الحقبة الحجرية النحاسية: نظرة تاريخية شاملة

تمهيد عن الحقبة الحجرية النحاسية

تعرف الحقبة النحاسية بأنها الفترة الزمنية التي امتدت من حوالي 4500 قبل الميلاد وحتى 3500 قبل الميلاد. وقد اكتسبت هذه الحقبة اسمها نظرًا للتطور الذي شهده الإنسان في مجال صناعة النحاس وصهره. خلال هذه الفترة، تم صنع العديد من الرموز والعناصر الدينية الجميلة من النحاس، والتي تم العثور عليها في منطقة البحر الميت بالأردن. كما اشتهر سكان هذه الحقبة باستخدام الذهب في صناعة الحلي والمجوهرات، بينما استخدم النحاس في صناعة الأدوات المختلفة.

تعتبر الحقبة النحاسية امتدادًا للحقبة الحجرية، ويطلق عليها البعض اسم العصر الحجري الحديث. وهي بمثابة الفترة الانتقالية التي ربطت بين الحقبة الحجرية والعصر البرونزي. خلال هذه الفترة، تفوق النحاس على المعادن الأخرى في عملية التشكيل والاستخدام، وذلك قبل اكتشاف إضافة القصدير إلى النحاس لإنتاج البرونز، الذي تميز بصلابته ومتانته الأكبر، ليحل العصر البرونزي محل الحقبة النحاسية.

انتشار الحقبة الحجرية النحاسية حول العالم

شهدت مناطق مختلفة حول العالم انتشارًا للحقبة النحاسية، وتميزت كل منطقة بخصائص مختلفة في الحياة والمعيشة، تعكس الظروف البيئية والاجتماعية السائدة. فيما يلي نظرة على الحقبة النحاسية في مناطق مختلفة من العالم:

الحقبة الحجرية النحاسية في القارة الأوروبية

يرى العديد من المؤرخين أن استخدام النحاس كان له دور كبير في نشأة أولى الحضارات في أوروبا، وتحديدًا في منطقة حوض الدانوب. ظهرت في هذه المنطقة مجموعات سكانية هامة مثل: فينكا، غوميلنيتسا، سالكوتا، كوكوتيني وتيزابولغار، والتي يعتبرها المؤرخون بمثابة الدول الأولية في أوروبا. بدأت هذه المجموعات بتطوير الكتابة في تلك الفترة.

الحقبة الحجرية النحاسية في القارة الأفريقية

يعتقد البعض أن القارة الأفريقية لم تشهد مرورًا واضحًا بالحقبة النحاسية، نظرًا لعدم وجود آثار واضحة تدل على وجودها في مناطق واسعة من القارة. كما لم تترك الصحراء الكبرى أي آثار تدل على هذه الحقبة. أما مصر، فهي المنطقة الوحيدة التي تم العثور فيها على قطع نحاسية تعود إلى الحقبة النحاسية. تميزت هذه الحقبة في مصر بتطوير المصريين القدماء لحرف أخرى مثل استخدام الذهب والفضة إلى جانب النحاس.

الحقبة الحجرية النحاسية في الشرق الأوسط

تعد منطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق التي شهدت ازدهارًا للحقبة النحاسية. في منطقة الأناضول، بدأ استخدام النحاس وصهره لصنع الأدوات المختلفة. كما قام سكان المنطقة بتطوير أنظمة الري المتنوعة لنقل المياه من الأنهار إلى الحقول، مما ساهم في ازدهار الزراعة بفضل وجود نهر الفرات والأراضي الخصبة. بالإضافة إلى ذلك، لعب الموقع المتميز للمنطقة دورًا هامًا في ازدهار التجارة والتبادل الثقافي.

الحقبة الحجرية النحاسية في الأمريكتين

لا يزال الوقت الذي وصلت فيه الحقبة النحاسية إلى الأمريكتين غير محدد بدقة، وذلك بسبب تأخر اكتشاف القارة مقارنة بباقي دول العالم. يعتقد البعض أن هذه الحقبة بدأت حوالي 1000 عام قبل الميلاد. تم العثور على كميات محدودة من المعادن التي تشير إلى وجود الحقبة النحاسية في أمريكا، حيث استخدم النحاس في صناعة الأسلحة والحلي. ومع ذلك، لم تساهم هذه الصناعة بشكل كبير في التنمية الاجتماعية أو العسكرية في القارة.

جوانب هامة حول الحقبة الحجرية النحاسية

لكل حقبة تاريخية سمات وخصائص تميزها عن غيرها، وتتعلق هذه السمات بالجوانب الثقافية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها. فيما يلي بعض المعلومات الهامة حول الحقبة النحاسية:

• ظهور المعادن، وخاصة النحاس، كان له تأثير كبير على حياة البشر، حيث تحولت حياتهم من الرعي والبداوة إلى حياة أكثر استقرارًا، مع ظهور حرفة صهر النحاس وبناء المدن المسورة.
• كان العثور على النحاس النقي أمرًا صعبًا بسبب صعوبة استخراجه وصهره، مما جعله سلعة باهظة الثمن في البداية.
• تم صناعة العديد من الأدوات الهامة في الحياة اليومية، وتطورت هذه الصناعات في الشرق الأوسط بشكل خاص، وشملت المخارز والفؤوس والأزاميل والأواني ورؤوس الصولجان والمعايير المزخرفة والتيجان والحلقات.
• شهدت هذه الحقبة ظهور الفن والنحت، حيث قام النحاتون بصناعة التماثيل والمنحوتات المختلفة من العاج والحجر والجرانيت والحجر الجيري.