الرؤية الجمالية عند مفكري العرب

استكشاف الرؤية الجمالية في الفكر العربي القديم. تحليل للمعايير الجمالية عند الفلاسفة والكتاب العرب مثل ابن سينا وابن رشد والغزالي، والمبادئ التي اعتمدها النقاد العرب.

مقدمة عن التذوق الجمالي عند العرب

اهتم العرب بدراسة الظواهر الجمالية سعياً لفهم مكانة الفن في حياة الإنسان. اعتمد الفلاسفة العرب على فهمهم لفلسفة أرسطو، ومن ثم انطلقوا نحو الاجتهاد والتأصيل في هذا المجال.

منذ القدم، تفاعل التراث الإسلامي مع عناصر من الفلسفة الإغريقية، مما أدى إلى نشوء نتاج فكري متميز. ومع ذلك، فإن تطبيق التقييم الجمالي على الأدب العربي واجه صعوبات وسوء فهم في كثير من الأحيان، ولم تظهر محاولات جادة إلا في العصر الحديث، ومن بين هذه المحاولات كتاب “منهاج البلغاء” لحازم القرطاجني.

لقد توقف العرب عند الجانب النظري لفلسفة الجمال، ولم يضعوا أسسًا جمالية للأدباء، مما أدى إلى ضعف التفاعل بين الفكر الفلسفي والعمل الفني، وإلى عدم اكتمال الصورة الجمالية لديهم. فعندما تحدثوا عن الجمال، لم يكن ذلك يستند إلى أسس منهجية ترتكز على فكر فلسفي متكامل.

المقاييس الجمالية في رؤى الفلاسفة العرب

يمكن استعراض المقاييس الجمالية لدى بعض الفلاسفة العرب على النحو التالي:

رؤية ابن سينا

أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البَلْخيّ ثم البُخاريّ، المعروف بابن سينا، كان يستفيد من آراء الفارابي في أن الكلام المتخيل هو الكلام الذي يبسط النفس، وبالتالي يبسط الأمور أو ينفيض عن أمور دون روية وصحة اختيار. ويرى ابن سينا أن العقل هو الذي يهدي إلى المعارف العليا بواسطة المنطق والفلسفة.

يرى ابن سينا أن “العقل الذي يحمل هو الذي يهدي إلى المعارف العليا بواسطة المنطق والفلسفة”.

رؤية ابن رشد

أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد (520 هـ- 595 هـ)، بذل جهودًا كبيرة لربط كتاب “الشعر” لأرسطو بالفكر العربي، حتى لو اضطره ذلك إلى وضع مدلولات من الأصل العربي لمصطلحات يونانية.

رؤية الغزالي

توقف الغزالي عند الدلالة الجمالية من الجانب النظري، وتحدث عن الحب باعتباره ظاهرة إنسانية طبيعية. فيقول إن الحب أساس من الحس، وأنه يقيم بحثه عن الحسن والجميل على أساس النظرة الحسية ليفسر الجمال فقام بقسمهإلى نصفين الأول يتعلق بما هو ظاهر مثل الشكل، والآخر بما يتعلق بالجوهر وهو ما يشعر به من خلال القلب.

نظرة الكتاب العرب في التقييم الجمالي

أولى العرب اهتمامًا كبيرًا بالتقييم الجمالي منذ القدم، وقد ظهر هذا الاهتمام منذ بداية نشأة الأدب العربي. وقد توسعوا في هذا المجال، وألفوا العديد من الكتب في فروعه المختلفة، مثل “أدب الكتاب” لابن قتيبة، و”درة الغواص” للحريري، و”الخصائص” لابن جني، و”المزهر” للسيوطي.

الأسس المرتبطة بالتقييم الجمالي عند العرب

عرف العرب مجموعة من الأسس واهتموا بالجزئيات أكثر من الكليات، ومن بين هذه الأسس:

قاعدة الوحدة

لم يكن لدى العرب مبدأ عام للوحدة، ولكنهم عرفوا أنواعًا متعددة منها في كتبهم ومقاييسهم الفنية، وذلك من خلال اشتراطهم الفصاحة وأن تتلاءم الأصوات والألفاظ مجتمعة، وأن التلاؤم فرع من فروع الوحدة. وكانت الفصاحة أساسًا من أسس البلاغة لديهم.

