الرأي الشرعي في قراءة الكف

استكشاف حكم قراءة الكف في الإسلام: بين طلب العلم المحمود، وادعاء الغيب المحظور، والتسلية المباحة في حدود الشرع.

أهمية اكتساب المعرفة

حث الإسلام على طلب المعرفة والسعي وراءها، وتشجيع البحث والتدقيق، وجعل المعلومات التي نعتمد عليها قائمة على الحقائق والأدلة الثابتة قدر الإمكان. هذا التوجه يتفق مع طبيعة الإنسان الفضولية المحبة للاستكشاف. في الماضي، ظهرت طرق متنوعة للحصول على معلومات، مثل الكهانة والتنجيم. ومن بين هذه الطرق التي انتشرت بين الناس: قراءة الكف. وفيما يلي، سنوضح الحكم الشرعي لقراءة الكف بادعاء علم الغيب، وحكمها إذا كانت بغرض الترفيه والتسلية.

نظرة الشريعة الإسلامية في قراءة الكف

حكم قراءة الكف بادعاء علم الغيب

تعتبر قراءة الكف بغرض ادعاء علم الغيب نوعًا من أنواع الكهانة، وهي تعتبر كفرًا بالله وضلالًا مبينًا. علم الغيب هو من الأمور التي اختص بها الله -عز وجل- ذاته. قال الله -تعالى-:(قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ). [النمل: 65] كما قال الله -سبحانه وتعالى- على لسان نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-:(قُل لا أَقولُ لَكُم عِندي خَزائِنُ اللَّـهِ وَلا أَعلَمُ الغَيبَ وَلا أَقولُ لَكُم إِنّي مَلَكٌ إِن أَتَّبِعُ إِلّا ما يوحى إِلَيَّ). [الأنعام: 50] لذلك، كل من يزعم معرفة الغيب من خلال قراءة الكف فهو ضال وكافر بالله تعالى.

يجدر التنبيه إلى أمرين مهمين:

  1. أن إتيان الكاهن وقارئ الكف لا يقتصر على الذهاب إليهم، بل يشمل أيضًا متابعة أبراج الحظ، ومشاهدة البرامج الفضائية التي تتناول هذه الأمور.
  2. أن الشخص الذي يأتي إلى الكاهن أو قارئ الكف ينقسم إلى أربعة أصناف:
    • الصنف الأول: من يأتي إلى الكاهن أو قارئ الكف ويسأله ويصدق ما يقوله، فهذا يعتبر كافرًا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(من أتى عرافًا أو كاهنًا ، يؤمنُ بما يقولُ ؛ فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ). [رواه الألباني، صحيح الترغيب]
    • الصنف الثاني: من يأتي إلى الكاهن أو قارئ الكف ويسأله ولكنه لا يصدقه، فهذا لا تقبل صلاته أربعين يومًا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً). [رواه مسلم، صحيح مسلم]
    • الصنف الثالث: من يأتي إلى الكاهن أو قارئ الكف ليسأله وإنما لسماع ما يقول، فهذا يعتبر فاسقًا. قال الله -تعالى-:(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا). [النساء: 140]
    • الصنف الرابع: من يأتي إلى الكاهن أو قارئ الكف ليسأله بغرض كشف ضعفه وكذبه للناس، فهذا لا بأس به، بل هو من السنة. فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لابن الصياد:(إنِّي قدْ خَبَأْتُ لكَ خَبِيئًا فَقالَ ابنُ صَيَّادٍ: هو الدُّخُّ، فَقالَ له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ). [رواه مسلم، صحيح مسلم]

حكم قراءة الكف للمرح والتسلية

قراءة الكف بغرض التسلية هي أمر لا فائدة منه، بل هو إثم عظيم. فمن يفعل ذلك يتشبه بمن أمرنا الله بالابتعاد عنهم. هذا الفعل قد يؤدي إلى استساغة الأمر من قبل المستمعين، مما يدفعهم لتعلمه. لذا، يجب على من يقرأ الكف للتسلية والتوقف عن ذلك والمسارعة إلى التوبة إلى الله.

المصادر والمراجع

  • فتاوى دار الافتاء المصرية.
  • ابن باز، “حكم قراءة الكف والفنجان وضرب الحصا”.
  • مهران عثمان، “تحريم إتيان الكهان”، صيد الفوائد.
  • فتاوى الشبكة الإسلامية.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أحكام تلاوة القرآن الكريم عبر الهاتف المحمول

المقال التالي

نظرة في قراءة كتاب شمس المعارف الكبرى

مقالات مشابهة