مقدمة
خلق الله سبحانه وتعالى جميع المخلوقات لحكمة عظيمة، ووضع كل ما في هذا الكون الفسيح في خدمة الإنسان، ووسيلة لدفع الأذى عنه. ومن هذا المنطلق، وردت في السنة النبوية الشريفة أحاديث صحيحة تجيز قتل بعض أنواع الحيوانات، حتى وإن لم تكن تُذبح للأكل.
إن السبب وراء هذا الإباحة هو ما تسببه هذه الحيوانات من أذى وضر، فهي قد تهدد حياة الإنسان، وتعكر عليه صفو معيشته، وتزرع الخوف في نفسه. فوجود هذه الحيوانات بعيدًا عن أماكن تواجد البشر قد يكون له أهمية في الحفاظ على التوازن البيئي، ولكن دخولها إلى المنازل يجعل التعايش معها أمرًا مستحيلًا.
وقد وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعض الحيوانات بـ”الفواسق”، وذلك دلالة على ما تتصف به من خبث وأذى. والفسق في اللغة يعني الخروج عن الطاعة والاستقامة، وهذا الوصف ينطبق على هذه الحيوانات، كما أن إباحة قتلها يعتبر خروجًا عن القاعدة العامة التي تحرم الذبح والقتل والصيد، فتكون بذلك مستثناة من هذه القاعدة.
توضيح الأحاديث النبوية حول الحيوانات المؤذية
وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن الحيوانات المؤذية التي يجوز قتلها، ومن بينها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“(خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْكَلْبُ العَقُورُ).”
في هذا الحديث، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنواع معينة من الحيوانات التي يجوز قتلها، حتى في حالة الإحرام، ولا يعتبر ذلك إثمًا. يجب التأكيد على أن هذا الحديث ليس على سبيل الحصر، بل هناك حيوانات أخرى قد تشترك معها في الحكم نفسه. وفيما يلي تفصيل للحيوانات المذكورة في الحديث:
الغراب
المقصود هنا هو الغراب الأبقع، وهو نوع من الغربان يتميز بلونه الأسود ويسبب الأذى للإنسان ولغيره من الحيوانات، وذلك عن طريق إيذاء ظهورها بالنقر عليها، أو نزع عيونها. أما الغراب الأبيض، أو ما يعرف بـ “أبو قردان”، فهو لا يسبب أي ضرر، بل يعتبر مفيدًا للمزارعين حيث يساعد في تطهير التربة والقضاء على الحشرات الضارة.
الحِدَأَة
وهي نوع من أنواع الطيور الجارحة التي تقوم بخطف الطعام من أيدي الناس، وتسرق فراخ الدجاج والحمام، مما يلحق الضرر بالمال والممتلكات.
الفأرة
وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم “الفويسقة”، وهي الفأرة التي توجد في المنازل وتتسبب في نقل العديد من الأمراض، وضررها على الصحة العامة معروف.
العقرب
سواء كانت ذكرًا أم أنثى، فهي حشرة مؤذية تعتبر من الحشرات السامة، وقد تصل سمية لدغتها إلى حد قتل الإنسان، بعد معاناة شديدة من الألم. وهذا يشكل ضررًا كبيرًا على الإنسان وجسده.
الكلب العَقُور
والمقصود به الكلب الذي يعقر الإنسان أي يسبب له جروحًا، وهو يختلف عن الكلاب المسالمة وكلاب الحراسة. هذا النوع يضر الإنسان ولا يخدمه، ويسبب له الخوف، وقد يهاجمه ويفترسه. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا يشمل كل حيوان مفترس يشكل خطرًا على حياة الإنسان، مثل الأسد والثعلب والذئب وغيرها من الحيوانات ذات الأنياب.
الحية
لا يخفى على أحد مدى خطر وضرر الحية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها حتى أثناء الصلاة، حيث قال:
“(أمرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بقتلِ الأسودَيْنِ في الصَّلاةِ: الحَيَّةُ، والعَقْرَبُ)”
.
كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة طلب الإذن منها ثلاث مرات قبل قتلها، فإن لم تذهب يتم قتلها.
وعلمنا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أن نقول:
“(إذا ظهرتِ الحيَّةُ في المسكنِ فقولوا لها إنا نسألك بعهدِ نوحٍ وبعهدِ سليمانَ بنِ داودَ أن لا تُؤذِيَنا فإن عادت فاقتُلوها).”
المراجع
- أبناصر الدين البيضاوي، كتاب تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، صفحة 185. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية ،ج32، صفحة 218. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3314 ، صحيح.
- عطية سالم، كتاب شرح بلوغ المرام الجزء 169، صفحة 5-10. بتصرّف.
- رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:390 ، حسن صحيح .
- “حيّات البيوت لا تقتل إلا بعد إنذارها ثلاثا “، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2022. بتصرّف.
- رواه الترمذي، في سنن الترمذي ، عن أبي ليلى الأنصاري والد عبدالرحمن ، الصفحة أو الرقم:1485 ، حسن غريب.