كانوا يشترطون “الفصاحة أن تتلاءم الأصوات وتتلائم الألفاظ مجتمعة”.

قاعدة التعزيز

وهي الإبراز والتقوية، أي تعزيز المطلع والخاتمة والإبداع في الاستهلال وحسن الخاتمة. ومع أن العرب لم يذكروا التعزيز بشكل صريح، إلا أن الأدب العربي، شعره ونثره، يزخر بالقوة والتوكيد.

قاعدة المغالاة

كانوا يشيرون إلى مبدأ الغلو ويبتعدون عن الواقع، واشتهر عندهم قول “أعذب الشعر أكذبه”.

“أعذب الشعر أكذبه”.

قاعدة الإبداع

تقيد النقاد العرب بالعادات والعرف لتكون من أصول الكتابة والنظم.

لمحة عن مفهوم التقييم الجمالي

التقييم الجمالي هو نقد للفن يرتكز على علم الجمال، أي دراسة الأثر الفني من خلال دراسة مزاياه الذاتية ومواطن الحسن فيه، بغض النظر عن العصر والتاريخ وعلاقته بشخصية صاحبه.

يفترض التقييم الجمالي أن للجمال أصولًا أو “قواعد” يمكن استنتاجها من خلال الكلام والأقوال التي تضاربت في المواضيع وتم استخدامها كمقياس للجمال في الأثر النقدي.

هل توجد خصائص متماثلة بين الفنون الراقية؟

بالطبع، هناك خصائص مشتركة بين الفنون الجميلة، ومنها:

  • التجرد من القضية العملية؛ فالشاعر عندما ينظم الشعر لا يكون لديه هدف أو غاية محددة، بل يكون هدفه هو الشعر نفسه، مما يعني أن الفن غاية في حد ذاته.
  • تشترك الفنون في كونها مصدرًا للرضا والإيجابية وذات تأثير كوني شامل.
  • صانع الفن هو الإنسان، وينقسم الفن إلى نوعين:
    • الفن النفعي، الذي يهدف إلى تحقيق نفع مباشر، مثل الحرف اليدوية.
    • الفن الجميل، الذي يتميز بقيمته الذاتية بغض النظر عن فائدته العلمية.

المراجع

  1. منصور عبد الرحمن، معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 182. بتصرّف.
  2. منصور عبد الرحمن، معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 183-184-186. بتصرّف.
  3. “ابن سينا “، مكتبة نور. بتصرّف.
  4. منصور عبد الرحمن ،معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 188. بتصرّف.
  5. “ابن رشد”، مكتبة نور. بتصرّف.
  6. منصور عبد الرحمن، معايير اتلحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 191. بتصرّف.
  7. منصور عبد الرحمن، معايير اتلحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 193-194. بتصرّف.
  8. منصور عبد الرحمن ،معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 115. بتصرّف.
  9. منصور عبد الرحمن، معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 117. بتصرّف.
  10. منصور عبد الرحمن، معايير الحكم الجمالي في النقد الادبي، صفحة 123. بتصرّف.
  11. منصور عبدالرحمن ،معايير الحكم الجماالي في النفد الادبي، صفحة 124. بتصرّف.
  12. غريب روز ،النقد الجمالي، صفحة 5. بتصرّف.
  13. غريب روز،النقد الجمالي، صفحة 11. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظام الإنفاق في قانون الأسرة المغربي

المقال التالي

التعليق الفكاهي: فن السخرية البناءة

مقالات مشابهة

مستويات الكرياتين في الجسم: فهم الاختلافات بين الكرياتين والكرياتينين

نظرة شاملة على الكرياتين، دوره في الجسم، وفرقها عن الكرياتينين. تعرف على كيفية تأثير مستويات الكرياتين على الصحة، ومتى يجب استشارة الطبيب.
إقرأ المزيد