الحرب الكونية الأولى: الأسباب والنتائج

نظرة شاملة على الحرب العالمية الأولى: الأسباب الجذرية، الأحلاف العسكرية، سباق التسلح، أزمة البلقان، الأحداث التاريخية، والنتائج النهائية لتلك الحرب المدمرة.

مقدمة عن الحرب الكونية الأولى

الحرب الكونية الأولى، التي يُشار إليها أيضًا بـ “الحرب العظمى”، اندلعت شرارتها في الثامن والعشرين من شهر يوليو عام 1914، واستمرت حتى الحادي عشر من شهر نوفمبر عام 1918. كانت هذه الحرب صراعًا دمويًا بين قوى أوروبية متعددة، وتُعتبر من بين أشد الصراعات فتكًا في التاريخ البشري، وتركت بصمة عميقة على الخريطة السياسية للعالم. أودت بحياة ما يزيد عن تسعة ملايين شخص، وأدت إلى اندلاع ثورات واضطرابات في دول مختلفة. في هذه المقالة، سنتناول هذه الحرب بتفصيل أكبر.

الدوافع وراء الحرب الكونية الأولى

تضافرت مجموعة من العوامل والأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب الكونية الأولى، مما حول التوترات الإقليمية إلى صراع عالمي.

التحالفات العسكرية والسياسية

سعت الدول الكبرى، وعلى رأسها بريطانيا، إلى الحفاظ على نفوذها في القارة الأوروبية، مما أسفر عن تشكيل تحالفات وتعاقدات عسكرية وسياسية شملت معظم الدول الأوروبية بحلول عام 1900. ومع ذلك، تعود جذور هذه التحالفات إلى عام 1815، مع ما يُعرف بـ “التحالف المقدس” الذي ضم النمسا وروسيا وبروسيا.

في عام 1873، سعى المستشار الألماني بسمارك إلى التوفيق بين مصالح أباطرة النمسا وألمانيا وروسيا. إلا أن الخلافات بين النمسا وروسيا حول السياسات المتبعة في منطقة البلقان أدت إلى انسحاب روسيا من المفاوضات، وتحالف النمسا وألمانيا فيما عُرف بـ “التحالف الثنائي”. وفي عام 1882، انضمت إيطاليا إلى هذا التحالف، ليتحول إلى “التحالف الثلاثي”.

وفي محاولة لتجنب نشوب حرب مع روسيا، سعى بسمارك عام 1890 إلى ضمها إلى التحالف، لكنها رفضت وفضلت التحالف مع فرنسا في عام 1892. أما بريطانيا العظمى، فقد أبرمت اتفاقًا مع فرنسا وروسيا عُرف باسم “حلف الأنجلو الروسي” في عام 1907، والذي يُعرف أيضًا باسم “الوفاق الثلاثي”.

التنافس في التسلح

شهدت ألمانيا تطورًا صناعيًا واقتصاديًا ملحوظًا بعد حركة التوحيد في عام 1871. واستغل الإمبراطور فيلهلم الثاني هذه العائدات في بناء أسطول بحري قوي، مما أثار حفيظة بريطانيا، التي أطلقت بارجتها الحربية “دريدنوت” في عام 1906. وهكذا، دخلت الدول الكبرى في سباق محموم للتسلح.

أزمة منطقة البلقان

قامت الإمبراطورية النمساوية المجرية بضم البوسنة والهرسك في الفترة ما بين 1908 و 1909، وهما المنطقتان اللتان كانتا تابعتين للدولة العثمانية. أثار هذا الأمر غضب صربيا وداعميها، وأدى إلى نشوب حرب بين الدولة العثمانية ودول البلقان في عام 1912.

سلسلة الأحداث التاريخية للحرب

انقسمت الأطراف المتحاربة في الحرب الكونية الأولى إلى قسمين رئيسيين: الحلفاء، والذين شملوا بريطانيا وإيرلندا وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان وإيطاليا، ودول المركز، والتي ضمت ألمانيا والنمسا والدولة العثمانية وبلغاريا. بلغ عدد الجنود المشاركين في هذه الحرب حوالي سبعين مليون جندي.

كان التوسع الاستعماري أحد الأسباب الرئيسية للحرب، ولكن الشرارة التي أشعلت فتيلها كانت اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند وزوجته على يد طالب صربي يُدعى غافريلو برينسيب في عام 1914. أدى هذا الحادث إلى تفعيل التحالفات العسكرية، واستعداد الدول للحرب في غضون أسابيع قليلة.

اقتربت الحرب من نهايتها بعد سقوط روسيا. وافقت النمسا على الهدنة في الرابع من نوفمبر عام 1918، والتي عُرفت باسم “فيلا غوستي”. أما ألمانيا، فقد وافقت على الهدنة في الحادي عشر من نوفمبر عام 1918، بعد اندلاع ثورة نوفمبر على أراضيها. وهكذا انتهت الحرب الكونية الأولى.

حصاد الحرب الكونية الأولى

أسفرت الحرب الكونية الأولى عن مجموعة من النتائج الهامة، التي غيرت وجه العالم:

  • انهيار ثلاث إمبراطوريات كبرى: الإمبراطورية الألمانية، والإمبراطورية الروسية، والإمبراطورية النمساوية المجرية.
  • سقوط الدولة العثمانية وتقسيم تركتها.
  • تأسيس عصبة الأمم بهدف منع نشوب حروب مستقبلية.
  • ظهور الفاشية، وقيام الحرب الكونية الثانية.
Total
0
Shares
المقال السابق

الحرب الكونية الأولى: عوامل الاندلاع ومآلات الأحداث

المقال التالي

الحربان العالميتان: نظرة شاملة

مقالات مشابهة