جدول المحتويات:
نشأة الإمبراطورية البريطانية
تعتبر بريطانيا العظمى إمبراطورية تشكلت على مدار ثلاثة قرون، وهي عبارة عن نظام معقد من المستعمرات والمحميات والأقاليم المتنوعة. تطورت هذه الإمبراطورية بشكل ملحوظ بعد تبني سياسة منح الحكم الذاتي التدريجي في القرن العشرين، مما أدى إلى ظهور ما يعرف بالكومنولث البريطاني. هذا الكومنولث هو رابطة تضم مجموعة من الدول التي كانت تابعة للإمبراطورية البريطانية. تمكنت بريطانيا من إنشاء مستوطنات خارجية بفضل توسعها البحري القوي ومنافستها التجارية الشديدة مع فرنسا. في القرن السابع عشر، أسست بريطانيا مستوطنات في أمريكا الشمالية وجزر الهند. بحلول عام 1970، توسعت المستعمرات البريطانية لتشمل دولًا مثل فيرجينيا وماريلاند وبرمودا وهندوراس وأنتيغوا وبربادوس ونوفا سكوتيا، بالإضافة إلى جامايكا التي حصلت عليها في عام 1655.
كانت بريطانيا تنظر إلى مستعمراتها كمصدر حيوي للمواد الخام الضرورية لصناعاتها. احتكرت بريطانيا منتجات مثل السكر والتبغ في أسواقها الداخلية. وبموجب قانون الملاحة، أنشأت سوقًا اقتصادية مغلقة بينها وبين مستعمراتها، حيث كانت جميع الصادرات الاستعمارية تُشحن حصريًا إلى السوق البريطانية. لعبت تجارة الرقيق دورًا كبيرًا في اقتصادها قبل إلغائها في عام 1807. شهدت الإمبراطورية البريطانية منافسة شديدة مع فرنسا، وتصاعدت الصراعات بينهما، خاصة في النصف الأول من القرن الثامن عشر، حتى تم توقيع معاهدة باريس التي أنهت حرب السنوات السبع بينهما.
حكمت الإمبراطورية البريطانية أكثر من 23% من سكان العالم وغطت مستعمراتها حوالي 24% من مساحة الأرض. حتى الآن، تمتلك بريطانيا أكثر من 14 إقليمًا خارج أراضيها، بعضها غير مأهول بالسكان ويستخدم لأغراض عسكرية فقط. استقلت بعض هذه الأقاليم، لكنها لا تزال تعتمد على بريطانيا في علاقاتها الخارجية. تحتفظ بريطانيا بثلاثة أقاليم تحت سيطرتها المباشرة، وهي برمودا وجبل طارق وجزر فوكلاند.
قائمة الدول التي خضعت للاستعمار البريطاني
تشتهر الإمبراطورية البريطانية بكونها “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس”، وذلك بسبب العدد الهائل من الدول التي استعمرتها، والذي يقدر بنحو 90% من دول العالم، أي ما يقارب 200 دولة. هناك فقط حوالي 22 دولة لم تتعرض للاستعمار البريطاني، بما في ذلك لوكسمبورغ وغواتيمالا وطاجيكستان وجزر مارشال. ذكر الكاتب لايكوك، بعد بحثه في التاريخ الروماني وإعداده لقائمة بالدول التي استعمرتها بريطانيا، أن بريطانيا تحمل الرقم القياسي في عدد الغزوات، تليها فرنسا. وقد عبر عن دهشته لاكتشاف أن بريطانيا احتلت العديد من الدول التي لم يكن على علم بها من قبل.
الاستعمار البريطاني في منطقة الشرق الأوسط
تُعرف منطقة الشرق الأوسط بأنها المنطقة الممتدة من مصر إلى إيران ومن تركيا إلى اليمن. كانت هذه المنطقة تحت حكم الدولة العثمانية الإسلامية، التي كان مقرها في إسطنبول. بدأ الاستعمار البريطاني لدول الشرق الأوسط وتأسيس الإمبراطورية البريطانية في هذه المنطقة في عام 1798، عندما سيطرت فرنسا على مصر بقيادة نابليون. أثار ذلك مخاوف البحرية البريطانية من أن تعيق السلطات الفرنسية تجارتها مع الهند، فتعاونت مع الدولة العثمانية لطرد الاستعمار الفرنسي وتحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة. قبل أن تسيطر بريطانيا على معظم دول الشرق الأوسط، حصلت على امتيازات تجارية متعددة في الدولة العثمانية، مما ساعدها على وضع أسس اقتصادية قوية لها، بالإضافة إلى الاستفادة من الأسس الثقافية التي استلهمتها من الأتراك والمسلمين، والتي أثرت الأدب الإنجليزي.
الفترات الزمنية للاحتلال البريطاني للشرق الأوسط
يمكن تلخيص تاريخ الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط في أربع فترات رئيسية:
- الفترة التي بدأت بعد غزو فرنسا لمصر، وتميزت بالتوحيد السياسي والاقتصادي.
- الفترة التي احتلت فيها بريطانيا مصر في عام 1882، وعرفت بفترة التثبيت، وشهدت الحرب العالمية الأولى.
- الفترة التي أضعفت فيها بريطانيا الدولة العثمانية وقامت بتفكيكها، وضمّت دولًا جديدة إلى إمبراطوريتها، وكانت هذه الفترة مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى.
