الرأي الشرعي في تهذيب الحاجبين

استكشاف الأحكام الشرعية المتعلقة بتهذيب الحاجبين، بما في ذلك إزالة الشعر الزائد وتشقير الحواجب. نظرة شاملة لأقوال العلماء وآرائهم المختلفة.

مقدمة

تعتبر مسألة تجميل الحاجبين من المسائل التي يكثر السؤال عنها، خاصةً مع انتشار وسائل التجميل الحديثة. يهدف هذا المقال إلى استعراض الآراء الفقهية المختلفة حول تهذيب الحاجبين، وذلك بالنظر إلى الأدلة الشرعية وأقوال العلماء المعتبرين.

تحديد شكل الحاجبين بالحلاقة

تباينت آراء العلماء في مسألة تحديد شكل الحاجبين عن طريق الحلاقة، وهل تأخذ حكم النمص المحرم أم لا. يرى جمهور العلماء أن الحلاقة والقصّ يدخلان ضمن معنى النمص المنهي عنه، وبالتالي لا يجوز للمرأة المسلمة حلاقة حاجبيها أو قصّهما بغرض التجميل. وقد استند هؤلاء العلماء إلى أن علة التحريم هي تغيير خلق الله، وهذا المعنى متحقق في الحلاقة والقصّ كما هو متحقق في النتف.

بينما ذهب بعض العلماء، كالحنابلة، إلى أن النمص خاص بالنتف فقط، وبالتالي يجوز أخذ شيء من شعر الحاجبين بالحلق أو القص. وقد نقل عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قوله: “إنّ نتف الحاجبين محرمٌ شرعاً، بل يُعدّ كبيرةً من الكبائر، أمّا تخفيفهما بطريقة القصّ أو الحلق فقد كرهه بعض أهل العلم، ومنعه بعضهم”.

ومع ذلك، يُستحسن للمسلم تجنب الأخذ من الحاجبين بالحلق أو القص، حتى وإن كان ذلك جائزاً أو مكروهاً، إلا إذا كان شعر الحاجبين كثيفاً جداً بحيث يتدلى على العين ويسبب الأذى. ففي هذه الحالة، يجوز تخفيفه بقدر ما يزيل الضرر.

وقد استدل العلماء على تحريم النمص بما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله”. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت، فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر:7]؟ قالت: بلى، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله.” (رواه البخاري ومسلم).

إزالة الشعر الفائض حول الحاجب

أجاز جمهور العلماء إزالة الشعر الزائد عن الحاجبين من الأعلى أو الأسفل، وكذلك الشعر الذي يصل بين الحاجبين، ولا يرون في ذلك بأساً. خاصةً إذا كان ذلك بطلب من الزوج لزوجته، وذلك لعدم وجود نهي خاص عن إزالة هذا الشعر. فالنهي الوارد يتعلق بإزالة شعر الحاجبين نفسه، وهذه المناطق لا تعتبر جزءاً منهما. وذهب بعض العلماء إلى تعريف النمص بأنه إزالة شعر الحاجبين تحديداً دون غيره من شعر الوجه.

تفتيح لون شعر الحاجب

يقصد بتشقير الحواجب صبغها بلون قريب من لون الجلد، بهدف إخفاء حجمها الطبيعي ثم رسم حاجبين دقيقين بدلاً منها، سعياً وراء الجمال. وقد يتم التشقير بصبغ المنطقة العلوية والسفلية من الحاجبين فقط، ليظهر ما تبقى من شعر الحاجب غير المصبوغ رفيعاً.

إذا لم يصاحب هذا التشقير أي نوع من أنواع النمص لأصل الحاجبين، فإنه جائز. ولا حرج على النساء المتزوجات في فعله للتجمل لأزواجهن، شريطة ألا يشتمل على ضرر صحي. أما النساء غير المتزوجات، فيكره لهن استعمال الأصباغ التي تظهرهن متزينات ومتبرجات، تجنباً للفتنة.

المصادر

  1. حكم تخفيف شعر الحاجب إذا كان كثيفاً
  2. هل قص الحاجب وحلقه ملحقان بالنتف؟ ولماذا خص النتف بالحاجبين؟
  3. حكم إزالة الشعر الزائد عن الحواجب
  4. حكم تشقير الحواجب
Total
0
Shares
المقال السابق

أحكام حضور رؤية ذبح الأضحية

المقال التالي

ضوابط إزالة الشعر للمُضحي: نظرة فقهية

مقالات مشابهة