الحيوانات في القرآن: بين اللعنة والتكريم

نظرة في القرآن الكريم على الحيوانات التي ذكرت بطريقة سلبية، وتلك التي نالت التكريم. استكشاف مفهوم اللعن في النصوص الدينية وعلاقته بعالم الحيوان.

مقدمة

القرآن الكريم زاخر بالإشارات إلى عالم الحيوان، حيث تتجلى قدرة الخالق وإبداعه في تنوع المخلوقات. تتراوح هذه الإشارات بين ذكر الحيوانات المحرم أكلها، وتلك التي أباحها الله، وصولًا إلى الحيوانات التي تحمل في قصصها عبرًا ودلالات. لا يوجد في القرآن نص صريح يشير إلى حيوانات ملعونة بذاتها.

حيوانات ارتبطت باللعنة

على الرغم من عدم وجود حيوانات ملعونة بشكل مباشر في القرآن، إلا أن بعض الحيوانات ظهرت في سياقات مرتبطة بالغضب الإلهي أو العقاب. يجب فهم هذه الإشارات ضمن سياقها القصصي والديني.

تحول البشر إلى قردة وخنازير

يذكر القرآن الكريم قصة تحول بعض اليهود إلى قردة وخنازير كعقاب لهم على عصيانهم أوامر الله. هذا التحول هو مسخ جسدي وروحي، ودليل على غضب الله على من خالفوا شرعه.

عندما سُئل الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن القردة والخنازير وهل هم من نسل أولئك الذين مُسخوا، قال:

“إنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا، أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا، فَيَجْعَلَ لهمْ نَسْلًا، وإنَّ القِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذلكَ”

هذا الحديث يدل على أن القردة والخنازير كانت موجودة قبل المسخ، وأن المسخ كان تحويلًا للهيئة وليس بداية وجود هذه الحيوانات. لم يكتب للممسوخين نسل أو ذرية.

قصة الناقة في الحديث

يروي لنا الحديث قصة ناقة لعنتها امرأة، وكيف تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع هذا الموقف.

عن عمران بن حصين قال: “بيْنَما رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ علَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذلكَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- فَقالَ: خُذُوا ما عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فإنَّهَا مَلْعُونَةٌ”.

هذا الحديث يظهر خطورة اللعن في الإسلام، وأن المسلم يجب أن يتحلى بالرحمة والرفق بالحيوان. يرى بعض العلماء أن أمر النبي بترك الناقة كان استجابة لدعاء المرأة عليها، بينما يرى آخرون أنه كان عقوبة لها على فعلتها. ويؤكد ابن عمر أن إيذاء المملوك بالضرب أهون من الدعاء عليه باللعنة والطرد من رحمة الله.

حيوانات توصف بالفواسق

ورد ذكر بعض الحيوانات بوصف “فواسق” لما تتسبب فيه من أذى وضرر للإنسان.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحِلِّ وَالْحَرَمِ: الحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الأبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ، وَالْحُدَيَّا”.

الفِسق يعني الخروج عن المألوف أو المعتاد، وسميت هذه الحيوانات بالفواسق بسبب ما تسببه من أذى وخبث. ويرى البعض أن سبب تسميتها بالفواسق هو خروجها عن قاعدة عدم القتل في الحرم، أي أن قتلها جائز في الحرم كما هو جائز خارجه.

حيوانات نالت التكريم

في المقابل، هناك حيوانات نالت التكريم والتقدير في الإسلام، حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها.

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “نهى عن قتلِ أربعٍ من الدوابِّ؛ النملةِ، والنحلةِ، والهدهدِ، والصّردِ”.

النهي عن قتل النمل يكون في حالة عدم الضرر، أما إذا كان النمل يسبب ضررًا فلا بأس بقتله. النحل مصدر للعسل وفيه منافع جمة، كما أنه مفيد للأشجار بعملية التلقيح. أما الهدهد، فكان دليلًا لسيدنا سليمان، ولا يضر ولا يؤذي، وليس في قتله منفعة. والصرد طائر كبير محرم الأكل ولا يضر، لذلك ورد النهي عن قتله.

المراجع

  • تفسير القرآن العظيم ابن كثير
  • صحيح مسلم
  • شرح السنة للبغوي
  • الموسوعة الفقهية الكويتية
  • سلسلة التفسير لمصطفى العدوي
  • الدرر السنية
  • صحيح أبي داود
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

كائنات إفريقيا المفترسة: نظرة عن كثب

المقال التالي

كائنات حية اختفت من عالمنا مؤخراً

مقالات مشابهة