الخصائص العمرانية لمدينة الخليل (فلسطين)

مقدمة عن العمارة في الخليل

تعتبر مدينة الخليل من أقدم المدن المأهولة في العالم، حيث شهدت استمرارية حضارية عبر العصور المختلفة. ورغم التحديات والظروف الصعبة التي مرت بها، إلا أنها استطاعت الحفاظ على جزء كبير من هويتها المعمارية المتميزة. هذه الهوية تعكس تاريخاً عريقاً وتراثاً غنياً يظهر في تفاصيل المباني، تصميم الأحياء، واستخدام المواد المحلية في البناء.

الاستيطان الأول في مدينة الخليل

تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن الكنعانيين هم أول من استقر في منطقة الخليل. وقد أسسوا العديد من المدن والقرى، بما في ذلك الخليل القديمة. وتدل الآثار المتبقية على وجود حضارات أخرى تعاقبت على المدينة، مثل الحضارات الرومانية والبيزنطية والأموية والصليبية والمملوكية والعثمانية. كل هذه الحضارات تركت بصماتها على النسيج العمراني للمدينة، مما جعلها متحفاً حياً يعرض تاريخاً طويلاً ومتنوعاً.

الأحياء والأسواق في مدينة الخليل

تتميز البلدة القديمة في الخليل بتصميمها المعماري الفريد وتخطيطها الذي يعكس التنظيم الاجتماعي والاقتصادي للمدينة. يمكن تقسيم البلدة القديمة إلى عدة أحياء، منها:

• حارة القزازين
• حارة السواكنة
• حارة بني دار
• حارة العقابة
• حارة القلعة
• حارة الحوشية
• حارة المحتسبية
• حارة مدرسة المعارف
• حارة الأكراد
• حارة اليهود
• حارة المشارقة
• حارة قيطون
• حارة الشيخ علي بكا

بالإضافة إلى الأحياء، تضم البلدة القديمة مجموعة من الأسواق التقليدية التي كانت وما زالت تلعب دوراً هاماً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. من بين هذه الأسواق:

• سوق البازار
• سوق الخواجات
• سوق الخضار
• سوق الإسكافية
• سوق اللبن
• سوق المغاربة
• سوق القزازين

تصنيفات المباني السكنية التقليدية في البلدة القديمة

يعود تاريخ بعض المباني السكنية في البلدة القديمة في الخليل إلى نهاية العصر المملوكي، في حين أن معظمها يعود إلى العصر العثماني (1517- 1917 م). لعبت الطبيعة الجبلية للمنطقة دوراً كبيراً في تحديد مواد البناء المستخدمة، حيث تم استخدام الحجارة الكلسية الصلبة التي أعطت المدينة طابعاً مميزاً بلونها الأبيض الجميل. وتتميز المساكن في الخليل بقبابها التي تضفي جمالاً على خط السماء، وكذلك بفنائها الواسع الذي يتضمن بئراً لجمع مياه الأمطار.

كانت مداخل الأحواش منخفضة وبدون أبواب كبيرة تطل على الشارع. وعادة ما تكون مظلمة وعميقة على شكل دهليز ينتهي بفناء واسع. وفي إحدى زوايا الفناء يوجد صهريج للمياه. أما داخل المنزل، فتتوزع الوحدات السكنية حول الفناء، وتوجد حجرة كبيرة تسمى “القاعة” مخصصة لاستقبال الضيوف.

في العصر العثماني، تميزت المساكن بالتقارب والتلاصق، مما أدى إلى التوسع الرأسي بدلاً من الأفقي. ويتكون البيت عادة من ثلاث طبقات: سفلى، ووسطى، وعليا تسمى “العلية”، والتي تدل على كبر حجم الأسرة.

الأسس التصميمية للمباني السكنية التاريخية

تعتمد الأسس التصميمية للمباني السكنية في البلدة القديمة على فكرة التوجه نحو الداخل والفصل بين الرجال والنساء. تم تصميم المنازل الكبيرة حول فناء داخلي مربع أو مستطيل، تتوزع منه الحركة إلى مختلف أجزاء المنزل. وللحفاظ على الخصوصية، تم استخدام المدخل المنكسر الذي يعمل كمرحلة انتقالية من الشارع إلى الفناء.

يحتوي الطابق الأرضي عادة على القاعات الأرضية، والمدخل المنكسر، والسلالم المؤدية إلى الطوابق العليا، بالإضافة إلى غرف الخدم والمرافق. أما الطوابق العليا، فتضم قاعات وغرف نوم ومعيشة وخدمات.

اعتمد البناء الخليلي على التنوع والتدرج في الارتفاعات الداخلية، واستخدام الدخلات والفتحات العمودية والخزائن والرفوف بالحوائط، بالإضافة إلى الزخارف الهندسية والنباتية الملونة في الأسقف والأرضيات الرخامية.

المنزل الخليلي القديم: نموذج معماري

يتشابه البيت الخليلي مع البيوت العربية والإسلامية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتجلى فيه الأصالة والبساطة والسماحة. فهو يوفر الخصوصية لساكنيه ويحافظ على الروابط الأسرية. ومن بين ملامحه المميزة:

• الكتل المعمارية متصلة ببعضها البعض.
• المنازل متناسقة ومتواضعة.
• يتكون المنزل غالباً من طابقين رئيسيين فوق قاعات أو مخازن.
• يحتوي الطابق الأرضي على فعاليات تجارية أو مهن حرفية، ويحمي المنزل من الفيضانات، ويوفر الخصوصية.
• الطابق الأول مخصص للفعاليات النهارية، وتوضع الحجرات حول فناء داخلي.
• الفناء الداخلي هو فراغ معماري حيوي يتم فيه النشاطات النهارية.
• يحتوي البناء على عناصر مثل بئر الماء.
• للمنزل مدخل واحد فقط.
• يشيد المنزل بالحجارة ويغطى بقباب حجرية.

نبذة عن مدينة الخليل

الخليل مدينة فلسطينية تقع جنوب القدس. تعتبر أكبر المدن الفلسطينية من حيث المساحة. سميت نسبة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي يعتقد أنه سكنها. تشتهر المدينة بالتجارة والصناعة، وخاصة صناعة الزجاج، وكذلك بكروم العنب. كانت تعرف قديماً بقرية أربع.