الرأي الشرعي في زكاة أموال القاصرين وغير المكلفين

استكشاف مفهوم الزكاة وأهميتها في الإسلام، بالإضافة إلى استعراض الأحكام الفقهية المتعلقة بوجوب الزكاة في أموال الأطفال والمصابين باضطرابات عقلية.

تمهيد عن الزكاة

الزكاة هي ذلك القدر المالي الذي يجب إخراجه وتخصيصه للأفراد المستحقين، وذلك امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى، عندما يبلغ المال النصاب المحدد بالشروط الشرعية. تعتبر الزكاة تطهيراً وزيادة للمال والنفس على حد سواء.

قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم) [سورة التوبة، الآية: 103].

الغاية من تشريع الزكاة

شرع الله تعالى الزكاة لأسباب وحكم عظيمة، منها:

  1. تقديم ما تحبه النفس من أجل إرضاء الله عز وجل.
  2. تطهير النفس من صفات البخل والشح.
  3. تنمية المال وزيادته، سواء كانت زيادة حسية أو معنوية.
  4. المساهمة في سد حاجة الفقراء والمحتاجين، وحمايتهم من الذل والمسكنة، والحد من الجرائم.
  5. تنمية روح المودة والتآخي بين أفراد المجتمع، وإزالة الحقد والكراهية.
  6. مضاعفة الحسنات وغفران الذنوب، وزيادة الإيمان.
  7. الزكاة طريق إلى الجنة والنجاة من النار. قال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة، الآية: 261].

مكانة الزكاة في الدين الإسلامي

تتبوأ الزكاة مكانة رفيعة في الدين الإسلامي، ويتضح ذلك من خلال:

  • تلازمها مع الصلاة في العديد من الآيات القرآنية، مما يدل على أهميتها كعبادة. فالصلاة والزكاة من أسس السعادة في الدارين.
  • كونها الركن الثالث من أركان الإسلام. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ) [رواه البخاري].
  • تفضيلها على سائر الصدقات التطوعية، لأنها فريضة. وفي الحديث القدسي: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه) [رواه البخاري].

تفصيل حكم الزكاة في أموال غير البالغين والمجانين

اختلف العلماء في وجوب الزكاة في أموال الصغير والمجنون إلى رأيين:

الرأي الأول: وجوب الزكاة

وهو قول جمهور الفقهاء، بما فيهم أغلب أهل العلم، واستندوا إلى أقوال الصحابة مثل عمر وعلي وعبد الله بن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله. استدلوا بعموم الأدلة التي توجب الزكاة على الأغنياء، حيث لا يوجد في هذه النصوص استثناء للصبي والمجنون. كما أن الزكاة تهدف إلى سد حاجة الفقراء، وهي حق لهم في مال الأغنياء، فيجب أداؤها سواء كان المالك مكلفًا أم لا.

الرأي الثاني: عدم وجوب الزكاة

وهو مذهب الحنفية وبعض السلف، حيث يرون أن الزكاة عبادة تحتاج إلى نية، والصغير والمجنون ليسا أهلاً للنية. كما أن التكليف ساقط عنهما، والزكاة تطهير، وهما ليسا مُكَلَّفين بالذنوب، إضافة إلى الحفاظ على أموالهم.

الخلاصة

مسألة إخراج الزكاة من أموال القاصرين والمجانين هي مسألة خلافية بين أهل العلم، ولكل رأي أدلته وحججه.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

النظر الشرعي في الرياء

المقال التالي

تأملات في مسيرة الزمن

مقالات مشابهة