مفهوم الخلع وحكمه الشرعي
الخلع هو صورة من صور انتهاء العلاقة الزوجية يتم بناءً على طلب الزوجة، مقابل تنازلها عن حقوق مالية أو مادية للزوج. يعتبر الخلع جائزًا في الشريعة الإسلامية، وهو وسيلة للمرأة للخلاص من الزواج إذا كانت لا ترغب في الاستمرار فيه، مع تعويض الزوج عن الأضرار التي قد تلحق به نتيجة هذا الانفصال.
وقد أباح الإسلام الخلع استناداً إلى قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾[البقرة: 229].
كما استدلوا بما ورد في السنة النبوية، حيث أتت امرأة ثابت بن قيس بن شماس -رضي الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: “يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خُلق، ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام”، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أتردين عليه حديقته؟”، وكان قد أصدقها حديقة، قالت: “نعم”، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:” اقبل الحديقة وفارقها”.[رواه البخاري]
تنظيم الخلع في قانون الأسرة الجزائري
ينظم قانون الأسرة الجزائري أحكام الخلع، حيث تنص المادة 54 من القانون على أنه “يجوز للزوجة أن تُخالع زوجها على مال يتم الاتفاق عليه”. وقد شهدت التطبيقات القضائية اختلافًا في تفسير هذه المادة، ولكن الاتجاه الغالب يميل إلى اعتبار الخلع حقًا للزوجة، ولا يتوقف على موافقة الزوج.
وقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن طلب الزوجة للخلع لا يشترط موافقة الزوج. كما تنص المادة 57 من نفس القانون على جواز استئناف أحكام دعوى الخلع في الجانب المادي فقط، في حين تبقى بقية الأحكام نافذة، وهو ما يتفق مع رأي جمهور الفقهاء.
ضوابط الخلع في الجزائر
هناك عدة ضوابط يجب توافرها لإتمام الخلع بشكل صحيح وقانوني:
الشروط المتعلقة بالزوج
يشترط في الزوج أن يكون عاقلاً بالغاً رشيداً، وقادراً على التصرف في أمواله. وتنص المادة 7 من قانون الأسرة الجزائري على أن الحد الأدنى لسن الزواج هو 21 عامًا، ولكن يجوز للقاضي أن يأذن بالزواج قبل هذا السن إذا رأى مصلحة في ذلك. وفي حالة مرض الزوج مرض الموت، فإن خلعه لزوجته يعتبر نافذاً، ويلزم بدفع العوض.
الشروط المتعلقة بالزوجة
تنص المادة 203 من قانون الأسرة الجزائري على أن الزوجة يجب أن تكون متمتعة بأهلية التبرع. فإذا لم تكن الزوجة بالغة سن الرشد المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني الجزائري، فإنها لا تلزم بدفع بدل الخلع إلا بموافقة وليها. ولا يجوز للمجنونة أو الصغيرة أو السفيهة أن تخالع زوجها بالمال. أما إذا كانت الزوجة مريضة مرض الموت وطلبت الخلع، فإنه يقبل منها، وتكون ملزمة بدفع البدل لأنها كاملة الأهلية للتصرفات المالية.
اشتراط وجود عقد زواج صحيح
يُشترط لقيام الخلع وجود رابطة زوجية صحيحة وقائمة بين الزوجين، وفقًا للمادة 54 من قانون الأسرة الجزائري. ولا يشترط أن يكون عقد الزواج مسجلاً في سجلات الحالة المدنية، ولكن لا يتم الحكم بالخلع إلا بعد تسجيل العقد. وإذا كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي، فيجوز لها مخالعة زوجها، لأن الطلاق الرجعي لا ينهي الرابطة الزوجية بشكل كامل. أما إذا كانت الرابطة الزوجية فاسدة، فلا يجوز الخلع استنادًا للمواد من 32 إلى 34 من قانون الأسرة الجزائري.
عوض الخلع
هو المقابل الذي تدفعه الزوجة للزوج مقابل حصولها على الخلع، حسب المادة 14 من قانون الأسرة الجزائرية. يمكن أن يكون هذا البدل نقودًا أو أوراقًا مالية داخل أو خارج البلاد، أو أشياء ذات قيمة مالية مثل الذهب. يجب أن يكون الشيء موجودًا ومحددًا أو قابلاً للتحديد، وأن يكون مشروعًا وغير مخالف للنظام العام والآداب، وفقًا للمادتين 94 و 96 من القانون المدني الجزائري.
المدة الزمنية للعدة في حالة الخلع
اختلف العلماء في تحديد المدة الزمنية للعدة في حالة الخلع على قولين:
- القول الأول: أن المُختلعة تعتد بحيضة واحدة.
- القول الثاني: أن المُختلعة تعتد بثلاث قروء لعدة المطلقة، وبه قال أبو حنيفة، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل.