مقدمة حول المسألة العمرية
للأم في أحكام الميراث مكانة خاصة، فلها حالات ترث فيها السدس أو الثلث وفقًا لشروط معينة. وتبرز أهمية الأم بشكل خاص في حالة تُعرف بالمسألة العمرية (أو الغراوية)، وهي مسألة تتكون من زوج أو زوجة، وأم، وأب. وقد سُميت هذه المسألة بالعمرية نسبة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي اجتهد في حكمها.
تعتبر هذه المسألة من المسائل المميزة في علم الميراث، ولها صورتان مشهورتان. وقد أطلق عليها بعض العلماء تسميات أخرى مثل “الغريمتان” أو “الغريبتان” نظرًا لخصوصيتها.
مكونات المسألة العمرية
للمسألة العمرية حالتان، وكل حالة تتكون من ثلاثة أركان أساسية:
- الحالة الأولى: تتكون من الأم والأب والزوج.
- الحالة الثانية: تتكون من الأم والأب والزوجة.
كيفية توزيع الأنصبة في المسألة العمرية
في المسألتين العمريتين، تأخذ الأم ثلث الباقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة، وليس ثلث التركة كاملة. والسبب في ذلك هو الحفاظ على قاعدة أن نصيب الذكر يكون مثل حظ الأنثيين، وتجنب أن يزيد نصيب الأم عن نصيب الأب.
إذا افترضنا أن الأم تأخذ ثلث التركة كاملة والزوجة تأخذ الربع (في حالة عدم وجود الفرع الوارث)، فإن القسمة ستكون على اثني عشر سهمًا. في هذه الحالة، سيكون للزوجة ثلاثة أسهم، وللأم أربعة أسهم، وللأب خمسة أسهم. هذا التوزيع يجعل نصيب الأم قريبًا من نصيب الأب، وهو ما يتعارض مع القاعدة الشرعية
التي تنص عليها الآية الكريمة:
(لِّلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ).
وقد قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن تأخذ الأم ثلث الباقي، وقد وافقه الصحابة على ذلك، مما يعتبر إجماعًا سكوتيًا.
والآية الكريمة: (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) تتحدث عن حالة وجود الأبوين فقط، بينما في المسألة العمرية يوجد معهما أحد الزوجين، لذا لا يمكن الاستناد إليها لتحديد نصيب الأم على أنه ثلث التركة كاملة.
أمثلة توضيحية للمسائل العمريتين
تختلف طريقة حساب الأسهم في المسألتين العمريتين بسبب اختلاف نصيب الزوج عن نصيب الزوجة. إليكم مثال على كل منهما:
مثال على الحالة الأولى (وجود الزوج)
توفيت امرأة وتركت أمًا وأبًا وزوجًا. في هذه الحالة، يأخذ الزوج نصف التركة لعدم وجود الولد. تأخذ الأم ثلث الباقي بعد نصيب الزوج، ويأخذ الأب المتبقي.
تقسم التركة إلى ستة أسهم:
- الزوج: ثلاثة أسهم (نصف التركة).
- الأم: سهم واحد (ثلث الباقي).
- الأب: سهمان (المتبقي).
مثال على الحالة الثانية (وجود الزوجة)
توفي رجل وترك أمًا وأبًا وزوجة. في هذه الحالة، تأخذ الزوجة ربع التركة لعدم وجود الفرع الوارث. تأخذ الأم ثلث الباقي بعد نصيب الزوجة، ويأخذ الأب المتبقي.
تقسم التركة إلى أربعة أسهم:
- الزوجة: سهم واحد (ربع التركة).
- الأم: سهم واحد (ثلث الباقي).
- الأب: سهمان (المتبقي).
المصادر والمراجع
- الموسوعة الفقهية الكويتية، الجزء 3، صفحة 31 – 33.
- محمد حسن عبد الغفار، كتاب مهمات في أحكام المواريث، الجزء 4، صفحة 6.
- منّاع القطّان، كتاب تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 227.
- عبد الكريم اللاحم، كتاب الفرائض، صفحة 51.
- محمد بن إبراهيم التويجري، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، الجزء 4، صفحة 401.
- سورة النساء، آية: 11.
- ابن عثيمين، كتاب الشرح الصوتي لزاد المستقنع، الجزء 1، صفحة 5824.