الخِطبة والزواج في الشريعة الإسلامية

نظرة شاملة حول الخطبة والزواج في الشريعة الإسلامية. تعريف الخطبة، الغاية منها، الأحكام الشرعية المتعلقة بها، مفهوم الزواج، وأهميته في الإسلام.

الخِطبة في الإسلام

تهدف هذه المقالة إلى إلقاء الضوء على مؤسستي الخِطبة والزواج في الإسلام، وبيان أهميتهما وأحكامهما.

تعريف الخِطبة

الخِطبة في الشريعة الإسلامية هي بمثابة الإعلان عن الرغبة في الزواج بامرأة محددة، وإخبارها أو إخبار ولي أمرها بهذه الرغبة. يمكن أن يتم هذا الإعلان بشكل مباشر من الرجل، أو عن طريق وسيط من أهله أو معارفه. قد تكون الخِطبة صريحة بالقول، أو بالتلميح. وبمجرد حصول الخاطب على موافقة المرأة أو وليها، تعتبر الخِطبة نافذة، وتترتب عليها بعض الأحكام الشرعية التي سيتم توضيحها لاحقًا.

الغاية من الخِطبة في الإسلام

تتجلى حكمة الخِطبة في كونها وسيلة للتعارف بين الطرفين قبل الزواج. فهي تتيح لكل من الخاطب والمخطوبة فرصة لدراسة أخلاق الطرف الآخر، وميوله، وطباعه، وذلك في حدود ما يسمح به الشرع الإسلامي. بعد هذه الفترة من التعارف، يكون لدى الطرفين خياران: إما إتمام الزواج إذا وجدا توافقًا بينهما، أو فسخ الخِطبة إذا تبين لهما عدم التوافق.

الأحكام الشرعية المترتبة على الخِطبة

يترتب على الخِطبة في الشريعة الإسلامية عدد من الأحكام الشرعية الهامة، وهي:

  • الخِطبة ليست عقد زواج، وبالتالي يبقى الخاطب والمخطوبة أجنبيين عن بعضهما البعض، ولا يجوز لهما تجاوز الحدود الشرعية في التعامل.
  • يحرم على أي شخص أن يتقدم لخطبة امرأة يعلم أنها مخطوبة لشخص آخر، ما لم يترك الخاطب الأول هذه المرأة أو يعلن عدم رغبته فيها.
  • يجوز شرعًا فسخ الخِطبة إذا وجد أحد الطرفين سببًا شرعيًا لذلك، مثل اكتشاف عيب في الطرف الآخر، أو عدم القدرة على التوافق.
  • إذا قام الخاطب بدفع مهر للمخطوبة ثم فسخ الخِطبة، فله الحق في استرداد كامل المهر الذي دفعه، وعليها إرجاعه إليه كاملاً.
  • إذا قدم الخاطب هدايا للمخطوبة، فله الحق في استعادة الهدايا التي لا تزال موجودة بحالتها، أما الهدايا التي تم استهلاكها فلا يحق له استعادتها. كما لا يحق له استعادة تكاليف حفل الخِطبة إذا تم إقامته.
  • جميع هذه الأحكام تنطبق على مجرد الوعد بالزواج، وليس على عقد الزواج الكامل بأركانه وشروطه.

الزواج في الإسلام

تعريف الزواج

يُعرّف العلماء عقد النكاح بأنه عقد يبيح للرجل والمرأة الاستمتاع ببعضهما البعض على الوجه المشروع. الأصل في حكم الزواج أنه مستحب إذا كان الشخص قادرًا ماليًا وبدنيًا، وقادرًا على تحمل مسؤولية الإنفاق، ولا يخشى الوقوع في الظلم.

وقد وردت العديد من الأدلة الشرعية التي تحث على الزواج وترغب فيه، ومنها:

قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ﴾ [رواه مسلم].

وينعقد الزواج بحضور الرجل والمرأة وولي المرأة والشاهدين، مع الإيجاب والقبول في مجلس العقد. ويترتب على عقد الزواج حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر، واستحقاق المرأة للمهر والنفقة والسكن، وغيرها من الحقوق التي فصلها الفقهاء في كتبهم.

المراجع

  • أبتوهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة 4)، سورية: دار الفكر، صفحة 6492 – 6494، جزء 9.
  • أبحسام الدين بن موسى عفانة، فتاوى يسألونك (الطبعة 1)، فلسطين: مكتبة دنديس، صفحة 156، جزء 3.
  • أحمد علي طه ريان، فقه الأسرة، صفحة 76 – 77.
  • محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 138، جزء 4.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فن الإلقاء في الجاهلية

المقال التالي

المنهج الدراسي لتخصص الهندسة الميكانيكية

مقالات مشابهة