الرأي الشرعي في التداوي باستخدام الطاقة

استكشاف الأحكام الشرعية المتعلقة بالعلاج باستخدام الطاقة. يشمل ذلك العلاج بالأحجار الكريمة، تقنية الحرية النفسية، والريكي، بالإضافة إلى نظرة عامة على العلاج في الإسلام.

الرأي الشرعي في التداوي بالأحجار الكريمة والمعادن

تعتبر الاستعانة بالأحجار الكريمة والمعادن في العلاج من الممارسات الشعبية القديمة. وقد ذكر بعض العلماء المسلمين المهتمين بعلم المعادن خصائص علاجية لبعض هذه الأحجار. على سبيل المثال، ذكر التيفاشي أن من يرتدي خاتمًا من حجر معين قد يشفى من الصرع. كما أشار البيهقي إلى استخدام المغناطيس في علاج النقرس نظرًا لخصائصه الحارة والجافة وقدرته على تجميع المفاصل وتسهيل الولادة.

اختلفت الفتاوى الفقهية المعاصرة حول حكم التداوي بالأحجار الكريمة والمعادن، ويمكن تلخيصها في رأيين رئيسيين:

  1. الرأي الأول: المنع والتحريم. تبنت هذا الرأي اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية. استند هذا الرأي إلى أن الاعتقاد بقدرة هذه الأحجار على النفع أو الضر من دون الله يعتبر شركًا، كما أن هذه الممارسات قد تتضمن معتقدات باطلة مثل الاعتقاد بوجود طاقة في هذه الأحجار ترفع الطاقة في الجسم، أو ارتباطها بالتنجيم والأبراج. بالإضافة إلى ذلك، لم يثبت نفعها وفائدتها في العلاج لا شرعًا ولا تجربة. أما بالنسبة للأساور المعدنية المستخدمة للعلاج، فقد اعتبرها بعض العلماء نوعًا من الشرك لأنها تشبه التمائم، وثبت أنها لا تؤثر في العلاج، لذا لا يجوز الاعتقاد بفضل الخواتم والخرافات المتعلقة بها.
  2. الرأي الثاني: التفصيل. يرى بعض العلماء المعاصرين جواز العلاج بالأحجار الكريمة والمعادن إذا ثبت نفعها عن طريق العلم أو التجربة. وقد نُقلت هذه الفتوى عن موقع إسلام ويب، واستدلوا بأن الله تعالى خلق هذه الأحجار لحكمة معينة، قياسًا على اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم بالإثمد وعلاجه به، وهو نوع من الأحجار. فالقاعدة في اتخاذ الأسباب الشرعية أن تكون في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان السبب غير شرعي فيكفي النفع به عن طريق التجربة، فهو كالأدوية المستخدمة في العلاج. فيجوز لبسها للعلاج بشرط الاعتقاد بأن الشفاء بيد الله وحده، وأنها لا تنفع بذاتها.

الرأي الشرعي في التداوي بتقنية الحرية النفسية (EFT)

تعتبر تقنية الحرية النفسية (EFT) من الطرق المنتشرة بين علماء النفس، وتعتمد على ضبط الاختلالات التي تحدث في مسارات الطاقة وتؤثر سلبًا على الحالة النفسية للإنسان. تقوم هذه التقنية على الضغط على مناطق معينة في الجسم مع ترديد عبارات مفهومة أثناء العلاج، بهدف إعادة التوازن إلى الجسم وتحسين الحالة النفسية وتقليل الآلام الجسدية. وقد تباينت الآراء الفقهية حول حكم التداوي بهذه التقنية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

