الدهشة اللغوية في العربية: نظرة على التعجب السماعي

استكشف أسرار التعجب السماعي في اللغة العربية. تعرف على أساليبه المتنوعة، وكيفية إعرابه، مع أمثلة وتمارين تطبيقية.

ما المقصود بالتعجب السماعي؟

التعجب السماعي هو أحد الأساليب البلاغية المستخدمة في اللغة العربية للتعبير عن الدهشة والاستغراب. يختلف هذا الأسلوب عن التعجب القياسي في أنه لا يعتمد على صيغ محددة وثابتة، بل يستخدم مجموعة متنوعة من التراكيب اللغوية للتعبير عن هذا الشعور. الهدف الأساسي من التعجب السماعي هو إظهار الاستعظام والإعجاب أو الاستنكار تجاه أمر ما يثير الدهشة لدى المتكلم.

طرق التعبير عن التعجب السماعي

لا يقتصر التعجب السماعي على صيغ معينة كما هو الحال في التعجب القياسي. يعتمد على القرائن اللغوية والسياقية ليدل على التعجب. قد يأتي في صورة استفهام أو جملة اسمية أو غيرها من التراكيب. وقد جمع علماء اللغة العديد من الأمثلة والشواهد على التعجب السماعي، ومن أبرزها:

  • التعجب بـ (كفى) وما شابهها:
    يستخدم هذا الأسلوب مع زيادة الباء على المرفوع، مثل:
    كفى بالشيبِ وقارًا.
    كفى بالكذب ذنبًا.
    كفى بالكتابِ خليلًا.
  • التعجب بـ (حسبك، ناهيك، نهاك):
    يستخدم للتعبير عن الاكتفاء والإعجاب، كما في:
    حسبُك بأبيك قدوةً.
    ناهيك بخالدٍ كاتبًا.
    نهاك بالمدرسةِ صرحًا.
  • التعجب بـ (أيّ) الكماليّة:
    تستخدم للدلالة على كمال الشيء في صفة معينة، وتضاف إلى نكرة وتصفها أو تكون حالاً عن معرفة، مثل:
    سمعتُ درسًا أيّ درس.
    مررتُ بعالمٍ أيّ عالم.
    رافقتُ صديقًا أيّ صديق.
  • التعجب بإدخال (ربّ) على ضمير الغائب:
    يأتي الضمير مفرداً مذكراً ويُفسَّر بتمييز مطابق للمعنى، ويكون للتعظيم، مثل:
    ربَّه فتًى يبدع في الشعر.
    ربّه امرأةً تحسن إلى أهلها.
    ربّه نساءً يتقنّ عملهنّ.
    ربّه رجالًا يحمون بلادهم.
  • التعجب بـ (لله درّه):
    أصلها لله لبنه، وتعني أن الله أعطاه لبناً خاصاً جعله في هذا الحال الذي يُتعجب منه، مثل:
    لله درّه فارسًا.
    للّه درّه شاعرًا.
    لله درّه حافظًا.
    ومشابه لهذا القول “لله أبوه” و “لله أنتَ”.
  • التعجب بلام القسم:
    لا تستخدم إلا للتعجب وتدخل على لفظ الجلالة (الله) فقط، وتختص بالأمور العظيمة، مثل قول أميّة بن عائذ:
    لله يبقى على الأيام ذو حيدب
    مشمخر به الظيان والآسل
    لله لتعبثنّ.
    لله لينصرنّ الله المؤمنين.
    ولا يجوز استخدامها للأمور غير العظيمة، فلا يصح أن نقول: “لله لقد حضر زيدٌ”.
  • التعجب بالاستفهام:
    يتحول الاستفهام إلى تعجب، كما في الآيات الكريمة التالية:
    قال الله تعالى: {أَأَلِدُ وَأَنا عَجوزٌ وَهذا بَعلي شَيخًا إِنَّ هذا لَشَيءٌ عَجيبٌ}.[8] قال الله تعالى: {قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا}.[9] قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ}.[10]
  • تراكيب أخرى:
    التعجب السماعي لا ينحصر في هذه الأساليب، بل يشمل كل ما يؤدي معنى التعجب، مثل:
    قاتله الله
    العظمة لله
    الله الله
    الله أكبر
    لا إله إلا الله
    سبحان الله

تحليل إعرابي للتعجب السماعي

لا يوجد إعراب موحد للتعجب السماعي، فهو عبارة عن أساليب لغوية متنوعة تخرج عن معناها الظاهري لتدل على التعجب، ولكل أسلوب إعرابه الخاص. فيما يلي إعراب بعض الأساليب الشائعة:

