نظرة عامة على الدولة الحمدانية
تُعتبر الدولة الحمدانية إمارةً عربيةً أسسها بنو حمدان، وقد حكمت مناطق حيوية مثل الموصل وحلب. امتد نفوذها ليشمل أجزاءً واسعةً من بلاد الشام ومنطقة الفرات، وذلك خلال الفترة الممتدة من سنة 890 ميلادية إلى سنة 1004 ميلادية.
ينحدر الحمدانيون من قبيلة تغلب بن وائل، وهي قبيلة عربية استوطنت شمال شرق الجزيرة السورية. بزغ نجم هذه الدولة في عهد مؤسسها حمدان بن حمدون، الذي عينه العباسيون فيما بعد والياً على منطقة ماردين.
قيام الدولة الحمدانية
استغل الحمدانيون حالة الاضطراب السياسي والصراع على السلطة بين الأتراك، بالإضافة إلى ضعف الدولة العباسية. فقاموا بإعلان استقلالهم في الموصل سنة 229 هجرية، ثم في حلب. وسرعان ما انضمت إليهم القبائل العربية الموجودة في الجزيرة السورية ووادي الفرات وأطراف بادية الشام.
بعد قيام دولتهم، شعر الحمدانيون بالاستياء من تسلط الأتراك على الخلافة العباسية. لذلك، قاموا بدعم الخليفة العباسي في محاولة لإنقاذ الخلافة. توجه الحسن بن عبد الله حمدان إلى بغداد ونجح في دخولها، واستُقبل بترحاب من الخليفة المتّقي بالله، الذي منحه لقب أمير الأمراء وناصر الدولة، كما لقّب أخاه عليّاً بسيف الدولة. وهكذا، تمكن الحمدانيون من إزاحة الأتراك عن السلطة.
لكن الأتراك لم يستسلموا للهزيمة، فقاموا بتوحيد صفوفهم تحت قيادة الأمير توزون. وفي تلك الفترة، حدثت مجاعة كبيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير. اضطر الحمدانيون إلى فرض ضرائب باهظة، مما أدى إلى انعدام الأمن وانتشار الأوبئة. ونتيجة لذلك، لم يتمكن الحمدانيون من دفع مستحقات الجنود، مما تسبب في عصيان وثورة بعض الفصائل في الجيش. كل هذه العوامل مهدت الطريق لعودة الأتراك والانتقام من الحمدانيين.
في عام 944 ميلادية، استولى الحمدانيون على مدينة حلب من الإخشيديين، ونقلوا إليها عاصمتهم. وتم تعيين سيف الدولة الحمداني أميراً وحاكماً عليها. ولحق بهم الخليفة العباسي المتّقي بالله خوفاً من انتقام الأتراك، لكن الحمدانيين طلبوا منه العودة ومنحوه الأمان على حياته، ثم خلعوه وعينوا الخليفة المستكفي بالله بدلاً عنه.
الصراعات الحمدانية البيزنطية
كانت الدولة الحمدانية، وعاصمتها حلب، تجاور الدولة البيزنطية التي كانت تقع جنوب آسيا الصغرى. تصدى أمير حلب سيف الدولة الحمداني للبيزنطيين. تميز عهد سيف الدولة بكثرة المواجهات والحروب، حيث حقق بعض الانتصارات، لكنه تعرض أيضاً لبعض الهزائم.
عاصر سيف الدولة أقوى إمبراطورين بيزنطيين، وهما الإمبراطور نقفور فوفاس والإمبراطور حنا شميشق. تمكن فوفاس من الاستيلاء على حلب وتدميرها، حيث أحرق قصر سيف الدولة. لكن سيف الدولة جمع قواته في محاولة لصد جيش نقفور، إلا أن الأخير استطاع الصمود وألحق بجيش سيف الدولة هزيمة كبيرة. وفي عهد الإمبراطور حنا شميشق، تمكن البيزنطيون من الاستيلاء على بيت المقدس دون مقاومة من الحمدانيين، وظلت المدينة في أيديهم حتى فتحها صلاح الدين الأيوبي.
نهاية الدولة الحمدانية
بعد وفاة سيف الدولة الحمداني، ضعفت الدولة الحمدانية بسبب النزاعات الداخلية بين أفراد الأسرة الحمدانية. بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن الخلفاء في ذلك الوقت من التصدي للفاطميين، الذين استولوا على مدينة حلب في عام 1003 ميلادية.