الحكاية في العصر الأموي: ازدهار فن القصص

نظرة على فن الحكاية في الحقبة الأموية: أنواع الحكايات، الحكايات الدينية والوعظية، الحكايات التاريخية والأسطورية، الحكايات الواقعية، وحكايات النوادر والفكاهة. أشهر رواة الحكايات.

مقدمة حول الحكاية في الحقبة الأموية

الحكاية هي لون أدبي نثري ذو أهمية بالغة على مر العصور، لقدرتها على التأثير في النفوس، وعكسها لظروف المجتمعات في مختلف الأزمنة. حظيت الحكاية باهتمام ملحوظ في كل العصور، ولكنها اكتسبت بعد الإسلام، وخصوصًا في الحقبة الأموية، طابعًا متأثرًا بالدين الإسلامي بشكل كبير.

استمدت الحكايا في تلك الفترة أهميتها من حكايات القرآن الكريم وقصص السيرة النبوية. في البداية، كانت تُروى لأهداف دينية بحتة، مع تأثر بسيط بالنثر الجاهلي إلى جانب التأثر بالقرآن والسنة النبوية. وباعتبارها فنًا نثريًا يعتمد على إيصال المعنى بألفاظ بسيطة، انتشرت الحكاية على نطاق واسع بين الناس. إلى جانب الحكايات الدينية، ظهرت أنواع أخرى متنوعة من الحكايات.

أصناف الحكايا في الحقبة الأموية

شهد العصر الأموي ظهور أصناف متعددة من الحكايا، تم تصنيفها بناءً على السياق الذي تُروى فيه. بعضها كان نتاجًا للحقبة نفسها، بينما كان البعض الآخر امتدادًا لما اشتهر في العصور السابقة. من بين هذه الأنواع:

الحكايات الدينية والمواعظ

انتشرت الحكايات الدينية على نطاق واسع في تلك الحقبة، حيث استخدمها الوعاظ لتذكير الناس بأمور دينهم. كان للقرآن الكريم تأثير كبير في الحكايات المتداولة، حيث توسع القرآن في هذا الجانب من الحكايا، مما جعل الوعاظ يقتدون بنهجه في رواية الحكايات.

كما كان لحروب الأمويين مع خصومهم دور في انتشار هذا النوع من الحكايات، نظرًا لطابعها الديني. قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف: 111].

الحكايات التاريخية والأساطير

ظهر هذا الصنف من الحكايا في العصر الجاهلي واستمر بعد الإسلام، وتناول قصص الملوك. من الجدير بالذكر أن هذا النوع من الحكايا تأثر بظهور الإسلام. ومما ورد في صحيح البخاري: “حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة”

الحكايات الواقعية

يروي هذا الصنف من الحكايا قصصًا حقيقية، وهي مما ورد ذكره في تخليد أيام العرب وطرائفهم. هذا النوع من الحكايا الذي يختص بأمور الدنيا لم يتم تداوله إلا شفويًا لفترة من الزمن. أول ما تم تدوينه من هذه الحكايات هي قصص الحب، مثل قصة مجنون ليلى.

حكايات الطرفة والفكاهة

ظهرت هذه الحكايات مع تطور هذا الفن من النثر، حيث بدأ يبتعد عن الغاية الأساسية التي انتشر من أجلها في تلك الحقبة، وأصبحت الحكايات تُروى بهدف الإضحاك والتسلية فحسب. كان رواة الحكايات يقومون باختلاق بعض المواقف التي تهدف إلى إمتاع المستمع.

أعلام رواة الحكايا في الحقبة الأموية

اشتهر في الحقبة الأموية عدد كبير من رواة الحكايا، نظرًا لانتشار هذا الفن. من بينهم:

  • الحسن البصري: كان من أشهر خطباء عصره في الخطب والحكايات الدينية الوعظية.
  • الفضل بن عيسى الرقاشي: عُرف بكثرة استخدامه للسجع. قال عنه الجاحظ أنه كان متكلمًا وقاصًّا مجيدًا.
  • واصل بن عطاء: وهو من أشهر زعماء المعتزلة في عصره، عرف بخطبة شهيرة ألقاها في مجلس عمر بن عبد العزيز متجنبًا نطق الراء فيها لأنه كان يجد صعوبة في نطقها بشكل صحيح.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

روائع شعر لسان الدين بن الخطيب

المقال التالي

نظرة في المنظومة الجزرية

مقالات مشابهة