- الفترة التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، وتميزت بإنهاء الاستعمار العالمي.
الأهداف الكامنة وراء الاستعمار في الشرق
كان لبريطانيا ثلاثة أهداف رئيسية من استعمارها للشرق الأوسط. تمثل الهدف الأول في حماية الطرق التجارية في شرق البحر الأبيض المتوسط وضمان الاستقرار في إيران والخليج العربي والحفاظ على سلامة الدولة العثمانية. أما الهدف الأخير، فتمثل في حماية الطرق البحرية والبرية المؤدية إلى الهند. من خلال علاقاتها الجيدة مع الدولة العثمانية، تمكنت بريطانيا من تحسين وضعها الاقتصادي في الشرق الأوسط، مما جعلها بحلول القرن العشرين أكبر شريك تجاري في المنطقة. كانت بريطانيا تصدر القطن والسكر والشاي الهندي وتحصل في المقابل على القطن المصري والعديد من المنتجات الحيوانية والغذائية، مثل التمور والشعير والجلود.
تمكنت بريطانيا من السيطرة على قناة السويس عندما باعت مصر حصصها التي تقدر بـ 44% بسبب عدم قدرتها على سداد ديونها للحكومة البريطانية. كان هذا الحدث بداية فقدان السيطرة الاقتصادية للدولة العثمانية والمصرية، مما أدى إلى احتجاجات شعبية وعدم استقرار في المنطقة. أثار ذلك قلق الحكومة البريطانية بشأن مصير قناة السويس، التي كانت تعتبر خط الحياة إلى الهند، فقررت في عام 1882 قصف ساحل الإسكندرية واحتلال مصر. كان هذا بداية الاحتلال لدول القارة الأفريقية. عقدت بريطانيا اتفاقيات مع زعماء الخليج العربي، مما أتاح لها التدخل في سياسة أعضائها الخارجية. ساعد اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 على تأكيد وجود بريطانيا في الشرق الأوسط، فاتخذت من مصر قاعدة لها في المنطقة وتدخلت في الاشتباكات في بلاد ما بين النهرين وسوريا ومنطقة السويس، ووصل نفوذها إلى القدس، حيث دخلتها في عام 1917.
النفوذ والسيطرة البريطانية
بلغت الإمبراطورية البريطانية أوج قوتها في القرن العشرين، حيث اتبعت نظامًا متطورًا في سياستها وإدارتها بعد أن كانت عشوائية وغير منظمة، خاصة في القرنين السابع والثامن عشر. تم إنشاء مكتب للمستعمرة، بدأ عمله رسميًا في عام 1801، وكان مرتبطًا بوزارة الداخلية ومجلس التجارة. في منتصف خمسينات القرن التاسع عشر، أصبح للمكتب إدارة منفصلة بسبب تزايد عدد موظفيه.
امتدت هيمنة بريطانيا إلى نيوزيلندا، التي أصبحت جزءًا من الاستعمار البريطاني في عام 1840، وكذلك إلى جزر فيجي وتونغا وبابوا وجزر أخرى في المحيط الهادئ. استولت بريطانيا أيضًا على بورما والبنجاب وبلوشستان، مما منحها هيمنة في شبه القارة الهندية.
بالإضافة إلى ذلك، وسعت الإمبراطورية ميناءها في عدن وأنشأت محمية لها في الصومال، وامتد نفوذها إلى الجزيرة العربية والخليج العربي، واحتلت قبرص. امتدت مستوطناتها إلى المضيق، مما ساعد على بسط نفوذها على الشرق الأقصى. أصبحت هونغ كونغ إمبراطورية بريطانية غير رسمية تعمل لصالح بريطانيا في الصين. كانت قارة أفريقيا أكبر منطقة انتشار للاستعمار البريطاني، حيث حكمت بريطانيا مصر في عام 1882 والسودان منذ عام 1899، وتوسعت في نيجيريا عن طريق شركة النيجر الملكية وفي كينيا وأوغندا عن طريق الشركة الإمبراطورية البريطانية الأفريقية. بعد انتصارها في حرب جنوب أفريقيا في الفترة بين عامي 1899 و1902، تمكنت بريطانيا من تأسيس اتحاد جنوب أفريقيا في عام 1910. بحلول نهاية القرن التاسع عشر، كانت بريطانيا تسيطر على ما يقرب من ربع مساحة العالم وتحكم أكثر من ربع سكان الأرض.
طبقت بريطانيا نظام الحكم الذاتي المسؤول في عام 1847 على بعض مستعمراتها في كندا، مما سمح لمجلس الوزراء الذي يختاره الكنديون بممارسة الصلاحيات التنفيذية، مع بقاء أي قرار يتعلق بالشؤون الخارجية أو الدفاع بيد حاكم عام تعينه بريطانيا. امتد هذا النظام ليشمل المستعمرات الأسترالية والنيوزيلندية ومستعمرتي كيب وناتال في الجنوب الأفريقي. أُطلق مصطلح الكومنولث البريطاني على مجموعة من الدول التي كانت ضمن المستعمرة البريطانية.
قال تعالى في كتابه الكريم: “وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا” (الكهف: 29).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ” (صحيح مسلم).