الحقيقة والمجاز في القرآن

استكشاف مفهومي الحقيقة والمجاز في القرآن الكريم، مع توضيح الفرق بينهما وأمثلة من الآيات القرآنية.

مقدمة

القرآن الكريم هو كلام الله المعجز، نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية، وهي لغة تتميز بالبلاغة والفصاحة. ومن خصائص اللغة العربية وجود أساليب متنوعة للتعبير عن المعاني، منها الحقيقة والمجاز. فهم هذين الأسلوبين ضروري لفهم معاني القرآن الكريم وتفسيره تفسيراً صحيحاً.

ورود الحقيقة في القرآن الكريم

يتفق علماء اللغة العربية والإسلامية على وجود الحقيقة في القرآن الكريم، وهذا هو الأصل في الكلام. الحقيقة هي استعمال اللفظ في معناه الأصلي الذي وضع له. الأمثلة على الحقيقة في القرآن الكريم كثيرة جداً، ومنها:

  • قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً}.
  • قوله تعالى: {هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ}.
  • قوله تعالى: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}.
  • قوله تعالى: {أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}.
  • قوله تعالى: {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ}.
  • قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ}.
  • قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ}.
  • قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ}.
  • قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}.

ورود المجاز في القرآن الكريم

يرى أغلب العلماء أن الله تعالى خاطب عباده في القرآن الكريم بالمجاز، وهو استعمال اللفظ في غير معناه الأصلي لعلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد مع وجود قرينة تمنع من إرادة المعنى الأصلي. بينما يرى بعض العلماء أنه لا يوجد مجاز في القرآن الكريم، لأن المجاز يدل على عجز المتكلم عن إيجاد اللفظ المناسب، وهذا لا يليق بالله تعالى. ولكن القول بوجود المجاز هو الراجح، لأن القرآن الكريم نزل بلغة العرب التي تستعمل المجاز بكثرة.

أمثلة على المجاز في القرآن الكريم:

  • قوله تعالى: {جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}.
  • قوله تعالى: {وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ}.
  • قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.
  • قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}.
  • قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}.
  • قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}.
  • قوله تعالى: {وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي}.

التمييز بين الحقيقة والمجاز لغة

يمكن تقسيم الألفاظ باعتبار استعمالها في المعنى إلى قسمين رئيسيين هما الحقيقة والمجاز. ولكل منهما تعريف خاص يميزه عن الآخر.

تفسير معنى الحقيقة

الحقيقة في اللغة هي الثبات والاستقرار. أما في الاصطلاح، فهي استعمال اللفظ في المعنى الذي وضع له أصلاً في اللغة أو الشرع أو العرف. وتنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أنواع:

  1. الحقيقة اللغوية: وهي استعمال اللفظ في معناه اللغوي الأصلي، مثل: الشمس والقمر والسماء والأرض.
  2. الحقيقة الشرعية: وهي استعمال الألفاظ في معناها الشرعي الذي حدده الشرع، مثل: الصلاة والزكاة والصيام والحج.
  3. الحقيقة العرفية: وهي استعمال الألفاظ في المعاني التي تعارف عليها الناس، سواء كان العرف عاماً أو خاصاً. مثال العرف العام: استخدام لفظة “دابة” للدلالة على الحيوانات التي تمشي على أربعة أرجل. مثال العرف الخاص: المصطلحات النحوية مثل “النصب” و”الجر”.

الحقيقة ثابتة ولا تتغير، وإذا استعمل اللفظ في معناه الحقيقي، فإنه يدل على العموم إذا كان عاماً، وعلى الخصوص إذا كان خاصاً.

تفسير معنى المجاز

المجاز لغة من التجاوز والتعدي. وفي الاصطلاح هو استعمال اللفظ في غير معناه الأصلي لعلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد، مع وجود قرينة تمنع من إرادة المعنى الأصلي. القرينة قد تكون لفظية أو حالية.

مثال: قولنا “رأيت أسداً يخطب في الناس”. لفظة “أسد” هنا مستعملة في غير معناها الحقيقي، لأن الأسد لا يخطب في الناس. العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد هي الشجاعة، والقرينة هي “يخطب في الناس”.

الأصل في الكلام هو الحقيقة، ولا يلجأ إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة. وذهب بعض العلماء إلى أن المجاز وسيلة للتعبير مثل الحقيقة، وقد يكون أبلغ منها في بعض الأحيان.

المصادر

  • عماد علي عبد السميع (2006)،التيسير في أصول واتجاهات التفسير، الإسكندرية:دار الإيمان، صفحة 76-77.
  • السمعاني، أبو المظفر (1999)،قواطع الأدلة في الأصول(الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 267-268، جزء 1.
  • محمد إبراهيم الحفناوى (2002)،دراسات أصولية في القرآن الكريم، القاهرة:مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، صفحة 227.
  • محمد إبراهيم الحفناوي (2002)،دراسات أصولية في القرآن الكريم، القاهرة:مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، صفحة 222-223-224.
  • محمد إبراهيم الحفناوي (2002)،دراسات أصولية في القرآن الكريم، القاهرة:مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، صفحة 226-227.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نطاق الكلمات وصلتها: دراسة تحليلية

المقال التالي

درر الكلام – أقوال وحكم

مقالات مشابهة