فهرس المحتويات
- أصول السلاجقة
- أبرز المعارك والفتوحات
- معركة ملاذكرد
- الحروب الصليبية
- تقسيمات الدولة السلجوقية
- نهاية الدولة السلجوقية
أصول ونشأة السلاجقة
تأسست الدولة السلجوقية على يد أسرة عسكرية حكمت قبائل الغز التركية. يعود نسب السلاجقة إلى جدهم سلجوق بن دقاق، الذي قادهم في غزواتهم نحو جنوب غرب آسيا خلال القرن الحادي عشر الميلادي (القرن الخامس الهجري). تمكنوا من تأسيس إمبراطورية واسعة شملت بلاد ما بين النهرين وسوريا وفلسطين ومعظم أراضي إيران.
قام القائدان ألب أرسلان وملكشاه بتوسيع الإمبراطورية لتصل إلى حدود مصر. ينتمي السلاجقة إلى قبيلة قنق التركمانية، وهي جزء من قبائل الغز التي تتكون من 23 قبيلة. استقرت هذه القبائل في تركستان، المنطقة الممتدة من هضبة منغوليا وشمال الصين شرقاً إلى بحر قزوين غرباً، ومن سهول سيبيريا شمالاً إلى شبه القارة الهندية وفارس جنوباً. عُرفوا لاحقاً بالأترك.
باعتبارها دولة إسلامية، اهتمت الدولة السلجوقية ببناء المدارس والمساجد، مثل جامع أصفهان الكبير. تبنى السلاجقة اللغة الفارسية، مما ساهم في انتشارها على حساب اللغة العربية.
أهم الوقائع العسكرية والإنجازات
تميز عهد السلاجقة بالعديد من المعارك والفتوحات التي ساهمت في توسيع نفوذهم وترسيخ دولتهم. كان لهم دور كبير في تغيير خريطة المنطقة وتأثيرها على الحضارة الإسلامية.
تطورات وأحداث معركة ملاذكرد
وقعت معركة ملاذكرد في عام 1071م (462هـ) بين السلاجقة والبيزنطيين. استولت الدولة السلجوقية على بعض الأراضي الواقعة على الحدود الشرقية للدولة البيزنطية، مما دفع البيزنطيين لإرسال حملة بقيادة رومانوس لاستعادة هذه الأراضي. تجمع جيش بيزنطي يقدر عدده بين 40,000 و 70,000 جندي خارج القسطنطينية وتوجهوا إلى حلب. إلا أن قائداً منافساً لرومانوس يدعى دوكاس أخذ قسماً من الجيش وتوجه شرقاً إلى نهر الفرات، فتبعه رومانوس حتى وصل إلى منطقة ملاذكرد.
علم ملك السلاجقة أرسلان بهجوم الجيش البيزنطي على حلب، فجهز جيشاً لمواجهتهم. وعندما علم بتغيير وجهتهم، انتقل إلى الشمال، ولكن عدد جنوده كان أقل بكثير. ومع ذلك، تمكن من الوصول إلى أرمينيا وبدأ بإرسال جنوده لقتال البيزنطيين. اشتبك الجيشان وتمكن جيش السلاجقة من هزيمة الجيش البيزنطي.
بعد هزيمة الجيش البيزنطي، أرسل أرسلان عرض سلام رفضه البيزنطيون، الذين أعادوا ترتيب صفوفهم وعزموا على الهجوم مرة أخرى. إلا أن جيش السلاجقة رماهم بالسهام من أعلى تلة قريبة، فأمر رومانوس بانسحاب الجيش إلى معسكرهم. لم يمتثل الجناح الأيمن للأوامر، مما أدى إلى حدوث ثغرات في صفوف الجيش. خان دوكاس رومانوس بسحب القوات الاحتياطية، فاستغل أرسلان ضعف الجيش وأرسل سلسلة من الهجمات الشديدة على الأجنحة البيزنطية، مما تسبب في هزيمتهم وأسر قائدهم رومانوس. في هذه المعركة، خسر الجيش البيزنطي 8 آلاف مقاتل، واستولى السلاجقة على أنطاكيا وأوديسا وهيروبوليس وملاذكرد، ودفع لهم البيزنطيون 1.5 مليون قطعة ذهبية و360,000 قطعة ذهبية سنوياً كفدية لرومانوس الذي سمح له السلاجقة بالعودة إلى القسطنطينية لاحقاً.
دور السلاجقة في مواجهة الحملات الصليبية
كان للسلاجقة دور هام في مقاومة الحروب الصليبية. من أبرز المواجهات في تلك الفترة:
- معركة حماية أنطاكيا: قصد الصليبيون أنطاكيا للسيطرة عليها، فعلم بذلك قوام الدولة كربوغا، أمير الموصل آنذاك، وجهز جيشاً لمنع سقوط أنطاكيا. لكنه حاصر مملكة الرها لمدة 3 أسابيع، مما أدى إلى حصار أنطاكيا من قبل الصليبيين. عندما سمع كربوغا بذلك، فك الحصار عن الرها وتوجه إلى أنطاكيا، وفي طريقه أقام في مرج دابق. ضم العديد من أمراء المناطق لحملة المواجهة. وعندما وصل إلى أنطاكيا التي كانت ما تزال بأيدي المسلمين، حاصر الصليبيين، مما جعل الصليبيين يشعرون بالضعف. أرسلوا إلى كربوغا يطلبون الأمان، إلا أن كربوغا رفض. اندفع الصليبيون إلى مواجهته وزحفوا إلى جيش المسلمين وفرقوهم. على الرغم من عدم انتصار المسلمين في هذه المواجهة، إلا أنها مهمة لكونها دفعت المسلمين للاهتمام بفكرة مواجهة الحملات الصليبية وكسر هيبتها.
