نظرة تاريخية لمفهوم الإعاقة
في الماضي، كان يُطلق على الشخص الذي يعاني من إعاقة لقب “المُقعد”، ثم تطور المصطلح إلى “ذوي العاهة”، وبعد ذلك “العاجز”. كانت النظرة السائدة في تلك الحقبة تتمحور حول هذه التسميات. ومع مرور الوقت، حدث تحول في هذه النظرة، مع إدراك أن العجز الحقيقي يكمن في عدم قدرة المجتمع على تقبل هذه الفئة واستثمار قدراتها.
من المهم الاعتراف بأن الأفراد ذوي الإعاقة قد يمتلكون قدرات ومواهب فريدة يمكن الاستفادة منها وتطويرها ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع. قد يتميزون في مجالات معينة عن غيرهم. إن التسميات القديمة قد تولد شعوراً بالإحباط لدى الشخص ذي الإعاقة، مما يؤثر سلباً على حياته وعلاقته بالمجتمع. لذلك، ظهرت مصطلحات جديدة مثل “ذوي الاحتياجات الخاصة” و “ذوي الصعوبات” لإضفاء طابع إيجابي. ويحث الإسلام على مخاطبة الناس بأحسن الأسماء وأفضلها.
الحقوق المقررة في الإسلام للأشخاص ذوي الإعاقة
أوصى الله تعالى في العديد من الآيات القرآنية بالإحسان إلى الناس جميعاً، بمن فيهم ذوو الإعاقة. إن طريقة تعامل المجتمع مع هذه الفئة تؤثر عليهم بشكل كبير. لذلك، تم وضع مجموعة من الحقوق التي تهتم بهم، وفيما يلي بعض هذه الحقوق:
- النظرة السوية: يجب أن يحظى الأشخاص ذوو الإعاقة بالاحترام من المجتمع وأن يُنظر إليهم بعين العزة لا الشفقة. النظرة المتعالية قد تشعرهم بالإحباط واليأس، وبأنهم غير فاعلين في المجتمع. يجب أن يُنظر إليهم كأفراد أقوياء قادرين على مواكبة العصر، حتى وإن تأخروا بسبب ظروفهم. يجب أن تسود المحبة والرأفة والطيبة في التعامل معهم.
- حفظ ممتلكاتهم: من حقهم أن تُحفظ أموالهم وممتلكاتهم، وأن يمنع التصرف فيها بغير حق، وعدم استغلالهم بسبب ضعفهم.
- التفاعل معهم: يجب على المجتمع تقديم المساعدة لهم، والحرص على دمجهم وعدم استبعادهم، وذلك بإشراكهم في الأعمال التي يمكنهم المشاركة فيها، وحضورهم الفاعل في المناسبات العامة، مما يعود عليهم بالنفع.
- احترام الأماكن المخصصة لهم: يجب احترام الأماكن والطرق والمحال المخصصة لهم، وعدم الوقوف بها، وإعطائهم حق الطريق. فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يؤذي الإنسان غيره.
- احترام قدراتهم: وذلك بعدم تحميلهم ما لا يطيقون، وعدم تكليفهم بأعمال مستحيلة الإنجاز. يجب احترام القدرات المتاحة لديهم، حتى لا يصابوا بالإحباط. إذا أنجزوا عملاً يناسب قدراتهم، فإنهم سيشعرون بالفخر والسعادة.
منهج الإسلام في التعامل مع ذوي الإعاقة
الشريعة الإسلامية ذات منهج متكامل يعنى بكل جوانب الحياة. لم يترك الدين الإسلامي مجالاً إلا وكان له فيه رأي وبيان، فقد اهتم الإسلام بكل فئات المجتمع، ومن بينها فئة ذوي الإعاقة. حث الإسلام على احترامهم، والأخذ بأيديهم، ومعاونتهم في جميع شؤون حياتهم، وكلفهم بما يستطيعون فعله من الأحكام الواجبة، حسب قدرتهم، ولم يكلفهم ما يفوق طاقتهم.
ودليل ذلك قول الله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ). [الفتح: 17]
كما رغب الإسلام في دمج هذه الفئة في المجتمع مع جميع الفئات الأخرى ليتشاركوا مع بعضهم البعض. بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الشريفة أنه إذا اضطر الإنسان إلى مخالطة بعض المرضى، فلا بأس في ذلك ولا خوف منه. وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجعل المرضى والضعفاء قادة عندما يخرجون في ركب، وكان لذلك أثر كبير على أصحاب ذوي الإعاقة، لأنهم نالوا ثقة في أنفسهم، وتم دمجهم في المجتمع الذي قد يخافون منه لو كانوا مبعدين عنه.
وبين الدين الإسلامي أن الناس سواسية لا فرق بينهم إلا بتقوى الله تعالى. فالتقوى هي المعيار الذي يحاسب عليه العبد يوم القيامة.
ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). [الحجرات: 13]
وبين الإسلام أيضاً أن الإعاقة وما يتعرض له ذوو الإعاقة من ابتلاءات لا يؤثر على منزلتهم بين الناس، ولا يقلل من قيمتهم. حث الدين الإسلامي على احترامهم وأعطاهم حقوقاً يجب على الجميع احترامها وتطبيقها. يجب على الإنسان أن يحمد الله تعالى دائماً على النعم التي وهبه إياها، فإن الله الذي وهب العبد تلك النعم قادر على أن يأخذها منه، فهو الرزاق القادر.
ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَما بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجأَرونَ). [النحل: 53]
وعلى الإنسان دائماً أن يصبر في كل ابتلاء يحصل له، وأن يستشعر الأجر والثواب الذي سيناله بصبره.
المراجع
- أبموسى ميان،”كيف تعامل الإسلام مع المعاقين ؟”،www.saaid.net، تم الاطلاع بتاريخ 9-10-2018.
- أحمد الحزيمي (25-3-2018)،”حُقوقُ ذَوي الاحتياجاتِ الخاصَّة”،www.alukah.net، تم الاطلاع بتاريخ 9-10-2018.
- د.طه فارس (21-7-2016)،”رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام”،www.alukah.net، تم الاطلاع بتاريخ 9-10-2018.
- عبد الله شرف (30-5-2012)،”رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة”،www.islamweb.com، تم الاطلاع بتاريخ 9-10-2018.