الرفق بالحيوان في الإسلام: أحاديث نبوية شريفة

وصايا النبي ﷺ في بر الحيوان

حثّ النبي الكريم ﷺ على الرفق بالحيوان، موضحاً فضل إحسانهِ إليه. ففي صحيح مسلم، عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: “ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ:(إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)”. [١] يُشير هذا الحديث إلى وجوب الإحسان في جميع الأمور، شاملةً الحيوان، دلالةً على رحمة الإسلام الشاملة. فالإحسان في القتل يعني اختيار أسهل الطرق وأقلها ألماً، أما الإحسان في الذبح فيتطلب اختيار طريقة تُقلل من معاناة الحيوان. كما يوصي الحديث بتحسين الشفرة لتسريع عملية الذبح وتقليل الألم.

النّهْي عن قتل الحيوان عبثاً

حرّم الإسلام قتل الحيوانات بدون ضرورة أو مبرر شرعي، فهو عملٌ مذموم. يُروى حديث ضعيف عن النبي ﷺ (مَن قَتَلَ عُصفُورًا عَبَثًا عَجَّ إلى اللهِ يَومَ القِيامَةِ يَقولُ يا رَبِّ إنَّ فُلانًا قَتَلَنِي عَبَثًا ولَمْ يَقتُلْنِي مَنْفَعةً).[٦][٧] وحتى وإن كان الحديث ضعيفاً إلا أنه يُبرز شدة تحريم قتل الحيوانات بدون مبرر. كما حثّ النبي ﷺ على عدم إجهاد الحيوانات أو تعريضها للجوع والعطش. روى الألباني في صحيح أبي داود عن سهل بن الحنظلية الأنصاري -رضي الله عنه- قوله: (مرَّ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ببعيرٍ قد لحِقَ ظَهْرُهُ ببطنِهِ فقالَ اتَّقوا اللهَ في هذهِ البَهائمِ المعجَمةِ فاركَبوها صالِحةً وَكُلوها صالحةً).[٨][٧]

تحذير النبي ﷺ من إيذاء الحيوان

يُحذر الإسلام من إيذاء الحيوانات، مؤكداً عاقبة ذلك في الآخرة. ففي الصحيحين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ، لَمْ تُطْعِمْها، ولَمْ تَسْقِها، ولَمْ تَتْرُكْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ).[٩][١٠] كما نهى النبي ﷺ عن استخدام الحيوانات كأهداف للعب أو الترفيه، كما ورد عن سعيد بن جبير -رحمه الله- (مَرَّ ابنُ عُمَرَ بفِتْيَانٍ مِن قُرَيْشٍ قدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِن نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقالَ ابنُ عُمَرَ: مَن فَعَلَ هذا لَعَنِ اللهُ، مَن فَعَلَ هذا؟ إنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا).[١١][٧]

أحاديث إسلامية أخرى عن معاملة الحيوان

توجد أحاديث نبوية كثيرة تُبرز فضل الرفق بالحيوان، ومنها ما رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (بيْنَا رَجُلٌ بطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَوَجَدَ بئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقالَ الرَّجُلُ: لقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلَا خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ له فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، وإنَّ لَنَا في البَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقالَ: في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).[١٣] وهناك أحاديث أخرى تُشير إلى ثواب سقي الحيوان عطشان، وتُبرز أهمية الرحمة بجميع الكائنات الحية.

المراجع

1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، حديث صحيح.
2. محمد علي الهاشمي، شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، بتصرّف.
3. أبالصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، بتصرّف.
4. أبتالملا على القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، بتصرّف.
5. أبتثابن عثيمين، كتاب شرح الأربعين النووية للعثيمين، بتصرّف.
6. رواه الألباني، في ضعيف الترغيب، حديث ضعيف.
7. مصطفى السباعي، مقتطفات من كتاب من روائع حضارتنا، بتصرّف.
8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن سهل ابن الحنظلية الأنصاري، حديث صحيح.
9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، حديث صحيح.
10. أحمد عبيد الكبيسي، كتاب حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة الإسلامية، بتصرّف.
11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعيد بن جبير، حديث صحيح.
12. أحمد عبيد الكبيسي، كتاب حقوق الحيوان والرفق به في الشريعة الإسلامية، بتصرّف.
13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، حديث صحيح.
14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، حديث صحيح.
15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، حديث صحيح.
16. ابن حبان، صحيح ابن حبان.
17. أحمد بن حنبل، مسند أحمد.