  1. الرأي الأول: الجواز. بشرط ألا تحتوي على مخالفات شرعية. استدل أصحاب هذا الرأي بجوازها لعدم وجود أي مخالفات أو منكرات بها، وأن الأصل في التداوي هو الإباحة، بالإضافة إلى عدم وجود أي ادعاء للغيب أو شركيات فيها.
  2. الرأي الثاني: التفصيل. يربط أصحاب هذا الرأي الجواز بشرط إثبات التجربة لفائدتها، وابتعادها عن المخالفات الشرعية. توقف أصحاب هذا القول في الحكم لعدم كفاية المعلومات بشأن هذه الطريقة في العلاج. وممن ذهب إلى هذا القول دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، واللجنة العلمية في منتديات شبكة السنة النبوية. بينما ذهب بعضهم إلى حرمتها، بدليل أنها مجرد ظنون ولا دليل على صحتها، كما أن فيها العديد من مظاهر الشرك بالله عز وجل.
  3. الرأي الثالث: المنع. لأن أصلها يعود إلى فلسفات أساسها الديانة الهندوسية، وهي فلسفات تتعارض مع أصول الإيمان، وتقوم على الوهم والمعتقدات الخاطئة. وكان ممن ذهب إلى هذا القول هيئة كبار العلماء في السعودية. كما أن هذه الأفكار الباطلة يتم ترويجها وتسويقها في بلاد المسلمين بأسماء مقبولة لهم، حتى يسهل نشرها بين المسلمين. بالإضافة إلى أنها تتضمن اعتقادات باطلة، منها مثلاً الاعتقاد بقدرة الإنسان على تغيير ما قضاه الله تعالى له وقدره عليه، إلى جانب ما تحتويه من ادعاءات تتعلق بالروح وفيما لا يعلمه حتى النبي صلى الله عليه وسلم.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المسألة تعتبر من المسائل الخلافية بين العلماء، والتي لم يرد فيها اتفاق على حرمتها، لوجود بعض الإشكالية في معرفتها معرفة دقيقة والإحاطة بكافة تفاصيلها لدى العديد من العلماء.

الرأي الشرعي في التداوي بطاقة الريكي

تعددت آراء الفقهاء المعاصرين في حكم العلاج بالطاقة لاختلافهم في تكييفها، ومنها طاقة الريكي، وجاءت أقوالهم كما يأتي:

  1. الرأي الأول: التحريم. لأنها نوع من أنواع الطقوس الوثنية البوذية، وهي من العلوم الدخيلة على المسلمين، وفيها نوع من الغزو العقدي والفكري لهم. وذكر بعض الباحثين عددًا من المخالفات الشرعية في العلاج بهذه الطاقة، كالإيمان ببعض المفاهيم الإلحادية، كما أن فيها استعانة بغير الله تعالى فتكون بذلك نوعًا من أنواع الشرك؛ حيث إن الإنسان يستعين فيها بالطاقة وببعض الرموز الوثنية أو بالأرواح، كما تتضمن الاعتقاد بنفع الشجر والحجر وقدرتها على العلاج، وفيها تشبه بغير المسلمين في كيفية أدائهم لبعض طقوسهم، كما تتضمن الادعاء بمعرفة الغيب، والقدرة على تحقيق المعجزات من خلالها؛ بسبب امتلاكها للقدرات الخارقة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض مناصري العلاج بطاقة الريكي يسعون لترويجها على أساس أن لها أصولاً في الإسلام؛ وذلك حتى تلقى قبولاً أكثر من قبلهم.
  2. الرأي الثاني: الجواز. حيث كيفها أصحاب هذا القول على أنها نوع من العلاج، وقد أثبت العلم وجود الطاقة في الإنسان وما لها من تأثير على صحته.

نظرة الإسلام إلى التداوي

جاءت الكثير من النصوص الشرعية في مشروعية العلاج، كقوله تعالى عن النحل: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ [النحل: 69].

تعددت آراء العلماء في مرتبة مشروعية العلاج؛ حيث ذهب كل من الحنفية، والمالكية، وجمهور الحنابلة إلى القول بإباحة العلاج، بينما فذهب بعض الحنابلة وبعض الشافعية إلى القول بوجوبه، في حين ذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى القول باستحبابه، وذهب بعض غلاة الصوفية إلى حرمته؛ بدعوى أن كل شيء يصيب الإنسان مقدر له أو عليه.

والأصل في العلاج أنه مشروع؛ لما فيه من حفظ لواحد من مقاصد الإسلام الكلية؛ ألا وهي حفظ النفس، ويختلف حكم العلاج بحسب الحالة، وبيان ذلك على النحو الآتي:

  • واجب: إن كان تركه يؤدي إلى تلف أحد الأعضاء أو العجز فيه، أو كان من الأمراض المعدية.
  • مندوب: إن كان تركه يؤدي إلى الضعف في الجسم.
  • مباح: إن لم يندرج تحت الحكمين السابقين.
  • مكروه: إن ترتب عليه حدوث ضرر أكبر من المرض المراد إزالته.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة في أحكام العقيقة

المقال التالي

أحكام الشريعة في وظائف البنوك

مقالات مشابهة

أهمية التكافل والمساندة في الشريعة الإسلامية

استكشاف مفهوم التكافل في الإسلام من خلال القرآن والسنة. فهم أشكال التآزر بين الأفراد وأثرها على المجتمع. نظرة في أقوال العلماء حول أنواع المساعدة المتبادلة.
إقرأ المزيد