يبدأ تكوين القانون بظهور مسائل متنوعة، قد تكون خلافات أو تحديات تواجه السكان، مما يستلزم وجود هذه الأنظمة. بالتالي، فإن إطلاق هذه الأنظمة وتفعيلها على الأفراد يتطلب سلسلة من الإجراءات الرسمية المنظمة التي تحدد صياغتها وشرعيتها. و أصبح من الضروري وجود هيئة معينة تعمل على حماية الأنظمة من التلاعب بها من قبل أي مؤسسة أو أفراد ذوي سلطة.
ومع تطور هذه المؤسسة، كان لا بد من توزيع السلطة الموحدة إلى ثلاث سلطات لتعزيز القدرة على التعامل مع الأنظمة وتصنيفها والحكم عليها وتنفيذها. وهكذا ظهرت السلطات الثلاث وتم الفصل بينها وتحديد مهمة كل منها، وكانت ثلاث سلطات وهي؛ الجهاز التنفيذي، والهيئة المختصة بالتشريع، والجهة المسؤولة عن القضاء بحيث لا يجوز لأي سلطة منها ممارسة دور سلطة أخرى ولا يجوز أن يكون الشخص نفسه عضواً في أكثر من سلطة من سلطات الدولة، ومع هذا فإن عمل هذه السلطات مع بعضهم البعض بحيث يكون منسجماً ومتوافقاً ومتكاملاً.[1]
الهيئة المختصة بالتشريع
تعتبر الهيئة المختصة بالتشريع هي الجهة المكلفة بصياغة الأنظمة وإصدارها، ومن هنا جاءت تسميتها. إنها السلطة التي تستمد قوتها من الشعب، ويختلف اسم المشرّع تبعًا للدولة، لكنها تحمل نفس روح القانون الساري. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، نجد الكونجرس، الذي يتألف من قسمين: أولاً، مجلس الشيوخ، الذي يتكون من عضوين منتخبين من كل ولاية، بإجمالي مئة عضو، ومدة الدورة ست سنوات، ولا يوجد حد لعدد الدورات التي يمكن للعضو الخدمة خلالها. وثانيًا، مجلس النواب، الذي يضم 435 نائبًا منتخبًا موزعين على الولايات الخمسين بما يتناسب مع عدد سكانها، ولا يوجد حد لعدد الفترات التي يمكن للفرد خدمتها.[2]
وتتبع للهيئات التشريعية وكالات مختلفة مثل مكتب حقوق النشر، ومكتب الميزانية، ومكتب محاسبة الحكومة، وغيرها. وتعمل هذه المجالس على صياغة الأنظمة، أي إصدارها والموافقة عليها باسم الشعب، وإقرار الضرائب، والنفقات الحكومية للدولة. بعد ذلك، يتم تفعيلها من قبل الجهة المسؤولة عن القضاء، ويتم تنفيذها من قبل الجهاز التنفيذي. تمثل هذه السلطة النظام الديمقراطي في دول العالم وهي المسؤولة ضمان العملية الديمقراطية في العالم.[3]
الجهة المسؤولة عن القضاء
الجهة المسؤولة عن القضاء هي السلطة التي يُشار إليها بأنها الدولة، وهي التي تتحقق من تفعيل الأنظمة والتأكد من عدم انتهاكها. وتتولى هذه المهمة مجموعة من المحاكم التي تتدرج حسب التسلسل القضائي، منها المحكمة الابتدائية، ومحكمة الاستئناف، ومحكمة التمييز، وغيرها من المحاكم الأخرى. هذه المحاكم مسؤولة عن التحقق من تفعيل الأنظمة وإصدار حكم بشأن مخالفة النظام من عدمه، ثم تحويل هذا القرار إلى ما يُعرف بالجهاز التنفيذي.[4]
وعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تترأس النظام الفيدرالي المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، والمحاكم الدنيا المحلية. تعتبر المحاكم العليا أعلى من محاكم الاستئناف، ولها الحق في نقض الحكم وتعديله.[4]
الجهاز التنفيذي
الجهاز التنفيذي هو السلطة المسؤولة عن تطبيق الأنظمة، ويُنظر إليه على أنه الحكومة المتمثلة في الوزراء ورئيسها، وما يتبعهم من وزارات تعمل في البلاد، ومنها وزارة الداخلية ودوائرها، مثل الشرطة والدفاع المدني والقوات المسلحة. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يتكون الجهاز التنفيذي من:[2]
- أولاً: رئيس الدولة، وهو القائد العام للقوات المسلحة في الولايات المتحدة، ويحكم الرئيس لمدة أربع سنوات، ولا يمكن انتخابه لأكثر من مرتين.
- ثانيًا: نائب الرئيس، الذي يدعم الرئيس بشكل أساسي ويمكن له أن يصبح رئيسًا في حال أن الرئيس كان غير قادر على القيام بمهامه وواجباته، ومن الممكن أن يخدم عدد غير محدد من السنين وحتى مع اختلاف الرئيس.
- ثالثًا: مجلس الوزراء، الذي يعمل كمستشار للرئيس ويضم كبار المسؤولين الحكوميين، ويتم ترشيح أعضائه من قبل الرئيس، ويجب أن تتم الموافقة عليهم بالتصويت من مجلس الشيوخ، وغيرها من الإدارات الحكومية المختلفة.
في الولايات المتحدة، الرئيس هو رئيس الفرع التنفيذي للحكومة، والذي يشمل أيضًا نائب الرئيس وأعضاء مجلس الوزراء والإدارات الحكومية. يتمتع الرئيس بسلطة إنشاء بعض الأنظمة، مثل الأوامر التنفيذية، ومع ذلك، فإنها تخضع للمراجعة من قبل الفرع القضائي للحكومة الذي لديه سلطة إعلان عدم دستوريتها. يجب مراعاة الفروق بين الدول فيما يخص هذه السلطات الثلاث وتداخل أعمالها والفصل بينها، فنجد على سبيل المثال أن الأنظمة في الاتحادات الفدرالية والكونفدرالية تختلف في آلية تشريعها عن بعض الدول الأخرى.[5]
خلاصة
إن فهم الأدوار المتميزة والمتكاملة للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية أمر بالغ الأهمية لحسن سير عمل أي نظام حكم ديمقراطي. يضمن الفصل بين هذه السلطات وجود ضوابط وتوازنات تحمي من إساءة استخدام السلطة وتحافظ على حقوق المواطنين.