جدول المحتويات:
مقدمة حول الخلع وحقوق الزوجة
الخلع في اللغة يعني الإزالة والتخلص. أما في الشرع، فهو انفصال الزوجة عن زوجها مقابل تعويض مالي أو غير مالي يقدمه الزوجة للزوج. يشبه الخلع إزالة اللباس، كما في قوله تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾. يعبر لفظ الخلع عن العلاقة الوثيقة بين الزوجين وحاجة كل منهما للآخر.
عندما تقرر الزوجة طلب الخلع، هناك عدة حقوق يكفلها لها الإسلام، والتي سيتم تفصيلها فيما يلي.
الحق المالي للمرأة عند الخلع
لا يشترط حضور المرأة شخصيًا لإجراءات الخلع. تعتبر جلسة الخلع شبيهة بمجلس البيع، حيث يحق للزوجة الاتفاق مع زوجها على الانفصال مقابل مبلغ مالي محدد. إذا وافق الزوج على هذا الاتفاق، فإنه يصبح ملزمًا.
يجوز للزوجة أن تشترط لنفسها حق الخيار لفترة زمنية معينة. خلال هذه الفترة، يحق لها التراجع عن قرارها أو الاستمرار فيه. هذا الحق مستمد من القياس على مسائل المعاوضات، حيث يجوز اشتراط الخيار.
يمكن تشبيه هذا الأمر بالمعاوضة التي يجوز فيها اشتراط الخيار، وبالتالي يصح الخلاص بالشرط والخيار كالمعاوضة.
استحقاق الزوجة لنفقة العدة
في حالة الخلع، تسقط نفقة العدة. إذا قامت الزوجة بتوكيل محامٍ لإجراءات الخلع، يحق لها التنازل عن المهر أو جزء منه، وذلك حسب الاتفاق بين الطرفين. المهر هنا يشمل كل ما ثبت كونه مهرًا، سواء كان مقدمًا أو مؤخرًا، ويجب إعادته للزوج بالطريقة التي يحددها، سواء كانت عينًا أو نقدًا.
أما بالنسبة للمرأة الحامل، فإن نفقة عدتها لا تسقط بالخلع، بل تستحقها.
أما فيما يتعلق بالمرأة الحامل، فإن نفقة الحمل لا تسقط، وتظل مستحقة لها.
مسؤولية الإنفاق على الأطفال
لا تسقط نفقة الأبناء بالخلع إذا كانوا أكبر من سنتين. إذا اشترط الزوج أن تنفق الزوجة على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين، فإنها ملزمة بذلك. بمجرد بلوغ الأطفال سنتين، تصبح نفقتهم واجبة على الأب، ولا يلزم الأم بالإنفاق عليهم بعد ذلك.
إذا تم الخلع على أن تتحمل الزوجة نفقة الطفل ورضاعه خلال السنتين الأوليين من عمره، يجوز ذلك. إذا توفيت الأم قبل إتمام الرضاع، أي كان عمر الطفل بين العامين، فإن النفقة والإرضاع يلزمان من مالها بناءً على الاتفاق. أما إذا توفي الطفل قبل إتمام العامين، فلا شيء على الزوجة، ولا تعتبر النفقة مالًا خاصًا أو قيمة محددة.
فإذا تمَّ الخلع على أنَّ عليها نفقة الولد ورضاعه ما دام عمره في الحولين جاز له ذلك، فإن ماتت قبل استكمال الرضاع؛ أي كان عمر الطفل بين العامين؛ فيلزم الرضاع والنفقة في مالها بناءً على المتَّفق عليه، وأمَّا إن مات الطفل قبل أن يتمّ العامين فلا شيء للزوج عليها، ولا يتمّ التعامل مع النفقة على أنّها مال خاصٌّ أو قيمة محدَّدة.
حقوق الأم في حضانة الأبناء
تعددت آراء الفقهاء في مسألة حضانة الأطفال بعد الخلع. وفيما يلي عرض لبعض هذه الآراء:
-
الحنفية:
لا يسقط حق الأم في الحضانة، لأن هذا الحق يعود للطفل، ولا يجوز للأم التنازل عما ليس من حقوقها.
-
المالكية:
يرى المالكية في هذه المسألة رأيين:
-
الرأي الأول:
لا تنتقل الحضانة من الأم إلى الأب بإسقاطها، بل تنتقل إلى من يلي الأم في حق الحضانة. وبالتالي، تبقى الحضانة للأم، ولكن يتولى رعايتها من تثق به الأم في حق الولاية.
-
الرأي الثاني:
يجوز للمالكية إسقاط الحضانة بالخلع وانتقالها إلى الأب، بشرط توفر الشروط التالية:
- ألا يتضرر الولد من مفارقة أمه، بحيث لا يلحقه ضرر أو أذى.
- أن يكون الأب قادرًا على حضانة الولد.
-
الرأي الأول:
لا يسقط حقّ الأمّ في الحضانة؛ وذلك لأنَّ هذا حقّ للولد فلا يجوز للأم أن تتنازل عمّا ليس من حقوقها.
ذهب المالكية في تفريع هذه المسألة إلى قولين:
الحضانة لا تنتقل بإسقاط الأمّ إلى الأب، ولكنّها تنتقل إلى من يلي الأمّ في حقِّ الحضانة، وعليه تبقى الحضانة للأمّ على أن يقوم بالرعاية من تأتمنه في حقّ الولاية لها.
أجاز المالكية إسقاط الحضانة بالخلع وانتقالها إلى الأب على أن يتوافر ما يأتي:
ألّا يتضرّر الولد من مفارقة أمّه، فيلحق بنفسه ضرر أو أذى جرّاء ذلك.
أن يتمتَّع الأب بالقدرة على حضانة الولد.
أحكام الخلع في الشريعة الإسلامية
تعددت الآراء حول الحكم المترتب على الخلع في الفقه الإسلامي، ويمكن تلخيصها كالتالي:
-
الخلع طلقة بائنة:
يرى جمهور العلماء أن الخلع يعتبر طلقة بائنة، مما يعني أن المرأة تبين من زوجها بينونة صغرى.
-
الخلع فسخ للعقد:
ذهب المذهب الحنبلي إلى أن الخلع ليس طلاقًا ولا يعتبر من ضمن الطلقات الثلاث، بل هو فسخ للعقد.
-
الخلع طلاق رجعي:
ذهب بعض العلماء إلى أن الخلع هو طلاق رجعي، وبالتالي يحق للزوج مراجعة زوجته خلال فترة العدة.
يُعَدُّ الخلع طلقة بائنة في العقدذهب جمهور أهل العلم إلى اعتبار الخلع طلقةً بائنةً، وعلى إثرها تبين المرأة بها بينونة صغرى.
يُعدُّ الخلع فسخاً للعقدحيث ورد في المذهب الحنبلي أنَّ الخلع ليس بطلاقٍ ولا يمكن عدَّه واعتباره من الطلقات الثلاث، وعليه يكون الخلع عندها فسخًا للعقد.
يعَدُّ طلاقاً رجعاًفمن العلماء من قال إنَّه طلاقٌ رجعيٌ، ويجوز للزوج مراجعة زوجته في العدَّة.