- معركة البليخ أو الحران: توجه جيش قوامه 10 آلاف فارس من العرب والأتراك والأكراد إلى مملكة الرها، فسمع حامي الرها البيزنطي بذلك، وأشار عليه الأمراء بالذهاب إلى حران لقتال أهلها. وعندما وصل إلى هناك، كان عدد جنده 13 ألفاً. التقى بجيش المسلمين عند وصولهم لقتاله، وذلك عند نهر البليخ، مما أدى إلى هزيمة الجيش البيزنطي من قبل المسلمين الذين غنموا الكثير من أموالهم أيضاً.
- معركة مرسيفان: تجمع جيش الصليبيين للهجوم على بيت المقدس، وكانوا يعيثون خراباً في كل قرية يمرون بها. وعند وصولهم إلى كنغري، قاتلهم الأتراك، فلم يتمكنوا من السيطرة على المدينة، مما جعلهم ينسحبون متعبين، وكانت وجهتهم قسطموني البيزنطية لاستعادة قوتهم. إلا أن الجيش التركي تبعهم واستمر بمطاردتهم حتى قضى على خُمس الجيش.
- معركة هرقلة الأولى: حدثت هذه المعركة في منطقة هرقلة، عندما واجهت القوات الفرنسية المنهكة من معارك خاضتها ضد السلاجقة بسبب محاولاتهم الفاشلة في السيطرة على قونية، مما أدى إلى الإطاحة بهم من قبل الجيش السلجوقي والقضاء على جيشهم بأكمله، عدا الكونت وستة من أتباعه.
- معركة هرقلة الثانية: توجه نحو 60 ألف مقاتل من الفرنسيين والألمان إلى قونية، فوجدوها خالية، ثم توجهوا إلى هرقلة، وهناك شعروا بالتعب لطول الطريق، فوجدوا المدينة خالية أيضاً. إلا أن الجيش السلجوقي كان قد نصب كميناً للقوات الصليبية، فهاجموهم بغتة واستطاعوا هزيمتهم.
توزع وانقسامات الدولة السلجوقية
بعد ضعف الدولة السلجوقية، انقسمت وتفرقت إلى عدة فروع توزعت في مناطق مختلفة، وهي:
- السلاجقة العظام: وكان أبرز قادتهم طغرل بك، وألب أرسلان، وملكشاه. أما القادة الذين كانوا يتسببون في اندلاع الحروب، فهم ركن الدين أبو المظفر بركياروق، وغياث الدين أبو شجاع محمد، ومعز الدين سنجر أحمد.
- سلاجقة الشام: سيطر سلاجقة الشام على مناطق من الجزيرة والشام، بعد أن انتزعوها من سلطة الفاطميين والروم. انتهى نفوذهم عام 1117م (511هـ) على يد أتابكة الشام والجزيرة.
- سلاجقة كرمان: وهم السلاجقة الذين سيطروا على منطقة جنوب فارس وبعض مناطق الوسط، حيث امتد نفوذهم منذ عام 1042م (433هـ) حتى قضى عليهم التركمان سنة 1187م (583هـ).
- سلاجقة العراق: وهم السلاجقة الذين سيطروا على منطقة العراق والري وهمذان وكردستان، وقد نشروا نفوذهم منذ عام 1117م (511هـ) حتى قام عليهم الخوارزميون سنة 1194م (590هـ).
- سلاجقة الروم: استولى سلاجقة الروم على بعض مناطق آسيا الصغرى التي كانت خاضعة لسلطة الروم. وعندما غزاهم الأتراك العثمانيون، انتهى حكمهم للمنطقة، وذلك عام 1301م (700هـ).
الوقائع والأسباب المؤدية إلى نهاية حكم السلاجقة
وقعت سنة 1230م (427هـ) حرب ضد سلالة خوارزم شاه في إيران، من قبل السلطان علاء الدين كيقباد، وقد أدت هذه المعركة إلى تفكك السلطة السلجوقية. وعندما وصل غزو المغول إلى الحدود الشرقية لتركيا، حاول السلاجقة صد هجماتهم، ووقعت بين القوتين سنة 1243م (642هـ) معركة تدعى “كوسه داغ”، انهزم فيها السلاجقة وفقدوا سيطرتهم وحكمهم على البلاد، وبقيت الدولة السلجوقية كجزء من الدولة المغولية، إلا أنها استمرت بالاضمحلال حتى اختفت في القرن 14 الميلادي (القرن 8 الهجري).
يذكر المؤرخون أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف الدولة السلجوقية، ومنها:
- الصراعات الأهلية التي كانت داخل دولة السلاجقة، وإشعال الفتنة بين أمراء الدولة من قبل بعض الأمراء والوزراء.
- عدم قدرة الدولة السلجوقية على توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت سلطة الدولة العباسية.
- الصدام العسكري بين السلاجقة، والذي أدى بدوره إلى انهيار السلطة في العراق.
- الغزو الصليبي المستمر للمناطق التي تسيطر عليها الدولة السلجوقية.