مقدمة
انتشر في الآونة الأخيرة استخدام الرموش الاصطناعية بين النساء كنوع من أنواع الزينة والتجميل. وتثير هذه المسألة تساؤلات حول مدى توافقها مع الأحكام الشرعية الإسلامية. الرموش الاصطناعية عبارة عن خيوط دقيقة تشبه الرموش الطبيعية، مصنوعة من مواد صناعية متنوعة، وتُلصق بالجفن بواسطة مواد لاصقة بهدف إطالة الرموش وزيادة كثافتها.
يتناول هذا المقال استعراضًا لآراء العلماء المختلفة حول حكم استخدام هذه الرموش، مع بيان الأدلة التي استند إليها كل فريق، بالإضافة إلى نظرة عامة على مفهوم الزينة في الشريعة الإسلامية وضوابطها.
الرأي الأول: منع تركيب الرموش
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن تركيب الرموش الاصطناعية بغرض التجميل يندرج تحت دائرة تغيير خلق الله، وهو أمر منهي عنه في الشريعة الإسلامية. يستند هذا الرأي إلى قول الله تعالى:
(إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ *وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا*وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).
ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن إضافة الرموش الاصطناعية تدخل في هذا الإطار. كما يستدلون بما ورد في السنة النبوية المطهرة، وتحديدًا ما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم -:
(لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والنامصاتِ والمتنمصاتِ، والمتفلجاتِ للحسنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ).
ومع ذلك، يستثني هؤلاء العلماء حالات الضرورة القصوى، كأن تفقد المرأة رموشها نتيجة حرق أو مرض؛ فحينئذٍ يجوز تركيب الرموش الصناعية دفعًا للضرر، مستندين إلى قول الله تعالى:
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ).
الرأي الآخر: إجازة استعمال الرموش
يذهب فريق آخر من العلماء إلى جواز تركيب الرموش الاصطناعية، معتبرين إياها نوعًا من الزينة المباحة للنساء، ولا تدخل في نطاق تغيير خلق الله المحرم. ويفرقون بينها وبين وصل الشعر المحرم، نظرًا للاختلاف الجوهري بينهما. فالرموش الصناعية تعتبر من قبيل الزينة الظاهرة التي يمكن إزالتها بسهولة، بينما وصل الشعر يعتبر تغييرًا دائمًا ومستقرًا. كما أن طبيعة شعر الرأس تختلف عن شعر العين.
يشترط هذا الفريق لجواز تركيب الرموش ألا تكون عازلة لوصول الماء إلى البشرة أثناء الوضوء، حتى لا يؤثر ذلك على صحة الصلاة. كما يشترط ألا يترتب على استخدامها أي ضرر صحي للعين أو الجسم بشكل عام. فإذا ثبت وجود ضرر، يصبح تركيبها محرمًا؛ لأن الشريعة الإسلامية تحرم إلحاق الضرر بالنفس أو بالآخرين.
الزينة في ضوء الشريعة
تولي الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بجميع جوانب حياة المسلم، بما في ذلك المظهر والزينة. وتراعي الشريعة فطرة الإنسان وحبه للتجمل، ولكنها في الوقت نفسه تضع ضوابط وشروطًا لهذه الزينة، بحيث لا تتجاوز الحدود الشرعية ولا تؤدي إلى مخالفة أوامر الله.
أباحت الشريعة للمرأة العديد من مظاهر التجميل والتزين، مثل الكحل وأدوات التجميل والملابس الجميلة. ولكن في المقابل، فرضت عليها الحجاب الشرعي؛ لحمايتها من الفتنة والحفاظ على عفتها. كما حرمت بعض أنواع الزينة التي قد تضر بصحة المرأة أو دينها، أو التي تتضمن تدليسًا وغشًا وتغييرًا لخلق الله.