الرأي الشرعي في الانتفاع بالنذر

استكشاف الأحكام الفقهية المتعلقة بالانتفاع بالنذر في الإسلام، بما في ذلك حكم النذر بشكل عام، وحكم من نذر فعل معصية.

مقدمة

النذر هو التزام يقدمه المسلم على نفسه بفعل قربة أو ترك مباح، تقربًا إلى الله تعالى. ويثير النذر العديد من التساؤلات الفقهية، منها ما يتعلق بكيفية التصرف بما نُذر، وهل يجوز للناذر الانتفاع بنذره أم لا. هذه المقالة تسعى لتوضيح هذه المسائل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.

الفتوى في استهلاك شيء من النذر

أصدر علماء الأمة الإسلامية فتوى واضحة بتحريم أكل الناذر من النذر الذي نذره إذا كان هذا النذر مرتبطًا بتحقيق أمر معين، مثل شفاء مريض أو تحقيق أمنية. وهذا ما يعرف بنذر المجازاة. وقد ذكر هذا المنع كل من ابن حجر الهيتمي وابن عابدين والباجي، وعللوا ذلك بأن النذر قد خصص للفقراء والمساكين، وبالتالي لا يجوز للناذر ولا لمن تجب عليه نفقتهم ولا للأغنياء أن يأكلوا منه. كما لا يجوز صرفه لغير المستحقين الذين عينهم الناذر.

أما إذا لم يحدد الناذر عند النية من سيستفيد من النذر، أو نوى عند النية أن يأكل منه، ففي هذه الحالة يجوز له الأكل منه. وإلا، فعليه أن يجعله للفقراء والمساكين. وقد تشدد الشافعية في هذا الأمر، فحرموا الأكل من النذر مطلقًا، سواء كان معينًا عند ابتداء النذر أو كان في ذمة الناذر. وعللوا هذا المنع بلزوم تنازل الناذر عما نذره لله تعالى، وهذا يقتضي ألا يأكل الناذر منه شيئًا وكذلك من تجب عليه نفقتهم. وهذا الرأي هو الأحوط عند الشافعية. في المقابل، أجاز المالكية وغيرهم من المذاهب الأكل مطلقًا من النذر الذي لم يسمه أو يعينه الناذر للمساكين.

النذر في الشريعة الإسلامية

أوضح علماء الأمة الإسلامية أن النذر مشروع في الإسلام، وأن النذر المشروع يجب الوفاء به. والنذر له صورتان: الأولى هي أن ينذر المسلم عند تحقق أمر معين أن يتصدق بمال أو يذبح ذبيحة، وهذه الصورة مكروهة في الإسلام، وقال بعض العلماء بتحريمها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذمها وبين أنها تستخرج من البخيل. أما الصورة الثانية للنذر المشروع فهي ما ينذره المسلم من الطاعات، مثل الصلاة أو الصيام، وهذا نذر مستحب وغير منهي عنه؛ لأنه من صفات الأبرار الذين وصفهم الله في كتابه، فقال:

(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ). [سورة الإنسان: 7]

حكم من نذر فعل إثم

إذا نذر المسلم أن يعصي الله تعالى، كأن ينذر أن يزني أو يشرب الخمر، فهذا نذر معصية لا يجب الوفاء به، بل يجب على المسلم أن لا يعصي الله تعالى، ويترتب عليه كفارة يمين في أصح أقوال العلماء.

المراجع

  • خالد عبد المنعم الرفاعي (16-7-2008)، “حكم الأكل من النذر”، www.ar.islamway.net
  • “حكم الأكل من النذر / فتوى رقم 2031″، www.aliftaa.jo، 7-5-2012
  • “حكم النذر بقسميه”، www.fatwa.islamweb.net، 31-8-2000
  • “حكم من نذر أن يصلي لله إذا حصل مراده”، www.binbaz.org
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

رأي الشرع في تناول لحم أضحية المتوفى

المقال التالي

درر من أقوال الإمام الشافعي

مقالات مشابهة