  • لله درّه:
    لله: اللام حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، لفظ الجلالة اسم مجرور بالكسرة، وشبه الجملة في محل رفع خبر مقدم.
    درّ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
  • ربه:
    قال الشاعر:
    واهٍ رَأَبْتُ وشيكًا صَدْعَ أَعْظُمِه ::: وَرُبَّهُ عَطِبًا أنْقَذْتُ مِنْ عَطَبِهْ
    ربه: حرف تقليل وجر شبيه بالزائد، والهاء ضمير متصل مجرور لفظًا برب، ومرفوع محلاً على أنه مبتدأ.
    أنقذ: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
    من: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
    عطبه: اسم مجرور بالكسرة وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
  • سبحان الله:
    سبحان: نائب عن المفعول المطلق منصوب وهو مضاف، وتقدير فعله أسبّح، أي أسبّح سبحان الله.
    الله: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • كفى بالقرآن شفيعًا:
    كفى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر.
    بالقرآن: الباء حرف جر زائد مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والقرآن: اسم مجرور لفظًا بالكسرة، ومرفوع محلاً على أنه فاعل (كفى).
    شفيعًا: تمييز منصوب بالفتحة.
  • الله أكبر:
    الله: لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
    أكبر: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

تدريبات على التعجب السماعي

السؤال الأول: استخراج التعجب السماعي من الجمل

  • قال الله تعالى: {قالَت يا وَيلَتى أَأَلِدُ وَأَنا عَجوزٌ وَهذا بَعلي شَيخًا إِنَّ هـذا لَشَيءٌ عَجيبٌ}:[8] التعجب السماعي في الآية ورد مرتين: “أألد وأنا عجوز”، و “إنّ هذا لشيء عجاب”.
  • قال المعلّم بعد سماعه تلاوة طالب عطرة: ربه قارئًا يتقنُ التلاوة:
    التعجب السماعي هو (ربه قارئًا).
  • قال الشاعر:
    أرأيتَ أيّ سوالف وخدود ::: برزت لنا بين اللّوى فزرود
    التعجب السماعي هو (أيّ سوالف).

السؤال الثاني: التعبير عن المعاني بأساليب تعجب سماعية

  • فائدة القراءة العظيمة: حسبُكَ بالقراءةِ سميرًا.
  • جمال الطبيعة: أقمنا مخيّما في الطبيعة أيّ طبيعة.
  • الفخر بالأب: كفى بالأب سندًا.

السؤال الثالث: إعراب جمل التعجب السماعي

  • قال الله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}:[14] كفى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر.
    بالله: الباء حرف جر زائد مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والله لفظ الجلالة اسم مجرور بالكسرة، وهو مرفوع محلاً على أنه فاعل لـ (كفى).
    وكيلاً: تمييز منصوب بالفتحة.
  • لله درّه مؤلّفًا:
    لله: اللام حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والله: لفظ الجلالة اسم مجرور بالكسرة، وشبه الجملة في محل رفع خبر مقدم.
    درّه: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
    مؤلّفًا: تمييز منصوب بالفتحة.
  • ربّه امرأة تحسن تربية أولادها:
    ربّ: حرف تقليل وجر شبيه بالزائد، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر لفظًا، وفي محل رفع مبتدأ محلًّا.
    امرأة: تمييز منصوب بالفتحة.
    تحسن: فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل مستتر تقديره هي.
    تربية: مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف.
    أولادها: أولاد: مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محل جرّ مضاف إليه، والجملة الفعليّة في محل رفع خبر المبتدأ.

المراجع

  1. عبده الراجحي (2004)،التطبيق النحوي(الطبعة 1)، بيروت :دار النهضة العربية، صفحة 351. بتصرّف.
  2. الصبّان (2008)،حاشية الصبّان على شرح الأشموني(الطبعة 2)، بيروت :دار الكتب العلمية، صفحة 23، جزء 3. بتصرّف.
  3. فاضل سامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان:دار الفكر ، صفحة 278، جزء 4. بتصرّف.
  4. فاضل سامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان:دار المعرفة، صفحة 293، جزء 4. بتصرّف.
  5. فاضل سامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان:دار المعرفة، صفحة 294، جزء 4. بتصرّف.
  6. فاضل سامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان:دار المعرفة، صفحة 294-295، جزء 4. بتصرّف.
  7. فاضل سامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان :دار المعرفة، صفحة 163، جزء 4. بتصرّف.
  8. سورة هود، آية:72
  9. سورة مريم، آية:20
  10. سورة آل عمران، آية:40
  11. فاضل السامرائي (2000)،معاني النحو(الطبعة 1)، عمان:دار المعرفة، صفحة 295، جزء 4. بتصرّف.
  12. ابن عقيل (2020)،شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك(الطبعة 1)، دمشق :دار الرسالة، صفحة 13، جزء 3.
  13. محمد شراب (2007)،شرح الشواهد الشعريّة(الطبعة 1)، دمشق :دار الرسالة، صفحة 331، جزء 1. بتصرّف.
  14. سورة الأحزاب، آية:3
Total
0
Shares
المقال السابق

أساليب غير مباشرة لإظهار المودة

المقال التالي

استكشاف النفس: رحلة في أعماق الذات

مقالات مشابهة